بحبك بنسق المسافات المرعية ، وبفواصل الكلمات الصامتة في حضورك البهي ، وبألق الصبح المتنفس على زفرات حبي الحرَّى ، كم من مرة التقينا وبالإشارة تكلمنا ، كم برقت من بين ثنياك ابتسامة أصابت شغافي ، فبت ُّ أرقب لقياك ، وجفت جنابي مضجعي ، فقد حار فكري وجال خاطري محدقاً في إبداعي إلهي تجلي في أحسن تقويم لم أجد في قاموس مفرداتي من الكلمات ما تناسب الحال ، عجزت وخارت قواي فأصبت صريعاً لكي أنتي أيتها الصغيرة البهية ، فأنت السمو في فهم التسامح والعدل والرحمة ، فقد سمقت عن أترابك وتجاوزتي بعقلك عمر جيل .
عرفتك طاهرة نقية ، صادقة ، عفيفة عرفتك باطناً قبل أن أجسد بياض جبينك وطول شعرك ولمعان أسنانك فهذه مفاتح لشخصك وجمال ظاهري ينجلي مع الأيام ، ولكني توقفت عند ذاك الشُعاع الداخلي الذي خلب عقلي وأسر فكري فقد استقر حبك سويداء قلبي ، وباءت محاولات الهرب منك إلا إليك ، فأنت المشتهى وأنت المنتهى مراراً وتكراراً ، فقد سكن حبك بين جوانحي واستقر في شغاف قلبي ، فشغفت بك حتى حمَّ جسمي من أرق فعجزت السير من هزال وأصبحت مقصوص الجناح ، فقد أذلني الهوى وأنا الذليل ، فلئن سألني الأخلاء عن حالي حين قالوا ويحك ماذا دهاك يافتى ، قلت أصابني داء عضال حار دون دوائه الطب !! إلا طبيباً واحداً ، قالوا أين هو ، فقلت لهم طبيب يتمنع عليَ بالبلسم الريَاق ويتلذذ بعذابي وهو العالم بسر دوائي ، قالوا ما دوائك ؟ قلت : رشفة من شفتيه تسكن ألمي الحراق ، قالوا : كف عن هذا الهراء ، مسست ؟ قلت : كلا إنه ترياق الحب إن كان للحب ترياق .
حبيبتي : هذا ما جرى وسأخبرك بحالي متى ساءت حالتي
حبيبتي
كثيراً ما يراودني هذا السؤال : لماذا نحن نبالغ في تمجيد البطولة والشهامة والكرم.. ونزدري الحب ولا نعترف بوجوده إلاَّ في الأشعار والأغاني والتمثيليات؟
كان ابن حزم الأندلسي واحداً من فلاسفة الحب العالميين في زمانه.. أتصوره لو بعث هذه الأيام وطلع على الناس بفلسفة الحب من جديد لرجموه.. سيقول لهم بكل اطمئنان في مقدمة كتابه «طوق الحمامة».. «أريحوا النفوس فإنها تصدأ كما يصدأ الحديد».. ثم يواصل حديثه عن جلال الحب فيقول: «دقت معانيه لجلالتها عن أن توصف.. فلا تدرك حقيقتها إلاّ بالمعاناة.. وليس بمنكر في الديانة ولا بمحظور في الشريعة.. إذ القلوب بيد الله عز وجل».. ورغم أن الفلاسفة اتفقوا على أن الحب قيمة جمالية في حياة البشر.. إلاّ أنهم اختلفوا في تعريفه.. لكن ابن حزم الذي كان متأثراً بأفلاطون ذهب إلى أن الحب اتصال بين أجزاء النفوس المعشوقة يتولد عنه تأملات عذبة وخيالات جميلة.. ولعمري أن هذا هو التعريف الأصدق والأعمق.. ورغم أن الحب طبيعة شديدة الخصوصية إلاّ إن الأدباء والشعراء يطرقون بابه ويتغنون به على مشهد من الجميع ومنهم من يعلنه على رؤوس الأشهاد.
