الآن أكملت نصف عام في وظيفتي .. أذكر ذلك اليوم جيدا ، إنه في أغسطس من عام 1944م . وفيه أخبرني أحمد بيه أن الألمان قد أخلوا باريس، وبذلك نجت مدينة النور من الدمار بواسطة ماكينة الحرب الإنجليزية الأمريكية .منذ مجيئنا الخرطوم أصبحت زياراتي لفؤاد وعزيزة قليلة ومتباعدة .حالة منزلنا المخذية لم تشجعني على دعوتهم لزيارتنا في منزلنا ، وأنا واثق إنهم يقدرون ذلك . في أحد الأمسيات أحست عزيزة بالصراع الداخلي الذي أعانيه فقالت لي: ( إنني أحبك وسوف أنتظرك لآخر العمر . أجعل ثقتك في الله كبيرة .. إنني أؤكد لك بأن هذه الأزمة إلى زوال .. وأن المستقبل يحمل لك حياة عملية مستقرة ، كما تنبأ بذلك القسيس إنك لست الوحيد الذي عانى من سياسة الحكومة الخرقاء ). لقد كان كلامها بلسما بعث في نفسي روحا جديدة ، وأزال من نفسي تعذيب الضمير الذي يشعرني إنني قد أجرمت في حقها وجعلتها كالمعلقة .عندما نقلت هذا الكلام لأمي وردة ، قالت : ( إنها تضئ مثل القمر في الليل .. وتشع مثل اللؤلؤة في الطين .)
**
في أحد الأيام طلبت من مستر فيروذر أن يزيد راتبي ، فقال لي :
- كم تستحق ؟
فقلت دون تردد :
- عشرة جنيهات !
- لابد أنك تمزح !
- هذا هو آخر ما لدي .. إنني أحب فتاة وأريد أن أتزوجها و …
قبل أن أتم جملتي وجدته ، يدخل في نوبة من الضحك حتى ظننت أنه قد جن .نوبة اهتز لها كل جسده ، ودمعت عيناه ،وأختلط سعاله مع ضحكة حتى جحظت عيناه.ذهبت مسرعا للبوفيه لأحضر له كوبا من الماء، عندما عدت وجدته قد هدأ قليلا . أخذ الكأس وشرب منه جرعتين ثم مسح عينيه من الدموع ، تناول سماعة الهاتف ليحادث المدير المالي الإنجليزي : ( معي هنا صوص .. يطلب المزيد ، لأنه يريد أن يتزوج ) ثم أعقب ذلك بضحكة ووضع السماعة .جاء المدير المالي وانضم إلينا وباقي الضحك ما زال عالقا بعضلات وجهه ثم قال :
- كم يطلب هذا السعيد ليتزوج ؟
- يقول إنه يستحق عشرة جنيهات !! هل يمكننا زيادته جنيها أو جنيهين ؟ لأنه قد اجتاز فترة التجربة بنجاح
- لا مانع من زيادته جنيهان ، علها تحقق له مشروعه.
ثم التفت إليَ متسائلا :
- هل هذا يكفي؟
- في الوقت الحاضر أشكرك ، ولكن هل من زيادة أخرى بعد شهرين؟ إنني أؤدي عملي على أكمل وجه، أليس كذلك ؟
- يا لك من اوليفر تويست !! الآن أخبرني هل تعرف هذه الفتاة من قبل أم اختارتها لك أمك ؟
قلت له : ( أولا لن أتكلم عن اوليفر تويست ، لأنني لا أعرف ماذا تعني به ..) ثم حكيت له قصة حبي من الألف إلى الياء .قد أدهشني استماعه لقصتي بكل اهتمام واحترام .لقد كان هذا الإنجليزي مختلفا عن غيره .كنا نحبه لأنه يكلمنا قليلا عن نفسه وعن بريطانيا ويهتم بالشؤون الخاصة لمرءوسيه في القسم ، ويقدم لهم المساعدة الممكنة.
**
في أحد الأيام طلبت من مستر فيروذر أن يزيد راتبي ، فقال لي :
- كم تستحق ؟
فقلت دون تردد :
- عشرة جنيهات !
- لابد أنك تمزح !
- هذا هو آخر ما لدي .. إنني أحب فتاة وأريد أن أتزوجها و …
قبل أن أتم جملتي وجدته ، يدخل في نوبة من الضحك حتى ظننت أنه قد جن .نوبة اهتز لها كل جسده ، ودمعت عيناه ،وأختلط سعاله مع ضحكة حتى جحظت عيناه.ذهبت مسرعا للبوفيه لأحضر له كوبا من الماء، عندما عدت وجدته قد هدأ قليلا . أخذ الكأس وشرب منه جرعتين ثم مسح عينيه من الدموع ، تناول سماعة الهاتف ليحادث المدير المالي الإنجليزي : ( معي هنا صوص .. يطلب المزيد ، لأنه يريد أن يتزوج ) ثم أعقب ذلك بضحكة ووضع السماعة .جاء المدير المالي وانضم إلينا وباقي الضحك ما زال عالقا بعضلات وجهه ثم قال :
- كم يطلب هذا السعيد ليتزوج ؟
- يقول إنه يستحق عشرة جنيهات !! هل يمكننا زيادته جنيها أو جنيهين ؟ لأنه قد اجتاز فترة التجربة بنجاح
- لا مانع من زيادته جنيهان ، علها تحقق له مشروعه.
ثم التفت إليَ متسائلا :
- هل هذا يكفي؟
- في الوقت الحاضر أشكرك ، ولكن هل من زيادة أخرى بعد شهرين؟ إنني أؤدي عملي على أكمل وجه، أليس كذلك ؟
- يا لك من اوليفر تويست !! الآن أخبرني هل تعرف هذه الفتاة من قبل أم اختارتها لك أمك ؟
قلت له : ( أولا لن أتكلم عن اوليفر تويست ، لأنني لا أعرف ماذا تعني به ..) ثم حكيت له قصة حبي من الألف إلى الياء .قد أدهشني استماعه لقصتي بكل اهتمام واحترام .لقد كان هذا الإنجليزي مختلفا عن غيره .كنا نحبه لأنه يكلمنا قليلا عن نفسه وعن بريطانيا ويهتم بالشؤون الخاصة لمرءوسيه في القسم ، ويقدم لهم المساعدة الممكنة.