السيرة الذاتية
الطيب صالح - أو "عبقري الرواية العربية" كما جرى بعض النقاد على تسميته-
أديب عربي من السودان،إسمه الكامل الطيب محمد صالح أحمد. ولد عام (1348هـ
- 1929م) في إقليم مروي
شمالي السودان بقرية كَرْمَكوْل بالقرب من قرية دبة الفقراء وهي إحدى قرى
قبيلة الركابية التي ينتسب إليها، وتوفي في أحدي مستشفيات العاصمة
البريطانية لندن
التي أقام فيها في ليلة الأربعاء 18 شباط/فبراير 2009 الموافق 23 صفر
1430هـ. عاش مطلع حياته وطفولته في ذلك الإقليم، و في شبابه إنتقل إلى الخرطوم لإكمال دراسته فحصل من جامعتها على درجة البكالوريوس في العلوم. سافر إلى إنجلترا حيث واصل دراسته، و غيّر تخصصه إلى دراسة الشؤون الدولية السياسية.
حياته المهنية
تنقل الطيب صالح بين عدة مواقع مهنية فعدا عن خبرة قصيرة في إدارة مدرسة، عمل ----الطيب صالح لسنوات طويلة من حياته في القسم العربي لهيئة الإذاعة البريطانية,
وترقى بها حتى وصل إلى منصب مدير قسم الدراما, وبعد استقالته من البي بي
سي عاد إلى السودان وعمل لفترة في الإذاعة السودانية, ثم هاجر إلى دولة
قطر وعمل في وزارة إعلامها وكيلاً ومشرفاً على أجهزتها. عمل بعد ذلك
مديراً إقليمياً بمنظمة اليونيسكو في باريس, وعمل ممثلاً لهذه المنظمة في
الخليج العربي. ويمكن القول أن حالة الترحال والتنقل بين الشرق والغرب
والشمال والجنوب أكسبته خبرة واسعة بأحوال الحياة والعالم وأهم من ذلك
أحوال أمته وقضاياها وهو ما وظفه في كتاباته وأعماله الروائية وخاصة
روايته العالمية "موسم الهجرة إلى الشمال".
كتابته تتطرق بصورة عامة إلى السياسة، والى مواضيع اخرى متعلقة بالاستعمار,
والمجتمع العربي والعلاقة بينه وبين الغرب. في اعقاب سكنه لسنوات طويلة في
بريطانيا فان كتابته تتطرق إلى الاختلافات بين الحضارتين الغربية
والشرقية. الطيب صالح معروف كأحد أشهر الكتاب في يومنا هذا، لا سيما بسبب
قصصه القصيرة، التي تقف في صف واحد مع جبران خليل جبران، طه حسين ونجيب محفوظ.
أدبه
الطيب صالح كتب العديد من الروايات التي ترجمت إلى أكثر من ثلاثين لغة وهي « موسم الهجرة إلى الشمال» و«عرس الزين» و«مريود» و«ضو البيت» و«دومة ود حامد» و«منسى». تعتبر روايته "موسم الهجرة إلى الشمال"
واحدة من أفضل مائة رواية في العالم. وقد حصلت على العديد من الجوائز. وقد
نشرت لأول مرة في اواخر الستينات من القرن العشرين في بيروت وتم تتويجه
ك"عبقري الأدب العربي". في عام 2001 تم الإعتراف بكتابه من قبل الأكاديمية العربية في دمشق على أنه "الرواية العربية الأفضل في القرن العشرين.
أصدر الطيب صالح ثلاث روايات وعدة مجموعات قصصية قصيرة. روايته "عرس الزين" حولت إلى دراما في ليبيا و لفيلم سينمائي من إخراج المخرج الكويتي خالد صديق في أواخر السبعينات حيث فاز في مهرجان كان.
في مجال الصحافة، كتب الطيب صالح خلال عشرة أعوام عموداً أسبوعياً في
صحيفة لندنية تصدر بالعربية تحت إسم "المجلة". خلال عمله في هيئة الإذاعة
البريطانية تطرق الطيب صالح إلى مواضيع أدبية متنوعة. منذ عشرة أعوام يعيش
في باريس حيث يتنقل بين مهن مختلفة، آخرها كان عمله كممثل اليونسكو لدول الخليج.
