الفنان الذري إبراهيم عوض
- إبراهيم عوض عبد المجيد حسن حسين داؤود قلاش من مواليد 1933 م بحي العرب بمدينة أمدرمان وينحدر أصله إلى قبيلة الكنوز النوبية والتي تتخذ من منطقة القلاشاب بمنطقة اسوان مقرا لها وحتى الأن له جذور في دراوة وأبوهور وكبراش وقد إشتهر أهله الكنوز بفن النحت وقد شارك والده ووالد اللواء خالد حسن عباس في نحت تمثال وقاعدة كتشنر الموجودة مدخل وزارة المالية . . وفي مرحلة الطفولة المبكرة إلتحق بخلوة الفكي عثمان ثم خلوة الشيخ الشريف الثوري حيث درس القرآن الكريم والفقه والسنة وقد ساعده ذلك في التمكن من إجادة اللغة وسهولة نطق الكلمات ومخارج الحروف وبعد ذلك إنتقل إلى مدرسة العناية الإبتدائية والتي كانت تجاور منزل الفنان أحمد حسن جمعة وفي السنة الثالثة انقطع عن مواصلة الدراسة بعد عدة إنذارات تلقاها من إدارة المدرسة نتيجة لعدم دفع المصاريف الدراسية والتي بلغت وقتها 15 قرشا فقط ونسبة لمرض والده ونقله للمستشفى بمنطقة اسوان لم تتمكن أسرته من توفير ذلك المبلغ في غياب عائلها وقد عمل بعد توقفه عن الدراسة ببيع الاناتيك برفقة شقيقه كمال عوض حيث كانوا يذهبون لمحل الصادق الطاهر بمنطقة ( الاسكلا ) القديمة والتي كانت بمثابة سوق عام يستقبل البضائع من كل انحاء السودان وقد كانت مهمته أخذ هذه الاناتيك والمنحوتات الخشبية والأشكال الفنية من جلود التماسيح إلى محلات الامين عبد الرحمن حيث يقومون ببيعها للسياح الأجانب وبعد ذلك إنتقل للعمل بورشة ناصر بشير لصناعة أبواب الحديد والجمالونات وقد تعلم الكثير خلال وجوده بهذه الورشة وصار بارعا في هذا النوع من الصنعة .
- مسيرته الفنية بدأت عندما بلغ سن التاسعة عشرة وكان يتردد على منزلهم صديقه علي إبراهيم إبن أخت الشاعر الكبير عبد الرحمن الريح وفي تلك الفترة تعلم عزف العود على يد علي سالم وكان يقوم بترديد أغنيات عميد الفن أحمد المصطفى مثل ( أهواك ياملاك ) و عبد الحميد يوسف ( غضبك جميل زي بسمتك ) وقد إصطحبه علي إبراهيم إلى منزل خاله عبد الرحمن الريح دون أن يلتقي به لفترة طويلة حيث كان يكبره سنا مما يتعذر الجلوس معه حسب التقليد السائد في ذلك الوقت كما وأنه كان مشغولا ايضا بتصنيع الفلكوريات الشعبية ويتخذ من منزله مقرا لعمله إلا إنه كان يتابع مايقوم به إبراهيم عوض من عزف وغناء من خلال الشباك الذي يفصل بين الغرفة التي يجلس بها إبراهيم عوض والغرفة التي خصصها للعمل وداهمهم عبد الرحمن الريح ذات يوم وأشاد به وقال له : ( صوتك متفرد وجميل ) ونصحه بالذهاب للإذاعة لمقابلة مدير الإذاعة بعد أن أهداه ثلاث اغنيات وهي هيجتني الذكرى والتي تقول كلماتها :
هيجتني الذكرى
كيف عيوني الساحرة
يا نواعم تترى
الشجون مهتاجه
والخواطر سكرى
وعلمتنى الحب والتي تقول كلماتها :
علمتنى الحب وأختفت عني
أين القاها ملهمة فني ؟
وأسرار العيون التي تقول كلماتها :
عيونك فيها من سحرالجمال أسرار
عيونك حين تعاين لي أشوف الدنيا
باسمة علي ومايله قصور
أفكر فيك امام عيني كانك زهرة بين يدي . .
