دعوة للتطهر بالحب
تدخلنا هذه الرواية في ألفة السرد الغنائي ،ونجد أنفسنا نسبح في فضاء رومانسي قائم على التناظر والتناغم بين الإنسان والمكان بين البشر والكائنات الأخرى ، من حجروشجروأرض.. وأخيرا بين الشخصيات التي تتوزع الأدوار .
إن مصدر حيوية هذه الرواية الشيقة التي تشد القارئ منذ بدايتها رغم أنها قائمة على حبكة معقدة أو غير معقدة أو على حدث درامي .. مصدر حيويتها يتأتى من العلاقات المسرودة على لسان الشابات الثلاث الجامعيات في السكن الجامعي ، تحكي كل منهن قصتها الخاصة ، قصة حبها وما تحمله هذه القصص من تفاصيل وتفرعات في حياتهن الاجتماعية وعلاقة ذواتهن بالخارج بالإضافة إلى الأفكار حول المجتمع والقانون والحق الذي جاء على لسان إبراهيم في قصة سوزان ، ثم العلاقة مع جماليات المكان من أرض وطبيعة وبشر على لسان ماهر شقيق سلاف .
إن لكل شخصية دورها الوظيفي في السرد ودورها الفكري في القول حول الحب بالمعنى الشامل ، أو لخدمة السياق العام الذي قامت عليه الرواية التي دلّ عليها العنوان : حب أخضر.
يتساوق في هذه الرواية الغنائية والتحليل العقلي اللذان يتناوشان بشكل غير تصارعي مع القدرية . إذ تقوم الرواية على تأكيد روح الإيجاب في الإنسان وفي الطبيعة ومقدرة هذه الروح على احتواء السبب وانتزاع عدوانيته وبالتالي إلغاء
التصارع الثنائي لعدم وجود التكافؤ ، أو الندية بين السلب والإيجاب ، فالخير أو الحب هنا أقوى وهو الأقدر على الاحتواء ..
والقدرية هي نفسها ليست عاملا مأساويا لأنها متوافقة مع الروح الإيجابية التي أراد الروائي أن يؤكد عليها لأن الرواية هي رواية حب لكل شيء وإبراز لطاقة الإنسان على الحب ، وأن يرى الأشياء كلها بعين الحب ، هذا الحب الأخضر المتجدد،حب الطبيعة بسهولها وجبالها ، قراها ومدنها وبحرها، حب لحكايات الناس ولعاداتهم الطيبة ومعتقداتهم ونزوعهم الفطري نحو الحب والتعاون .. واقعية طهرانية لا ترى الأشياء إلا بعين العشاق المحبين على مبدأ : كن جميلا ترى الوجود جميلا .
إنها رواية الامتلاء بالطاقة ، بالشباب ، بالحيوية والوفرة..
وهي تدفع القارئ بهدوء إلى التأمل والإصغاء ثم التفاعل وتعطي للحب الدور المفصلي في التغيير والتطهير ..