[عندي مروري بمنتدي سودانيز أون لاين لفت إنتباهي عنوان أحد البوستات المتعلق بذكريات المرحوم الأستاذ أبو آمنه حامد ، أعجبتني المواقف الساخره وردود الأستاذ ابو آمنه الساخره التي تنم فعلا عن شخصية ذكيه لماحه يملأها التفاؤل. كل الشكر للدكتور كمال الدين عبدالمحمود كاتب هذا البوست لتسليط الضؤ علي شخصية أبو آمنه الفريده
رغم إيماني التام بقضاء الله وقدره بان ان كل إنسانٍ مصيره ان يُحمل على آلةٍ حدباءِ و ما تسمية اللغة العامية السودانية بزول إلا لأنه كائنٌ للزوال و الباقي هو الله سبحانه وتعالى الحي الدائم الذي لا يموت إلا أنني كنت لا أصدقُ أن يسطرَِ مدادي الأخرس كلماتِ نعيٍ لشقيقي ورفيق دربي الأديب أبو آمنة حامد .
هذا الرجل الذي ملا الدنيا وشغل الناس ، ولد فقيراً وعاش فقيراً ومات فقيراً ، ورغماً عن ذلك كانت كل النقودُ التي تقع بين يديه تفرُّ منه كما يفر الماءُ من بين البنانِ .
هذا الرجل الذي فاق مستر بيرناتشو في السخرية ، والذي تحدى الجاحظَ في الذكاء والذي ضاهى المتنبئ في الحكمة والذي شابه عنترة بن شداد في القوة ورغماً عن ذلك كان يحمل بين ضلوعه قلبَ طفلٍ رضيعٍ وديع .
رغم شظف العيش الذي عانى منه وأسرته كبيرة العدد وبالرغم انه كانت تجمعه صلات حميمة مع معظم الساسة وصُّناع القرار وكذلك الوسط الرياضي وما به من رجال أعمال عتاه
إلا انه كان عفيفاً أبياً لا يعرف النفاق الأجوف ولا الكذب الأصلع ولا يشكو قلة الفئران في بيته ولأقرب الناس إليه ، لذا أقّدم صرخةً في آذان كل هؤلاء أن أبو آمنة قد رحل و ترك وراءه أسرة كبيرة يعوزها العوز لا يملكون بيتاً صغيرا يحميهم من الحر والبرد ، أقول إلى الذين لا يعرفون أدق الخصوصيات عنه أنه كان يعتبر وجود ثلاجة واحدة بالبيت ضرب من ضروب الرفاهية وكان حتى مماته يشرب الماءَ من الزير كان عايشاً بمنزل ( إيجار) بحي الدناقلة شمال ببحري انهارت معظم غرفه ابان فيضانات عام 1989 م ظل هذا المنزل بلا علاج حتى يومنا هذا ن ورغماً عن ذلك اذا أتاه ضيفٌ يصّرُ أن يكرمه بما يملك وبما لا يملك مستلفاً من بقالةٍ صغيرةٍ قرب دياره الغنية بالفكر والأدب والفلسفة.
لم يترك وراءه غير هذا الرصيد الهائل من الأدب والصلات الطيبة لذا أهيب بالكل ولا سيما أسرة الأهلّة ( وبالمناسبة هو أول من سمى الهلالاب بالأهلّة) ومثل ما تغنّى بنحب من بلدنا ما بره البلد متغنياً بالوطنية وجب على دولتنا الفتية التي لم تكرّمه في حياته أن تُكَرِمَ أولاده بعد مماته فهذا دَيْنٌ على أعناق الكل .