وبالفعل ذهب إلى الإذاعة وبرفقته الأغنيات الثلاثة والتي كانت شرطا لإعتماد أي فنان لإجازة صوته بالإذاعة وتمت إجازة صوته بواسطة متولي عيد مدير الإذاعة وقتها وكان ذلك في العام 1953 م وفي نفس اليوم تمت إجازة صوت الفنان الراحل صلاح محمد عيسى وطلب منه تقديم أغنية واحدة فقط لبثها للجمهور ومن ثم تحديد صلاحيته كفنان بعد أخذ راي الجمهور الذي سوف يبعث خطابات تشجعك أو لا . . وقام بتسجيل أغنية هيجتني الذكرى برفقة الفرقة الموسيقية المكونة من حسن خواض ورابح حسن وعلاء الدين حمزة وبدر التهامي وبرعي محمد دفع الله وموسى محمد إبراهيم بحضور النور موسى مسئول التسجيلات في ذلك الوقت وبعد إسبوع تم بث الأغنية ثم بعدها أرسل له مدير الإذاعة لكي يحضر ويأخذ الخطابات المتوالية من الجمهور لتشجيعه على مواصلة المشوار وكانت أغلب الخطابات تتحدث عن جمال صوته وجودة أدائه وعمق ورصانة كلماته . . وهكذا أعطاه الجمهور شهادة بالنجاح كانت جواز مروره ليتربع على عرش الغناء السوداني . وأستمر الحال على ماهو عليه إلى أن أعطاه عبد الرحمن الريح أغنية بسمة الأيام والتي قام بتلحينها إبراهيم عوض في أول تجربة لحنية له وكانت سببا في إنتقاله من الدرجة الثالثة دون المرور بالدرجة الثانية وتقول كلمات أغنية بسمة الأيام :
أبسمي أيامي . . بسمة الزهر النامي
في هوى الحب السامي . . روحي وأمالي وأحلامي
ويعتبر الشاعر عبد الرحمن الريح صاحب الفضل الأول في تقديم الفنان إبراهيم عوض للجمهور وترسيخ أقدامه على قمة الفن السوداني بمجموعة جديدة من الأغنيات في لحنها وكلماتها . . وتدفق شلال الغناء الجميل وكانت تجربة إبراهيم عوض مع الشاعر الطاهر إبراهيم وهو ايضا من حي العرب وهي مرحلة النضج الفني لإبراهيم عوض فظهرت أغنيات حبيبي جنني وعزيز دنياي وأبيت الناس وفارقيه دربي ويا خائن والذكرى الجميلة وغيرها من الأغنيات الخالدة ويعتبر الطاهر إبراهيم صاحب الإسهام الأكبر في تجربة إبراهيم عوض الفنية بأشعاره وألحانه . . وتعاون إبراهيم عوض بعد ذلك مع كوكبة من الشعراء منهم إبراهيم الرشيد وسيف الدين الدسوقي والنعمان علي الله ومصطفى عبد الرحمن .
- ذكر البروفسير الفاتح الطاهر في كتابه تاريخ الموسيقى في السودان عن الفنان إبراهيم عوض مايلي :- ( إبراهيم عوض حين بدا الغناء لم يقلد أحد بل على العكس حافظ على إستقلاله لأسلوبه الخاص بالغناء وبذلك فقد أسس مدرسة جديدة في فن الغناء السوداني تتميز بالحيوية والحماس العاطفي . . ولعب دورا كبيرا في إثراء الغناء بعد تبلور أغنية الكسرة بصفتها نوعا مستقلا بعد أن كانت تؤدى في الماضي مع نهاية الأغنية الأساسية ويعود الفضل في ذلك إلى المذيع صلاح أحمد محمد صالح والفنان عثمان حسين اللذين وقفا مع فكرة الفصل التام بين الأغنية الأساسية والكسرة . . وفي ندوة بجامعة الخرطوم في اواسط العام 1956 م اشترك فيها عدد كبير من الفنانين بينهم أحمد المصطفى وعبد العزيز محمد داؤود رفض المشاركون في البداية أفكار صلاح أحمد محمد صالح إلا أنهم توصلوا بعد نقاش طويل إلى إقرار فصل الكسرة عن الأغنية الأساسية وهكذا استطاع إبراهيم عوض المتميز بصوته الجميل والمعبر كمؤدي للأغاني الخفيفة الراقصة أن ينتصر للكسرة ) .
- أول زيارة فنية لإبراهيم عوض كانت إلى جمهورية مصر العربية وجاء ذلك بسبب ترشيح الموسيقار برعي محمد دفع الله له ليقدم أغنية ( إظهر وبان عليك الأمان ) في فيلم ( إسماعيل يس طرزان ) وتلك الأغنية أعجب بها الشاعر سيف الدين الدسوقي بلحنها وأراد الإستفادة منها فوضع لها كلمات جديدة وعلى نفس لحن برعي محمد دفع الله كان مولد انشودة ( أعز مكان وطني السودان ) . . كما زار ايضا كل من لبنان والكويت والعراق وقطر والإمارات وسلطنة عمان والبحرين والسعودية واليمن وأثيوبيا واريتريا والصومال وإنجلترا والمانيا وتشيكوسلوفاكيا السابقة وفرنسا وروسيا والصين والولايات المتحدة الأمريكية .
