كان يمكن أن يكون هذا المشهد عادياً كبقية المشاهد، لكنه هذه المرة كان محفوفاً بالبهار! فرغم جماليات العرض إلا أن انتظاراً خفياً كان لهذا المشهد بالذات، الذي فيه بؤرة التركيز لسيرة أولاد قرف في المدينة. وخاصة (أم المدائن)؛ الأميرية. وقد أبدع أستاذ عساكر (المخرج) في استغلال وتوظيف الظرف. ولما كان هذا المشهد مرتجلاً في المرة السابقة. فقد اعتنى به المخرج، وأضاف إليه شيئاً من التشويق: وقد رأي أن يظهر الممثل هذه المرة بحجمه الحقيقي على خشبة المسرح. بدأ المشهد والستارة مغلقة بالحوار التالي بين زوجة التاجر وإبنها خالد:
ـ خالد.. يا خالد..
ـ أيوة يا موما ـ قالها بدلع.
ـ إنت خلاص فطرت؟
ـ أيوة ياموما.. قالها بعصبية.
ـ خلاص تعال وإنت راجع المدرسة، خد الفطور دة وصِّله معاك لأبوك في السوق..
ـ ما توديه الخدامة يا موما؟!
ـ خدامة الجن دي الليلة قالت عيانة، والله أنحنا تعبنا معاها!!
ـ طيب يا موما ما تديهو لهشام يوديهو؟
ـ هشام دة الليلة شال فطورو معاهو.. قال عندهم حصة بساتين في وكت الفطور!
ـ أووف. خلاص.
ومع وقع اقدام خالد عبد الفراج تزاح الستارة ويظهر حاملاً (عمود) الفطور.
صفير.. صفير. نج.. نج
ويمشي من طرف المسرح نظيفاً أنيقاً.. فهاج الجمهور. وخلطت الكثيرات بين الذي في رؤسهن والممثل. كان يدندن بأغنية لم يستبنها أحد.
إيقاع الكشكوش يصاحب وقع أقدام رينقو والزنجي وهما يتربصان به. وبعد أن تبادلا إشارة الهجوم، انطلقا. وفي وسط المسرح اصطدم به رينقو وقام الزنجي بخطف العمود وأطلقا ساقيهما للريح! وتركاه ساقطاً من مفاجأة الهجمة. هناك وراء الجمهور، كان الشماشة (الحقيقيين) يزعقون لبهجة الإنتصار ـ بد أن عادوا عقب أن قام البوليس بطردهم من مكان الإحتفال بحجة أنهم (بتاعين جبد)؛ نشالين، ورغم محاولات جو لإقناعه بحقهم في الحضور وأنه هو الذي دعاهم لمشاهدة المسرحية التي تخصهم، إلا أن البوليس أصر!!
وفي المقابل لبهجة الشماشة الحقيقيين بالمشهد. كانت اللعنات قد صُبّت عليهم من قبل عاشقات خالد عبد الفراج. وقد أسرت إحداهن لجارتها، أن لديها رغبة في أن تمسح عنه الغبار بطرحتها. وأصرت هي الأخرى أنه كان من المفروض في المسرحية أن تظهر(النج بتاعتو) في تلك اللحظة كما يحصل في الأفلام الهندية..
"آآخ.. لو كدة، كنت أنا لازم أمثل الدور دة".
وكانت تلك هي بالضبط فكرة أولاد قرف في المؤامرة التي أحبطها المنطق السائد!!
ستارة
المشهدالتالي، عبارة عن مشهدين متزامنين: لبيت التاجر، وتحت الكبري المعروف بـ(القرقف).
على الجانب الأيمن من المسرح. في بيت التاجر، حيث رجع خالد عبد الفراج لاستبدال ملابسه، وإخبار والدته بما حدث:
ـ أجي! مالك يا خالد!؟
ـ الشماشة يا موما!
ـ الشماشة مالن؟ وإنت اللّمّاك معاهُن شنو!؟
ـ خطفوا العمود يا موما ..
ـ خطفوا منك العمود؟ يخطفن الضريب!!.
ولما اقتربت منه ورأت أثر الغبار على ملابسه:
ـ ووب على الليلة ووب!! ديل عوقوك!! الله يقطعن حتة حتة. دة إنت قدرن!!؟
ـ لا يا موما. ديل صغار. يعني قدُر هشام أخوي كدة..