رواياته
ومن المفهوم أن رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" نالت شهرتها من كونها
من أولى الروايات التي تناولت، بشكل فني راق، الصدام بين الحضارات وموقف
إنسان العالم الثالث ـ النامي ورؤيته للعالم الأول المتقدم، ذلك الصدام
الذي تجلى في الأعمال الوحشية دائماً، والرقيقة الشجية أحياناً، لبطل
الرواية "مصطفى سعيد".
وآخر الدراسات الحديثة التي تناولت رواية "موسم الهجرة إلى الشمال"
ورواية "بندر شاه" للمؤلف نفسه، تلك الدراسة التي نشرت أخيراً في سلسلة
حوليات كلية الآداب التي يصدرها مجلس النشر العلمي في جامعة الكويت بعنوان
"رؤية الموت ودلالتها في عالم الطيب صالح الروائي، من خلال روايتي: موسم
الهجرة إلى الشمال، وبندر شاه" للدكتور عبد الرحمن عبد الرؤوف
الخانجي،الأستاذ في قسم اللغة العربية ـ كلية الآداب جامعة الملك سعود.
تتناول الدراسة بالبحث والتحليل رؤية الموت ودلالتها في أدب الطيب صالح
الروائي في عملين بارزين من أعماله هما: "موسم الهجرة إلى الشمال" و"بندر
شاه"، وتنقسم الدراسة إلى قسمين كبيرين وخاتمة.
يعالج القسم الأول منهما محوري الموت الرئيسيين في هاتين الروايتين:
محور موت الأنثى، وهو موت آثم يرتبط في أكثر معانيه بغريزة الجنس ولا يخلو
من عنف أم خطيئة، وموت الرجل وهو موت نبيل يرتبط بالكبرياء والسمو ولا
يخلو من تضحية ونكران ذات.
هذان العالمان المتمايزان يثير الروائي من خلالهما عدداً من القضايا
السياسية والاجتماعية والفكرية والنفسية، توحي بأزمة الصراع المكثف بين
حضارتي الشرق والغرب فكأن المقابلة بين الأنثى والرجل ووضعهما في إطارين
متمايزين من خلال الموت... وهي مقابلة من صنع مؤلف الدراسة لا الروائي ـ
تلك الرؤية الفنية ترمي إلى اختصار الصراع بين عالمين مختلفين حضارياً:
شمال ـ جنوب، هي في النهاية المعادل الفني لأزلية الصراع بين الشر والخير
ممثلين في الأنثى ـ الشر، الخير ـ الرجل، و: شمال ـ أنثى ـ شر، جنوب ـ رجل
ـ خير، بما لذلك من مردود أسطوري في وعي وذاكرة الإنسان الشرقي، وهو ما لم
تشر إليه الدراسة مكتفية بتتبع أنواع الموت وطرائقه التي تمارس من قبل
الرجل في الروايتين.
فالمرأة في موسم الهجرة إلى الشمال ضحية لرجل ـ دائماً ـ بينما الرجل
ضحية ـ أيضاً ـ لظروف مجتمعية ساهم في خلقها مجتمع الضحية الأنثى بشكل ما،
فعلاقة مصطفى سعيد بالأنثى هي دائماً علاقة آخرها موت مدمر إذ إن "مصطفى"
ـ كما يلاحظ المؤلف ـ ينتقم في شخص الأنثى الغربية لسنوات الذل والقهر
والاستعمار لينتهي بها الأمر إلى قتل نفسها بنفسها.
موت الرجل ـ وهو المحور الثاني من القسم الأول ـ فهو دائماً موت علوي
تتجلى دلالاته في العودة إلى النيل مصدر الحياة "ذهب من حيث أتى من الماء
إلى الماء" كما في بندر شاه.