- إشتهر إبراهيم عوض بتسريحته والتي سميت ( بالبقوديه ) وتعود قصتها إلى محض الصدفة ففي أثناء عمله في ورشة ناصر بشير لصناعة ابواب الحديد والجمالونات وكانت عملية إستخدام الزيت ( الرجيع ) ملازمة لطبيعة عمله ودون قصد منه كان يقوم بحك شعره ومسحه ونتيجة لإختلاط الشعر بذلك الزيت أصبح غزيرا بصورة ملفتة وكان وقتها مولعا بحضور الأفلام الغربية في سينما الوطنية امدرمان وأقتبس تلك التسريحة من خلال أحد أبطال تلك الأفلام وقام بهندسة الشعر وعمل ( الشقة ) الشهيرة له ونتيجة لإنتشار أغنياته صارت مجموعة من الشباب تقوم بتقليده وسميت التسريحة فيما بعد بتسريحة إبراهيم عوض . . واكثر ما يلفت الأنظار إليه إهتمامه بمظهره وهندامه وأناقته والصور المرفقة مع هذا البوست تثبت لنا ذلك ورغم تلك الأناقة والوسامة فقد كان قوي البنية حيث أكسبه عمله في الورشة قوى جسمانية هائلة وهناك نادرة تحكى في حي العرب أن الشباب تقسموا فرق للمراقبة الليلية اللصوص وفي الليلة التي كانت نوبة إبراهيم عوض تسلل أحد اللصوص إلى الحي ليفاجأ بلكمة قوية من إبراهيم عوض أفقدته الوعي وعرضت إبراهيم عوض إلى المسألة القانونية وهي حكاية مشهورة ومتواترة في حي العرب .
- أطلق عليه الصحفي الراحل رحمي سليمان لقب الفنان الذري ذلك حين كانت اثار القنبلة الذريه في العالم قد فعلت فعلتها في هيروشيما بعد الحرب العالمية الثانية . . وهو أول مطرب سوداني تغنى من خلال التلفزيون السوداني في العام 1963 م على عهد الرئيس الأسبق المرحوم إبراهيم عبود .
- أغنية عزيز دنياي من الأغنيات الرائعة التي سكنت في وجدان الشعب السوداني وأصبح يطلق إسمها على كل من إسمه عبد العزيز . . وأغنية تحدي للشاعر إبراهيم الرشيد توقف عن تقديمها لان كلماتها تقول : ( أتحداك لو ماتنسيني ) إكراما للمرأة السودانية .. وأغنية أبو عيون كحيلة هي مجاراة لأغنية ( أبو عيون جرئية ) للفنان المصري عبد الحليم حافظ . . وأغنية ياصباح يازاكي العبير مجاراة لأغنية ( القمح الليلة ) للفنان المصري محمد عبد الوهاب .
- تزوج من السيدة الكريمة علوية حامد خريجة جامعة القاهرة فرع الخرطوم سابقا وله من الأبناء عوض ( منذر ) ومازن والتؤام هاشم وحسن ومجتبى ومحمد وسمي عوض أيضا بإسم منذر ولذلك قصة تعود حينما كان الفنان إبراهيم عوض في الحرم المكي بمكة المكرمة وفي مقام سيدنا إبراهيم دخل أحد الأشخاص وقال له مبروك منذر وسلم عليه إبراهيم عوض بدهشه لأنه لم يكن يعرفه وبعد يومين وضعت زوجته ولد وعند عودته للسودان وجد
اخوته أسموه عوض تيمنا بوالده وصار له بذلك إسمان . . وله من الأخوان و الأخوات محمد , شرف , كمال , حسن ونفيسة . . وعرف عنه حميمته مع أسرته وعندما تعرض أحد أبنائه لمشكلة في أفغانستان في احداث 11/ سبتمبر تأثر إبراهيم عوض ودخل في حالة من الحزن والإحباط لم يخرج منها إلا عندما أطلق سراح إبنه وعاد إلى أحضانه . .
- الأغنيات :-
- الشاعر عبد الرحمن الريح : هيجتني الذكرى , علمتني الحب , أسرار العيون , بسمة الآيام , تحية الشروق , ألم الفراق , ياغائب عن عيني , أنفاس الزهر ( نفسك أبية وروحك خفيفة وليك جاذبية ) , الدنيا منى وأحلام , ياعيد تعود ياعيد , هوى الروح , ابوعيون كحيلة , انا عمري ما حبيت غير الجمال , كيف أنسى سيد روحي , ليه ياقاسي , أه ياناري , الليله شوفتك مستحيلة , بعد الوداع , متين ياربي تاني تلمنا .