ـ برضو ولو تعال.. تعال.. وهم خطفوا العمود وجروا على وين؟
ـ والله ما عارف يا موما..
ـ إنشاء الله يسمّمن يا رب. لكن لا.. أنا ما حأسكت.. أنا لازم أبلغ البوليس، ديل لازم يوروهن الماشوفوهو قبّال كدة. أكل أسويهو أنا بإيدي ديل ياكلوه الشماشة أولاد الحرام!؟
وفي الجانب الآخر من المسرح كان الشماشة قد تهنّوا بوجبة دسمة عيار (...) وقد خصص أبو طويلة قدراً لا باس به للرفيق كرجويل. الذي بدأت عيناه تبرقان والحياة تدب في عروقه، بعد أن ملأ (أم درمان بتاعتو) كما علق كبوج. ثم أمر أبوطويلة رينقو ـ رجل المهمات الصعبة ـ بأن يذهب، و(يجبد) قميص، فنيلة.. أي حاجة، "عشان يعيد بيها" الرفيق كرجويل ـ كما قال أبو طويلة. وحذره:
"أوع يشوفك أي واحد.."
ورينقو لا يجادل. ويفكر في المهمة وهو في الطريق إليها. وهذا سر إعجاب أبوطويلة به ـ كما فسره للبقية ـ وبدأ يشرح لهم خطته، فهو يفكر كبطل وكرئيس (خيانة) في نفس الوقت:
ـ أسمعوا يا شكاشيك، إنتو عارفين إنو حكاية الجبد دي ما مضمونة.. ومراسيل ناس (الموقف) والورنيش دة كله ما جايب راس تمنو.. لكين الحل جانا.
إندهش الرفاق من هذا التصريح.. وواصل أبو طويلة:
ـ متذكرين كرجويل الفي الفيلم، الكان بشحد جنب (الجامع بتاع الهنود) داك؟
ـ أيوة!!
ـ لمّن مات مش البطل أحسن فيهو وكان ماشي يحرقوا؟
ـ أيوة!!
ـ تتذكروا الألوفات اللقاها في (دلاقينو) ديك؟
ـ أيوة.. أيوة!!
ـ خلاص.. أنحنا كرجويل دة نشيلو نختو جنب الجامع بتاع سوق (أم دفسو).. وكل يوم عصر نجي ناخدو ومعاهو الخمةّ.. فهمتو يا شكاشيك؟؟
...
وفي بيت عبد الفرّاج دق بشير ود الترزي الباب ثم دخل وقال:
ـ خالتي (أم خالد)، عم عبد الفراج قال ليك تديني الفطور.
ـ وإنت منو؟
ـ أنا بشير ود الترزي!
ـ وإنت أبوك ترزي ومالك مقطع كدة؟؟
لم يجد إجابة، ونظر إلى الأرض. فأمرته قائلة:
ـ أمشي قول لعمك عبد الفراج الفطور خطفوه الشماشة. خليهم يفطروا من السوق.
وأدار بشير ود الترزي عربته الوهمية هو الآخر ومضى.
عاد رينقو ظافراً مرة أخرى، ومعه قميص جديد فسأله أبو طويلة:
ـ دة جبدتو من وين؟ أوع يكون بتاع الضابط؟!
ـ لا. أنا ما جبدتو..
ـ ومال جابو ليك خالك الفي لندن؟!
وأخرج رينقو خمسين قرشاً ووضعها (بأمانة) أمام أبوطويلة ثم قال:
ـ والله أنا مشيت قلت أجبد لي قميص من داخلية الأولاد.. أي حاجة كان صاح لأنو الطلبة كلهم كانوا في الحصص. بس لمّن دخلت أتاري كان في واحد لسه ما مرق!! بس وقع البطل في الكمين! لكين الزول طلع ما من (الخيانة). وقام قال لي تحكي لي الحكاية وأنا أحلها. وقمت حكيت ليهو، قام أدّاني القميص دة، وقال لي هاك الخمسين قرش دي أنا عازمكم كلكم سينما..