ويتناول القسم الثاني من الدراسة الدلالات الفكرية المتصلة بعالمي
الموت وكيف عبرت الروايتان عن هذه الدلالات في قوالب فنية منتهياً إلى
أشكال الموت لدى الطيب صالح توزعت على أطر ثلاثة: الموت ـ الوفاة الموت ـ
القتل الموت ـ الإنتحار وكل إطار من هذه الأطر الثلاثة عن رؤى فكرية
وفلسفية ونفسية اقتضتها طبيعة الأحداث والمواقف... لكن النمط الأكثر
بروزاً من أنماط الموت الثلاثة السابقة هو النمط الثاني الذي يمثله: الموت
ـ القتل، حين جعلته رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" يفجر طاقات متباينة من
الدلالات الفكرية ووظائفها الفنية، وظل الموت ـ القتل في صراع الشخصيات
يتراوح بين السلب والإيجاب وبين الرفض والقبول وبين القوة والضعف وتتبع
الدراسة التجليات المختلفة لهذا النوع من الموت عبر روايتي: "موسم الهجرة
إلى الشمال" و"بندر شاه". وتخلص الدراسة ـ عبر خاتمتها ـ إلى أن للموت
سلطاناً لا ينكر على عالم الطيب صالح الروائي فقد وفق الروائي من خلال
بناء هذا العالم في تقديم عطيل جديد هو: مصطفى سعيد عطيل القرن العشرين
الذي حاول عقله أن يستوعب حضارة الغرب لا يبالي ولا يهاب، له القدرة على
الفعل والإنجاز، يحارب الغرب بأسلحة الغرب.
وبعد: سوف يبقى الطيب صالح وأعماله الروائية والقصصية ذخيرة لا تنضب
لبحث الباحثين نقاداً كانوا أم مؤرخين، فهو عالم ثري مليء بقضايا إنسان
العالم الثالث الذي آمن به الطيب صالح وعبر عن همومه وآلامه، أفراحه
وإحباطاته.
وفاته
توفي في يوم الأربعاء 18 فبراير عام 2009 في لندن.
وشيع جثمانه يوم الجمعة 20 فبراير في السودان حيث حضر جنازته عدد كبير من الشخصيات البارزة والكتاب العرب والرئيسس السوداني عمر البشيرو
السيد الصادق المهدي المفكر السوداني والرئيس السابق المنتخب والسيد محمد
عثمان الميرغني رئيس سابق للسودان ولم يعلن التلفزيون السوداني ولا
الاذاعات الحداد على الطيب صالح لكنها خصصت الكثير من النشرات الاخبارية
والبرامج للحديث عنه
الطيب صالح - أو "عبقري الرواية العربية" كما جرى بعض النقاد على تسميته-
أديب عربي من السودان،إسمه الكامل الطيب محمد صالح أحمد. ولد عام (1348هـ
- 1929م) في إقليم مروي
شمالي السودان بقرية كَرْمَكوْل بالقرب من قرية دبة الفقراء وهي إحدى قرى
قبيلة الركابية التي ينتسب إليها، وتوفي في أحدي مستشفيات العاصمة
البريطانية لندن
التي أقام فيها في ليلة الأربعاء 18 شباط/فبراير 2009 الموافق 23 صفر
1430هـ. عاش مطلع حياته وطفولته في ذلك الإقليم، و في شبابه إنتقل إلى الخرطوم لإكمال دراسته فحصل من جامعتها على درجة البكالوريوس في العلوم. سافر إلى إنجلترا حيث واصل دراسته، و غيّر تخصصه إلى دراسة الشؤون الدولية السياسية.
حياته المهنية
تنقل الطيب صالح بين عدة مواقع مهنية فعدا عن خبرة قصيرة في إدارة مدرسة، عمل ----الطيب صالح لسنوات طويلة من حياته في القسم العربي لهيئة الإذاعة البريطانية,
وترقى بها حتى وصل إلى منصب مدير قسم الدراما, وبعد استقالته من البي بي
سي عاد إلى السودان وعمل لفترة في الإذاعة السودانية, ثم هاجر إلى دولة
قطر وعمل في وزارة إعلامها وكيلاً ومشرفاً على أجهزتها. عمل بعد ذلك
مديراً إقليمياً بمنظمة اليونيسكو في باريس, وعمل ممثلاً لهذه المنظمة في
الخليج العربي. ويمكن القول أن حالة الترحال والتنقل بين الشرق والغرب
والشمال والجنوب أكسبته خبرة واسعة بأحوال الحياة والعالم وأهم من ذلك
أحوال أمته وقضاياها وهو ما وظفه في كتاباته وأعماله الروائية وخاصة
روايته العالمية "موسم الهجرة إلى الشمال".