حبيبتي : اكتب لكي اليوم رسالة مغايرة عن تلك الرسائل التي كتبتها سابقاً ، هذه الرسالة كانت ترجماناً لما يجيش به صدري الذي تآكل بفعل الأيام وعراكها ، وقد ساقني حبك العظيم إلى البوح بما يكنه لك قلبي دون سابق إنذار أو إشارة حمراء منك ولكن توقفت عند هذه المعاني ( الحق ، القوة ، الجمال)
فأردت أن نقف عندها نتأمل هذه المعاني ، أتدرين حبيبتي أن الحياة حق ، وأن الخير حق ، وأن العدل حق ، وحري إن امتلأت نفوسنا بهذا الحق وجدنا السعادة التي ننشدها ؟!! أليس بصداقة الناس نجد الراحة ونحس الأمان ؟؟ أليس بصداقة الأشياء : البحر والشجر والزهر وأشباها من الأشياء تجعلنا نحس معنى من معاني الوجود الإنساني وهو الجمال ؟! أتدرين لم أحبّ لك أن تكوني شاعرة ؟ إنني أحب لك ذلك لأن الشاعر إنسان يمتاز عن بقية الناس بإرهاف في الحس ، ولطف في الوجدان وغزارة في العواطف .
حبيبتي إن إساءة الظن بالناس ، وبالطبيعة حولنا ، يضعف الشعور بهذه المعاني الحلوة وتصبح الحياة نفسها عديمة اللون والطعم ، كما يصبح بينهم وبين السعادة نفسها آماد وآماد !!.
حبيبتي حين ندرك قيمة هذه المعاني سنحس أن الحب قد تجذر فينا فتخف حدتنا وتلطف سورتنا وينصلح ما فسد ، وتضمد جراحنا .
حبيبتي انتظر طلعتك البهية في جمال وجلال ، وأنت تدركين عظيم شوقي لرؤيتك ، فما أجملك قاسية وراحمة ! وما أجملك واصلة وهاجرة ! فقد سحرت وبهرت ،وامتلأت روحي حياة ودفئاً ومعنى ، فأنت فتنتي فقد شغلت بك وشغفت بك ، فمنك العفو والعطف ، فامنحيني وصلاً وصفاءاً وعذوبة ... فما زلت انتظر .ولي عودة وإليك هذه القصيدة لحين العودة :
هل بالطـــلول لسائل رد *** أم هل لها بتكـــــلم عهد
درس الجديد ، جديد معهدها *** فكأنما هي ريطة جرد
بيضاء قد لبس الأديم بها *** ء الحسن فهو لجلدها جلد
فالوجه مثل الصبح مبيض *** والشعر مثل الليل مسود
ضدان لما استجمعا حسنا *** والضد يظهر حسنه الضد
وكأنها وسنى إذا نظرت *** أو مدنف لما يفق بعد
بفتور عين ما بها رمد *** وبها تداوى الأعين الرمد
والصدر منها قد يزينه *** نهدٌ كحق العاج إذ يبدو
والمعصمان، فما يرى لهما *** من نعمة وبضاضة زند
ولها بنان لو أردت له *** عقداً بكفك أمكن العقد
وكأنما سقيت ترائبها *** والنحر ماء الورد إذا تبدوا
وبصدرها حقان خللتهما *** كافورتين علاهما ند
والبطن مطوي كما طويت *** بيض الرياط يصونها الملد
وبخصرها هيف يزينه *** فإذا تنوء يكاد ينقد
ولها هن رابٍ مجسته *** وعر المسالك، حشوه وقد
فإذا طعنت، طعنت في لبدٍ *** وإذا نزعت يكاد ينسد
والتف فخذاها، وفوقهما *** كفل ـ يجاذب خصرها ـ نهد
فقيامها مثنىً إذا نهضت *** من ثقله، وقعودها فرد
والكعب أدرم لا يبين له *** حجم، وليس لرأسه حد
ما عابها طول ولا قصر *** في خلقها، فقوامها قصد
إن لم يكن وصل لديك لنا *** يشفي الصبابة ، فليكن وعد
لله أشواقي إذا نزحت *** دار بنا، وطواكمو البعد
إن تتهمي فتهامة وطني *** أو تنجدي، يكن الهوى نجد
وزعمت أنك تضمرين لنا *** وداً، فهلا ينفع الود
وإذا المحب شكا الصدود ولم *** يعطف عليه فقتله عمد
تختصها بالود وهي على *** ما لا نحب ، فهكذا الوجد
ولقد علمت بأنني رجل *** فالصالحات أروح أو أغدو
متجلبب ثوب العفاف وقد *** غفل الرقيب وأمكن الورد