ولكن رينقو أخذ صفعة حتى سقط ورأى (نجوم القايلة)! ولما استعدل جلسته عرف غلطته حين سأله أبوطويلة:
ـ وإنت عرفت من وين إنو ما من الخيانة يا (داقس)؟؟
تأكد رينقو من غلطته في إفشاء أسرار (أمن الدولة)، فسأله أبو طويلة:
ـ الزول دة إسمو منو؟
وهنا أصر المخرج أن تقال الحقيقة:
ـ جومو
وصفق الجمهور طويلاً..
هز أبو طويلة رأسه ثم أمر:
ـ الزول دة تجيب لينا خبرو... أوع تدقس تاني..
ستارة
ـ خالد.. يا خالد..
ـ أيوة يا موما ـ قالها بدلع.
ـ إنت خلاص فطرت؟
ـ أيوة ياموما.. قالها بعصبية.
ـ خلاص تعال وإنت راجع المدرسة، خد الفطور دة وصِّله معاك لأبوك في السوق..
ـ ما توديه الخدامة يا موما؟!
ـ خدامة الجن دي الليلة قالت عيانة، والله أنحنا تعبنا معاها!!
ـ طيب يا موما ما تديهو لهشام يوديهو؟
ـ هشام دة الليلة شال فطورو معاهو.. قال عندهم حصة بساتين في وكت الفطور!
ـ أووف. خلاص.
ومع وقع اقدام خالد عبد الفراج تزاح الستارة ويظهر حاملاً (عمود) الفطور.
صفير.. صفير. نج.. نج
ويمشي من طرف المسرح نظيفاً أنيقاً.. فهاج الجمهور. وخلطت الكثيرات بين الذي في رؤسهن والممثل. كان يدندن بأغنية لم يستبنها أحد.
إيقاع الكشكوش يصاحب وقع أقدام رينقو والزنجي وهما يتربصان به. وبعد أن تبادلا إشارة الهجوم، انطلقا. وفي وسط المسرح اصطدم به رينقو وقام الزنجي بخطف العمود وأطلقا ساقيهما للريح! وتركاه ساقطاً من مفاجأة الهجمة. هناك وراء الجمهور، كان الشماشة (الحقيقيين) يزعقون لبهجة الإنتصار ـ بد أن عادوا عقب أن قام البوليس بطردهم من مكان الإحتفال بحجة أنهم (بتاعين جبد)؛ نشالين، ورغم محاولات جو لإقناعه بحقهم في الحضور وأنه هو الذي دعاهم لمشاهدة المسرحية التي تخصهم، إلا أن البوليس أصر!!
وفي المقابل لبهجة الشماشة الحقيقيين بالمشهد. كانت اللعنات قد صُبّت عليهم من قبل عاشقات خالد عبد الفراج. وقد أسرت إحداهن لجارتها، أن لديها رغبة في أن تمسح عنه الغبار بطرحتها. وأصرت هي الأخرى أنه كان من المفروض في المسرحية أن تظهر(النج بتاعتو) في تلك اللحظة كما يحصل في الأفلام الهندية..
"آآخ.. لو كدة، كنت أنا لازم أمثل الدور دة".
وكانت تلك هي بالضبط فكرة أولاد قرف في المؤامرة التي أحبطها المنطق السائد!!
ستارة
المشهدالتالي، عبارة عن مشهدين متزامنين: لبيت التاجر، وتحت الكبري المعروف بـ(القرقف).
على الجانب الأيمن من المسرح. في بيت التاجر، حيث رجع خالد عبد الفراج لاستبدال ملابسه، وإخبار والدته بما حدث:
ـ أجي! مالك يا خالد!؟
ـ الشماشة يا موما!
ـ الشماشة مالن؟ وإنت اللّمّاك معاهُن شنو!؟
ـ خطفوا العمود يا موما ..
ـ خطفوا منك العمود؟ يخطفن الضريب!!.
ولما اقتربت منه ورأت أثر الغبار على ملابسه:
ـ ووب على الليلة ووب!! ديل عوقوك!! الله يقطعن حتة حتة. دة إنت قدرن!!؟
ـ لا يا موما. ديل صغار. يعني قدُر هشام أخوي كدة..
ـ برضو ولو تعال.. تعال.. وهم خطفوا العمود وجروا على وين؟
ـ والله ما عارف يا موما..