كتابته تتطرق بصورة عامة إلى السياسة، والى مواضيع اخرى متعلقة بالاستعمار,
والمجتمع العربي والعلاقة بينه وبين الغرب. في اعقاب سكنه لسنوات طويلة في
بريطانيا فان كتابته تتطرق إلى الاختلافات بين الحضارتين الغربية
والشرقية. الطيب صالح معروف كأحد أشهر الكتاب في يومنا هذا، لا سيما بسبب
قصصه القصيرة، التي تقف في صف واحد مع جبران خليل جبران، طه حسين ونجيب محفوظ.
أدبه
الطيب صالح كتب العديد من الروايات التي ترجمت إلى أكثر من ثلاثين لغة وهي « موسم الهجرة إلى الشمال» و«عرس الزين» و«مريود» و«ضو البيت» و«دومة ود حامد» و«منسى». تعتبر روايته "موسم الهجرة إلى الشمال"
واحدة من أفضل مائة رواية في العالم. وقد حصلت على العديد من الجوائز. وقد
نشرت لأول مرة في اواخر الستينات من القرن العشرين في بيروت وتم تتويجه
ك"عبقري الأدب العربي". في عام 2001 تم الإعتراف بكتابه من قبل الأكاديمية العربية في دمشق على أنه "الرواية العربية الأفضل في القرن العشرين.
أصدر الطيب صالح ثلاث روايات وعدة مجموعات قصصية قصيرة. روايته "عرس الزين" حولت إلى دراما في ليبيا و لفيلم سينمائي من إخراج المخرج الكويتي خالد صديق في أواخر السبعينات حيث فاز في مهرجان كان.
في مجال الصحافة، كتب الطيب صالح خلال عشرة أعوام عموداً أسبوعياً في
صحيفة لندنية تصدر بالعربية تحت إسم "المجلة". خلال عمله في هيئة الإذاعة
البريطانية تطرق الطيب صالح إلى مواضيع أدبية متنوعة. منذ عشرة أعوام يعيش
في باريس حيث يتنقل بين مهن مختلفة، آخرها كان عمله كممثل اليونسكو لدول الخليج.
رواياته
- موسم الهجرة إلى الشمال
- ضو البيت (بندر شاه): أحدوثة عن كون الأب ضحية لأبيه و إبنه
- دومة ود حامد ويتناول فيها مشكلة الفقر وسوء التعاطي معه من
قبل الفقراء أنفسهم من جهة، و إستغلال الإقطاعيين الذين لا يهمهم سوى
زيادة أموالهم دون رحمة من جهة أخرى. - عرس الزين
- مريود
ومن المفهوم أن رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" نالت شهرتها من كونها
من أولى الروايات التي تناولت، بشكل فني راق، الصدام بين الحضارات وموقف
إنسان العالم الثالث ـ النامي ورؤيته للعالم الأول المتقدم، ذلك الصدام
الذي تجلى في الأعمال الوحشية دائماً، والرقيقة الشجية أحياناً، لبطل
الرواية "مصطفى سعيد".
وآخر الدراسات الحديثة التي تناولت رواية "موسم الهجرة إلى الشمال"
ورواية "بندر شاه" للمؤلف نفسه، تلك الدراسة التي نشرت أخيراً في سلسلة
حوليات كلية الآداب التي يصدرها مجلس النشر العلمي في جامعة الكويت بعنوان
"رؤية الموت ودلالتها في عالم الطيب صالح الروائي، من خلال روايتي: موسم
الهجرة إلى الشمال، وبندر شاه" للدكتور عبد الرحمن عبد الرؤوف
الخانجي،الأستاذ في قسم اللغة العربية ـ كلية الآداب جامعة الملك سعود.
تتناول الدراسة بالبحث والتحليل رؤية الموت ودلالتها في أدب الطيب صالح
الروائي في عملين بارزين من أعماله هما: "موسم الهجرة إلى الشمال" و"بندر
شاه"، وتنقسم الدراسة إلى قسمين كبيرين وخاتمة.
يعالج القسم الأول منهما محوري الموت الرئيسيين في هاتين الروايتين:
محور موت الأنثى، وهو موت آثم يرتبط في أكثر معانيه بغريزة الجنس ولا يخلو
من عنف أم خطيئة، وموت الرجل وهو موت نبيل يرتبط بالكبرياء والسمو ولا
يخلو من تضحية ونكران ذات.