ومجانب فعل القبيح، وقد *** وصل الحبيب ساعد السعد
فأروح حراً من مذلتها *** والحر حين يطيعها عبد
ليكن لديك لسائل فرج *** أو لم يكن.. فليحسن الرد
عرفتك طاهرة نقية ، صادقة ، عفيفة عرفتك باطناً قبل أن أجسد بياض جبينك وطول شعرك ولمعان أسنانك فهذه مفاتح لشخصك وجمال ظاهري ينجلي مع الأيام ، ولكني توقفت عند ذاك الشُعاع الداخلي الذي خلب عقلي وأسر فكري فقد استقر حبك سويداء قلبي ، وباءت محاولات الهرب منك إلا إليك ، فأنت المشتهى وأنت المنتهى مراراً وتكراراً ، فقد سكن حبك بين جوانحي واستقر في شغاف قلبي ، فشغفت بك حتى حمَّ جسمي من أرق فعجزت السير من هزال وأصبحت مقصوص الجناح ، فقد أذلني الهوى وأنا الذليل ، فلئن سألني الأخلاء عن حالي حين قالوا ويحك ماذا دهاك يافتى ، قلت أصابني داء عضال حار دون دوائه الطب !! إلا طبيباً واحداً ، قالوا أين هو ، فقلت لهم طبيب يتمنع عليَ بالبلسم الريَاق ويتلذذ بعذابي وهو العالم بسر دوائي ، قالوا ما دوائك ؟ قلت : رشفة من شفتيه تسكن ألمي الحراق ، قالوا : كف عن هذا الهراء ، مسست ؟ قلت : كلا إنه ترياق الحب إن كان للحب ترياق .
حبيبتي : هذا ما جرى وسأخبرك بحالي متى ساءت حالتي
حبيبتي
كثيراً ما يراودني هذا السؤال : لماذا نحن نبالغ في تمجيد البطولة والشهامة والكرم.. ونزدري الحب ولا نعترف بوجوده إلاَّ في الأشعار والأغاني والتمثيليات؟
كان ابن حزم الأندلسي واحداً من فلاسفة الحب العالميين في زمانه.. أتصوره لو بعث هذه الأيام وطلع على الناس بفلسفة الحب من جديد لرجموه.. سيقول لهم بكل اطمئنان في مقدمة كتابه «طوق الحمامة».. «أريحوا النفوس فإنها تصدأ كما يصدأ الحديد».. ثم يواصل حديثه عن جلال الحب فيقول: «دقت معانيه لجلالتها عن أن توصف.. فلا تدرك حقيقتها إلاّ بالمعاناة.. وليس بمنكر في الديانة ولا بمحظور في الشريعة.. إذ القلوب بيد الله عز وجل».. ورغم أن الفلاسفة اتفقوا على أن الحب قيمة جمالية في حياة البشر.. إلاّ أنهم اختلفوا في تعريفه.. لكن ابن حزم الذي كان متأثراً بأفلاطون ذهب إلى أن الحب اتصال بين أجزاء النفوس المعشوقة يتولد عنه تأملات عذبة وخيالات جميلة.. ولعمري أن هذا هو التعريف الأصدق والأعمق.. ورغم أن الحب طبيعة شديدة الخصوصية إلاّ إن الأدباء والشعراء يطرقون بابه ويتغنون به على مشهد من الجميع ومنهم من يعلنه على رؤوس الأشهاد.
حبيبتي : اكتب لكي اليوم رسالة مغايرة عن تلك الرسائل التي كتبتها سابقاً ، هذه الرسالة كانت ترجماناً لما يجيش به صدري الذي تآكل بفعل الأيام وعراكها ، وقد ساقني حبك العظيم إلى البوح بما يكنه لك قلبي دون سابق إنذار أو إشارة حمراء منك ولكن توقفت عند هذه المعاني ( الحق ، القوة ، الجمال)
فأردت أن نقف عندها نتأمل هذه المعاني ، أتدرين حبيبتي أن الحياة حق ، وأن الخير حق ، وأن العدل حق ، وحري إن امتلأت نفوسنا بهذا الحق وجدنا السعادة التي ننشدها ؟!! أليس بصداقة الناس نجد الراحة ونحس الأمان ؟؟ أليس بصداقة الأشياء : البحر والشجر والزهر وأشباها من الأشياء تجعلنا نحس معنى من معاني الوجود الإنساني وهو الجمال ؟! أتدرين لم أحبّ لك أن تكوني شاعرة ؟ إنني أحب لك ذلك لأن الشاعر إنسان يمتاز عن بقية الناس بإرهاف في الحس ، ولطف في الوجدان وغزارة في العواطف .