ما قصدت بهذا القال تأبين أبو آمنة حامد فقط بل سعيت أن أضع بين يدي القارئ بعض نكاته وطرائفه ومواقف أخرى تنم عن سرعة بديهته وذكاءه الخارق وساعدني في ذلك شيئان ، ملازمتي له اللصيقة وبعض ما تبقى لي من قليلِ شيءٍ من الذاكرة فهاكم بعض هذه المواقف :-
1) في مره من المرات تعرض أبو آمنة لهجومٍ لاذعٍ من شخصيتين تعاونا على الهجوم عليه عبر إحدى وسائل الإعلام وهذان الشخصان كان لونَ بشرتهما أسمراً داكناً . رد عليهم أبو آمنة في بعض الصحف المحلية اليومية وقال لهما ( واخيرا اقوول لك يا أخ عمر كان الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ) و أخبرته أنا وقلت له " الناس ديل مشو يفتحوا ضدك بلاغ بأحد أقسام الشرطة وهنا رد علي أبو آمنة وقال لي " يا دكتور الناس ديل ما نصيحين يشتكوني في حديث قالوا الرسول صلى الله عليه وسلم الكلام ده ما قلتو انا ده قالوا الرسول ، خليهم يشمو يفتحوا بلاغ في المدينة المنورة "
2) مره كنا متواجدين بمنزل الأخ إمام عبدو صغير بالشعبية بحري وقد طلب منه شقيقي محمد الحسن عبد المحمود أن يحضر له أي شريط تسجيل للفنان الجابري خرج أبو آمنة فجأة أتى إلينا بالفنان الجابري شخصيا بعد أقل من ساعة واحده و أنا أحضرت مسجلاً جديداً قال لي أبو آمنة إنشاء الله مسجلك يكون تمام وهنا حكّ أبو آمنة راسه وعندنا قلت له " شفت حكت راسك دي بتكون اتسجلت" هنا قال لي يا كلام عبد المحمود المفروض كنت انا أدرس طب وانت تدرس إعلام يا دكتور اتكلم سطر ونط سطر عشان نتابعك وانت امك قبّال تولدك كانت متوحمه على الراديو ترانسيستر ولما نكون انا وانت قاعدين في مكان واحد مافي طريقة إلا نتكلم ثنائي.
) مرة كنا متواجدين بمنزله بحي الدناقلة وجاء أحد أبناءه وطلب منه بعض النقود وأذكر أن اسمه باسل ولديه مقدمة راس كبيرة هنا قال له أبو آمنة ( يا ولد أبعد مني ، الولد ده عامل جبهتو زي الجبهة المعادية للاستعمار ) و أضاف ( الولد ده من شكلو ما حيكون عندو مستقبل ومصيرو يكون باك شمال بنادي التزكار ( كان نادي التزكار في الدرجة الرايعة )
4) في واحد كسب تذكره طيران له ولأحد ابنائه في يا نصيب لألمانيا وكان الولد فيه شيءٌ من التخلف وبعد ذهابهم ورجوعهم للسودان قال أبو آمنة لهذا الرجل ( انت لما ربنا رفع قدمك ووصّلك لحدي ألمانيا الولد ده جايبو راجع معاك ليه ، ما كان أحسن ليك تبدلو بتفلزيون ملون ) .
5) مره بالقاهرة كنا ضاربين الفلس .. وكان لدى أبو آمنة سجائر مستورد و أراد استبداله بسجائر محلي هنا قلت له انا ( يا أبو آمنة ما تكون زي الناس الذين يبيعون الدجاج والبيض واللبن عشان يشتروا ويكة وهذا السجائر لو سهّيت من السجارة .. دقيقة تلقاها انطفت براها ) رد علي أبو آمنة كمان الواحد ما ممكن يكون لابس بدلة .. وكرفّته وتحت مافي بنطلون وقال لي هذا السجاير غير انو رخيص بيوفر ليك بكره حق الفطور والغدا والعشا ( يعني سجاير يقفل النفس ) .
6) أذكر مره ذهبنا لدكّان مقابل مستشفى أحمد قاسم وفي نفس الوقت كان الراديو يذيع اغنية سال من شعرها الذهب هنا قال أبو آمنة لصاحب البقالة .. القصيدة دي بتاعتي انا رد عليهو صاحب الدكان " لا القصيدة ما بتاعتك دي بتاعت الشاعر أبو آمنة حامد " رد عليهو أبو آمنة ( و أمال انا أبو قطاطي ) مع الإعتذار للشاعر الكبير أبو قطاطي .
7) مره كنا بدولة الإمارات العربية المتحدة وكان ابو آمنة قد وصل قبل أيام قليلة و لم ترق له الغربة و كان محبطاً ويود الرجوع للسودان وعند منتصف الليل وقف أبو آمنة فجأة وسأله كابتن فيصل عصبة لاعب نادي المورده سابقاً وقال ليهو ماشي وين يا أبو آمنة رد عليهو أبو آمنة ( ماشي الأوضة التانية اتفسح ، يعني حكون ماشي وين ) و أضاف أنا راجع السودان عشان لما بنزل المطر على بيوت الجالوص استمتع بالرائحة الحلوة ).