- الشاعر الطاهر إبراهيم : عزيز دنياي , حبيبي جنني , لو بعدي بيرضيه , ياخائن , الذكرى الجميلة لو تعرف معناها , مهما تغيب عني يالحبيب , ملاذ أفكارنا , عهود , إعتذار , غصبا عني , شاركي حياتي , ليه تظلمني , الايام ( إختاروا اسايا ) , انت ليه سهرت عيني , أبيت الناس , متين ياروحي نتلاقى فراقك ناره حراقه , فارقيه دربي .
- الشاعر إبراهيم الرشيد : لو داير تسيبنا , يازمن وقف شوية , لو مشتاق حقيقة , سحابة صيف ( الزمان أشقاني مرة ) , ابقى ظالم , وشاية , وسيم الطلعة , غالي علي , صوت فلسطين , تحدي .
- الشاعر محجوب سراج : ليه بتسأل , مين قساك , قاصدني مامخليني .
- الشاعر سيف الدين الدسوقي : المصير , أيوه جيتكم يا حبايب, المرأى الجميل , كفاح شعب , ياوطن , أعز مكان وطني السودان .
- الشاعر حسين عثمان منصور : شهر العسل .
- الشاعر إسحاق الحلنقي : دنيا غريبة , جمال الثوار .
- الشاعر عبد المنعم عبد الحي : جمال دنيانا .
- الشاعر عثمان خالد : قلبك حجر .
- الشاعر بشير عبد العال : سلوى .
- الشاعر النعمان علي الله : مابقدر أبوح مابقدر أصرح
- الشاعر محجوب بكر : بيتنا نور .
- الشاعر حسين محمود جقود : بي حنيني .
- الشاعر مصطفى عبد الرحيم : تذكار عزيز .
- الشاعر عوض احمد خليفة : غاية الامال .
- الشاعر صديق موسى : مشاعل النور .
- الشاعر السر دوليب : عني مين قول ليا حاجبك .
- الشاعر محمد مرجان : حكمة رمضان .
- الشاعر محمد الطيب عربي : طريق الثوار .
- الشاعر مصطفى عبد العزيز : زهرة ناديه .
- من اغنيات التراث : الوافر ضراعه .
- وقام بتلحين أغنيات إبراهيم عوض :-
عبد الرحمن الريح : هيجتني الذكرى , تحية الشروق , ياغائب عن العين , انفاس الزهر , علمتني الحب , أسرار العيون , هوى الروح , الدنيا منى وأحلام , كيف انسى سيد روحي , انا ما حبيت غير الجمال , بعد الوداع , ياعيد تعود يا عيد , الليلة شوفتك مستحيلة , أبو عيون كحيلة, متين ياربي تاني تلمنا , يا صباح يازاكي العبير .
الطاهر إبراهيم : عزيز دنياي , الأيام , لو بعديه بيرضيه , أبيت الناس , عهود , يا خائن , حبيبي جنني , غصبا عني , إعتذار , شاركي حياتي , ليه تظلمني , الذكرى الجميلة , مهما تغيب , ملاذ أفكارنا ,فارقيه دربي , انت ليه سهرت عيني , متين ياروحي نتلاقى , فارقيه دربي .
عبد اللطيف خضر : غاية الأمال , تذكار عزيز , دنيا غريبة , لو مشتاق حقيقة , المصير , زهرة ناديه , قلبك حجر , أبقى ظالم , سحابة صيف ( الزمان اشقاني مرة ) , لو داير تسيبنا , ما بقدر أبوح , وسيم الطلعة , وشاية , يا زمن وقف شوية , طريق الثورة , يا وطن , جمال الثوار .
السني الضوي : ليه بتسال , مين قساك , قاصدني مامخليني , المرأى الجميل .
برعي محمد دفع الله : جمال دنيانا , أعز مكان وطني السودان .
احمد زاهر : بي حنيني .
بشير عبد العال : سلوى , مشاعل النور .
عبد الكريم الكابلي : عني مين قول ليا حاجبك .
إبراهيم عوض لحن الأغنيات : بسمة الأيام , شهر العسل , ألم الفراق , تحدي , غالي علي , لو قلت ليك , أيامي الحلوة , ليه ياقاسي , كفاح شعب , بيتنا نور , دائما مساهر ليه , صوت فلسطين , أه ياناري .
- توفي الفنان إبراهيم عوض يوم الثلاثاء 25 من ربيع الأخر 1427 هـ الموافق 23/5/2006 م رحمه الله رحمة واسعة تليق بمقدار ما قدم لفنه ووطنه من عطاء خالد وإن رحل بجسده فأنه سيظل في وجدان كل الشعب السوداني من خلال أغنياته المستقرة في الأفئدة وطبت حيا وطبت ميتا وسلام عليك في الخالدين . .