حبيبتي إن إساءة الظن بالناس ، وبالطبيعة حولنا ، يضعف الشعور بهذه المعاني الحلوة وتصبح الحياة نفسها عديمة اللون والطعم ، كما يصبح بينهم وبين السعادة نفسها آماد وآماد !!.
حبيبتي حين ندرك قيمة هذه المعاني سنحس أن الحب قد تجذر فينا فتخف حدتنا وتلطف سورتنا وينصلح ما فسد ، وتضمد جراحنا .
حبيبتي انتظر طلعتك البهية في جمال وجلال ، وأنت تدركين عظيم شوقي لرؤيتك ، فما أجملك قاسية وراحمة ! وما أجملك واصلة وهاجرة ! فقد سحرت وبهرت ،وامتلأت روحي حياة ودفئاً ومعنى ، فأنت فتنتي فقد شغلت بك وشغفت بك ، فمنك العفو والعطف ، فامنحيني وصلاً وصفاءاً وعذوبة ... فما زلت انتظر .ولي عودة وإليك هذه القصيدة لحين العودة :
هل بالطـــلول لسائل رد *** أم هل لها بتكـــــلم عهد
درس الجديد ، جديد معهدها *** فكأنما هي ريطة جرد
بيضاء قد لبس الأديم بها *** ء الحسن فهو لجلدها جلد
فالوجه مثل الصبح مبيض *** والشعر مثل الليل مسود
ضدان لما استجمعا حسنا *** والضد يظهر حسنه الضد
وكأنها وسنى إذا نظرت *** أو مدنف لما يفق بعد
بفتور عين ما بها رمد *** وبها تداوى الأعين الرمد
والصدر منها قد يزينه *** نهدٌ كحق العاج إذ يبدو
والمعصمان، فما يرى لهما *** من نعمة وبضاضة زند
ولها بنان لو أردت له *** عقداً بكفك أمكن العقد
وكأنما سقيت ترائبها *** والنحر ماء الورد إذا تبدوا
وبصدرها حقان خللتهما *** كافورتين علاهما ند
والبطن مطوي كما طويت *** بيض الرياط يصونها الملد
وبخصرها هيف يزينه *** فإذا تنوء يكاد ينقد
ولها هن رابٍ مجسته *** وعر المسالك، حشوه وقد
فإذا طعنت، طعنت في لبدٍ *** وإذا نزعت يكاد ينسد
والتف فخذاها، وفوقهما *** كفل ـ يجاذب خصرها ـ نهد
فقيامها مثنىً إذا نهضت *** من ثقله، وقعودها فرد
والكعب أدرم لا يبين له *** حجم، وليس لرأسه حد
ما عابها طول ولا قصر *** في خلقها، فقوامها قصد
إن لم يكن وصل لديك لنا *** يشفي الصبابة ، فليكن وعد
لله أشواقي إذا نزحت *** دار بنا، وطواكمو البعد
إن تتهمي فتهامة وطني *** أو تنجدي، يكن الهوى نجد
وزعمت أنك تضمرين لنا *** وداً، فهلا ينفع الود
وإذا المحب شكا الصدود ولم *** يعطف عليه فقتله عمد
تختصها بالود وهي على *** ما لا نحب ، فهكذا الوجد
ولقد علمت بأنني رجل *** فالصالحات أروح أو أغدو
متجلبب ثوب العفاف وقد *** غفل الرقيب وأمكن الورد
ومجانب فعل القبيح، وقد *** وصل الحبيب ساعد السعد
فأروح حراً من مذلتها *** والحر حين يطيعها عبد
ليكن لديك لسائل فرج *** أو لم يكن.. فليحسن الرد