8) مره أتى إليّ بمنزلنا بحي المزاد بحري وكنا جالسين في الشارع وفجأة حضر إلينا صديق لا يعرفه أبو آمنة وكان يعمل بوكالة الأنباء السودانية وحينما تعرف على ابو آمنة قال له ان النميري عندو خطاب اليوم وبالخطاب فقرة عن الشاعر بو آمنة حامد ضرب أبو آمنة الجرسة الشديدة و قال ليهو يا أخ ما متزكر الكلام القالو عني النميري رد عليهو والله ما متزكر الكلام بالضبط لكن متاكد انو الكلام عنك هنا قال لي أبو آمنة ( ما تجييب ليهو كرسي لو ما اتزكر الكلام ) وبعدها اردف أبو آمنة وقال ( لو حدثت مشكلة مع مامون او خالد او زين العادلين الواحد ممكن يعالج المشكلة معاهم لكن اب عاج مره واحده منو البيقدر عليهو . خلاص انا انتهيت ) وبعد شوية لم يذكر النميري اسم أبو امنة بل قال ( بخصوص الصحفي الذي انتقد تعرفة المواصلات ، ده نقد بناء وهادف وعايزين كلو الصحافيين يحزو حزه ) هنا تنفس أبو آمنة الصعداء . وعدها ذكر النميري في خطابه وقال ( حينما اكتظت جماهير مدينة هيا الباسلة للقائي ) هنا صرخ أبو امنة وباعلى صوته وقال لي اقفل الراديو ده ، ده كزاب ، بقى مدينة هيا دي بلدي ولا يوجد فيها شخص غير ابوي وامي ومحولجي بتاع قطر ، كيف تلاتة انفار يكتظوا و تابع بعدها ، كان في واحد رابع معاهم بتاع طابونه قفّل من زمان ومشى .
9) ترشح أبو امنة للبرلمان خلال الفترة الديمقراطية بإحدى دوائر الخريجين بالبحر الأحمر وكان نازل اتحادي ديمقراطي وفي آخر لحظة سحب الحزب ترشيحه لابو آمنة . سالته لماذا ؟ قال لي ( قالوا انا شيوعي ، وانا ما كنت عايز حاجة من البرلمان غير ان فيه كشك فيه ليمون بارد وانا كنت عايز اشرب كباية ليمون بارده قبل ما ينط عليهم عسكري ويقلبها عليهم .
10 ) مره طلبت منو ان يعمل اليّ تاشيرة دخول للسعودية تكون دخول للرياض رد علي ( وهو انا قادر ادخل الرياض الحلة ).
11) حينما أغلق محافظ الخرطوم مهدي مصطفى الهادي بيوت الدعارى بالعاصمة كتب أبو امنة في إحدى الصحف المحلية اليومية وقال ( جميل ان بغلق المحافظ بيوت الدعارة ولكن الآن أصبح البغاء للأصلح ).
12) احدى الصحف الاماراتية طلبت منه عمل لقاء صحفي مع رئيس دولة اثيوبيا حينها منجستو وبدلا من ان يسافر من الامارات لاثيوبيا فضل الرجوع إلى السودان وعند اجازتي السنوية قلت له ( الجماعة ديل لازال منتظرين التحقيق الصحفي مع منجستو ) رد علي ( والله إلا اعمل ليهم مقابلة مع منجستو لاعب نادي المورده ) .
13) مره دخل شقة طلاب اصدقاءنا بالقاهرة وفتح التلاجة ووجد بها باقي صحن فول وزجاجة ماء فارغة فقط هنا قال لهم ( التلاجة دي حقو تأجروها عشان تستفيدوا منها ) .
14) احد اصدقائنا بمدينة بحري ترك الدراسة عند المرحلة الابتدائية ولم يلتحق بأي عمل طيلة سنوات عمره ، الصباح جالس تحت ظل الشجر بالشارع ، العصر تمارين كورة قدم الليل اما في السينما او اول كرسي تلقاهو عند أي حفلة و ما مهم أهل الحفلة يعرفوه او لا .. مره ابو امنة قال ليهو اتفضل اتغدا معانا رد عليهو هذا الشخص وقال ليهو ( يا استاذ انا مستعجيل وما بقدر اتغدا معاك ) رد عليهو ابو امنة ( ليه انت مستعجل اصلو انت محصل المكتب؟ )..