هذان العالمان المتمايزان يثير الروائي من خلالهما عدداً من القضايا
السياسية والاجتماعية والفكرية والنفسية، توحي بأزمة الصراع المكثف بين
حضارتي الشرق والغرب فكأن المقابلة بين الأنثى والرجل ووضعهما في إطارين
متمايزين من خلال الموت... وهي مقابلة من صنع مؤلف الدراسة لا الروائي ـ
تلك الرؤية الفنية ترمي إلى اختصار الصراع بين عالمين مختلفين حضارياً:
شمال ـ جنوب، هي في النهاية المعادل الفني لأزلية الصراع بين الشر والخير
ممثلين في الأنثى ـ الشر، الخير ـ الرجل، و: شمال ـ أنثى ـ شر، جنوب ـ رجل
ـ خير، بما لذلك من مردود أسطوري في وعي وذاكرة الإنسان الشرقي، وهو ما لم
تشر إليه الدراسة مكتفية بتتبع أنواع الموت وطرائقه التي تمارس من قبل
الرجل في الروايتين.
فالمرأة في موسم الهجرة إلى الشمال ضحية لرجل ـ دائماً ـ بينما الرجل
ضحية ـ أيضاً ـ لظروف مجتمعية ساهم في خلقها مجتمع الضحية الأنثى بشكل ما،
فعلاقة مصطفى سعيد بالأنثى هي دائماً علاقة آخرها موت مدمر إذ إن "مصطفى"
ـ كما يلاحظ المؤلف ـ ينتقم في شخص الأنثى الغربية لسنوات الذل والقهر
والاستعمار لينتهي بها الأمر إلى قتل نفسها بنفسها.
موت الرجل ـ وهو المحور الثاني من القسم الأول ـ فهو دائماً موت علوي
تتجلى دلالاته في العودة إلى النيل مصدر الحياة "ذهب من حيث أتى من الماء
إلى الماء" كما في بندر شاه.
ويتناول القسم الثاني من الدراسة الدلالات الفكرية المتصلة بعالمي
الموت وكيف عبرت الروايتان عن هذه الدلالات في قوالب فنية منتهياً إلى
أشكال الموت لدى الطيب صالح توزعت على أطر ثلاثة: الموت ـ الوفاة الموت ـ
القتل الموت ـ الإنتحار وكل إطار من هذه الأطر الثلاثة عن رؤى فكرية
وفلسفية ونفسية اقتضتها طبيعة الأحداث والمواقف... لكن النمط الأكثر
بروزاً من أنماط الموت الثلاثة السابقة هو النمط الثاني الذي يمثله: الموت
ـ القتل، حين جعلته رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" يفجر طاقات متباينة من
الدلالات الفكرية ووظائفها الفنية، وظل الموت ـ القتل في صراع الشخصيات
يتراوح بين السلب والإيجاب وبين الرفض والقبول وبين القوة والضعف وتتبع
الدراسة التجليات المختلفة لهذا النوع من الموت عبر روايتي: "موسم الهجرة
إلى الشمال" و"بندر شاه". وتخلص الدراسة ـ عبر خاتمتها ـ إلى أن للموت
سلطاناً لا ينكر على عالم الطيب صالح الروائي فقد وفق الروائي من خلال
بناء هذا العالم في تقديم عطيل جديد هو: مصطفى سعيد عطيل القرن العشرين
الذي حاول عقله أن يستوعب حضارة الغرب لا يبالي ولا يهاب، له القدرة على
الفعل والإنجاز، يحارب الغرب بأسلحة الغرب.
وبعد: سوف يبقى الطيب صالح وأعماله الروائية والقصصية ذخيرة لا تنضب
لبحث الباحثين نقاداً كانوا أم مؤرخين، فهو عالم ثري مليء بقضايا إنسان
العالم الثالث الذي آمن به الطيب صالح وعبر عن همومه وآلامه، أفراحه
وإحباطاته.
وفاته
توفي في يوم الأربعاء 18 فبراير عام 2009 في لندن.
وشيع جثمانه يوم الجمعة 20 فبراير في السودان حيث حضر جنازته عدد كبير من الشخصيات البارزة والكتاب العرب والرئيسس السوداني عمر البشيرو
السيد الصادق المهدي المفكر السوداني والرئيس السابق المنتخب والسيد محمد
عثمان الميرغني رئيس سابق للسودان ولم يعلن التلفزيون السوداني ولا
الاذاعات الحداد على الطيب صالح لكنها خصصت الكثير من النشرات الاخبارية
والبرامج للحديث عنه