ـ إنشاء الله يسمّمن يا رب. لكن لا.. أنا ما حأسكت.. أنا لازم أبلغ البوليس، ديل لازم يوروهن الماشوفوهو قبّال كدة. أكل أسويهو أنا بإيدي ديل ياكلوه الشماشة أولاد الحرام!؟
وفي الجانب الآخر من المسرح كان الشماشة قد تهنّوا بوجبة دسمة عيار (...) وقد خصص أبو طويلة قدراً لا باس به للرفيق كرجويل. الذي بدأت عيناه تبرقان والحياة تدب في عروقه، بعد أن ملأ (أم درمان بتاعتو) كما علق كبوج. ثم أمر أبوطويلة رينقو ـ رجل المهمات الصعبة ـ بأن يذهب، و(يجبد) قميص، فنيلة.. أي حاجة، "عشان يعيد بيها" الرفيق كرجويل ـ كما قال أبو طويلة. وحذره:
"أوع يشوفك أي واحد.."
ورينقو لا يجادل. ويفكر في المهمة وهو في الطريق إليها. وهذا سر إعجاب أبوطويلة به ـ كما فسره للبقية ـ وبدأ يشرح لهم خطته، فهو يفكر كبطل وكرئيس (خيانة) في نفس الوقت:
ـ أسمعوا يا شكاشيك، إنتو عارفين إنو حكاية الجبد دي ما مضمونة.. ومراسيل ناس (الموقف) والورنيش دة كله ما جايب راس تمنو.. لكين الحل جانا.
إندهش الرفاق من هذا التصريح.. وواصل أبو طويلة:
ـ متذكرين كرجويل الفي الفيلم، الكان بشحد جنب (الجامع بتاع الهنود) داك؟
ـ أيوة!!
ـ لمّن مات مش البطل أحسن فيهو وكان ماشي يحرقوا؟
ـ أيوة!!
ـ تتذكروا الألوفات اللقاها في (دلاقينو) ديك؟
ـ أيوة.. أيوة!!
ـ خلاص.. أنحنا كرجويل دة نشيلو نختو جنب الجامع بتاع سوق (أم دفسو).. وكل يوم عصر نجي ناخدو ومعاهو الخمةّ.. فهمتو يا شكاشيك؟؟
...
وفي بيت عبد الفرّاج دق بشير ود الترزي الباب ثم دخل وقال:
ـ خالتي (أم خالد)، عم عبد الفراج قال ليك تديني الفطور.
ـ وإنت منو؟
ـ أنا بشير ود الترزي!
ـ وإنت أبوك ترزي ومالك مقطع كدة؟؟
لم يجد إجابة، ونظر إلى الأرض. فأمرته قائلة:
ـ أمشي قول لعمك عبد الفراج الفطور خطفوه الشماشة. خليهم يفطروا من السوق.
وأدار بشير ود الترزي عربته الوهمية هو الآخر ومضى.
عاد رينقو ظافراً مرة أخرى، ومعه قميص جديد فسأله أبو طويلة:
ـ دة جبدتو من وين؟ أوع يكون بتاع الضابط؟!
ـ لا. أنا ما جبدتو..
ـ ومال جابو ليك خالك الفي لندن؟!
وأخرج رينقو خمسين قرشاً ووضعها (بأمانة) أمام أبوطويلة ثم قال:
ـ والله أنا مشيت قلت أجبد لي قميص من داخلية الأولاد.. أي حاجة كان صاح لأنو الطلبة كلهم كانوا في الحصص. بس لمّن دخلت أتاري كان في واحد لسه ما مرق!! بس وقع البطل في الكمين! لكين الزول طلع ما من (الخيانة). وقام قال لي تحكي لي الحكاية وأنا أحلها. وقمت حكيت ليهو، قام أدّاني القميص دة، وقال لي هاك الخمسين قرش دي أنا عازمكم كلكم سينما..
ولكن رينقو أخذ صفعة حتى سقط ورأى (نجوم القايلة)! ولما استعدل جلسته عرف غلطته حين سأله أبوطويلة:
ـ وإنت عرفت من وين إنو ما من الخيانة يا (داقس)؟؟
تأكد رينقو من غلطته في إفشاء أسرار (أمن الدولة)، فسأله أبو طويلة:
ـ الزول دة إسمو منو؟
وهنا أصر المخرج أن تقال الحقيقة:
ـ جومو
وصفق الجمهور طويلاً..
هز أبو طويلة رأسه ثم أمر:
ـ الزول دة تجيب لينا خبرو... أوع تدقس تاني..
ستارة