15 ) مره ذهبت معه ومعي شقيقي محمد الحسن عبدالمحمود لزيارة الزميل محمد عثمان علي عمر وكان شيوعيا احمراً ، طلب منه محمد عثمان ان يسجل له بعض القصائد وسجل له ابو امنة العديد من القصائد وكانت كلها موّجه ضد ثورة مايو وبالتحديد ضد النميري وبعد ان فرغ من التسجيل خاطبت انا محمد عثمان وقلت ليهو ( بالله عليك الشريط ده ما يسمعو أي زول ) رد علي محمد عثمان وقال لي ( انا حسمعو لشخص واحد بحبو ) وهنا تدخل ابو امنة قائلا لمحمد عثمان سّمع الشريط ده للشخص البتحبو و القمندان البتحيو ، ورجل الأمن البتحبو اصلو انا ما بتجيني ورطة الا من اولاد عبد المحمود ديل ) .
16) كان ذات مره بالقاهرة مع الشاعر السر قدور ووقع ابو امنة من السلم قال له السر قدور حرّك اصابعك وحبنما حرك ابو امنة اصايعه رد السر قدور مافي كسر ، هنا نظر إليه أبو آمنة والذي كان يعاني من الأمل وقال للسر قدور ( عيادتك في أي شارع يا دكتور ؟ عشان لو حصلت مضاعفات ممكن اراجعك
المهم بعد ما عملوا ليهو صور الاشعة اللازمة وجد به 3 كسور وبكوع اليد اليمنى ( ده طبعا من اصعب انواع الكسور ) وادخل ابو امنة مستشفى الطلبة بالقاهرة وكان في كل غرفة يوجد طالبان ذهبنا انا وشقيقي محمد الحسن عبد المحمود و موسى بيرق وخضر فضل الله لزيارته وحضر الممرض المناوب لإعطاء حقنة منومة ( فاليوم ) اصلا كانت مقررة لأبو آمنة . هنا قال ابو امنة للممرض ( الحقنة دي ما بتاعتي بتاعت الطالب المصري الراقد معاي بالغرفة واشار الى الطالب رفض الطالب الحقنة وصاح فيه الممرض يا جبان تخاف من حقنة و بالقوة اعطى الممرض الحقنة للطالب المصري وهنا قال أبو آمنة ( ايوه كده احسن ينوم و يخلينا ننوم طول الليل يكورك آه آه آه ) .
) نزل أبو امنة مع الفنان الصالح الضي بشقته بالقاهرة المهم دفع أبو امنة كل المتاخرات من اجار الشقة الى التيليفون ومره قال ( تعرف يا صالح انا اكتشفت انو كان ارخص لي انزل في هيلتون القاهرة من القعاد معاك ) واضاف ( تلاتة انفار في القاهرة بياكلوا لحمة 7 ايام فالاسبوع وهم السادات وسيد مرعي وصالح الضي وبمناسبة صالح الضي فقد ألقبه بحاتم الضي كناية ً لكرمه الفياض ورغم ان صوته كان يحاكي العندليب الا ان طريق طهيه للطعام كانت تتفوق على صوته المميز .
18) حينما كان مقيماً مع صالح للضي أتى إليهم رجلٌ ثريٌ يملك أموالاً طائلةً وكان كل همّ هذا الرجل وشغله الشاغل ان يصبح فناناً من خلال قصيده يكتب كلماتها ابو امنة حامد ويلحنها له الفنان صالح الضي حتى يستطيع ان يؤديها لإذاع ركن السودان من القاهرة وكان هذا الرجل كل ما زارهما جلب معه ما لذّه وطاب هنا قال لي ابو امنة ( تعرف يا كمال الآن صالح الضي ليهو سنة كاملة وهو بلّحن في البيت الاول من القصيدة يعني لو لحن البيت التاني نكون نحن رجعنا لمصر عشان نعمل الدكتوراه .
19) في أول أيام حكومة الانقاذ كان ابو امنة راجعاً من حلّة خوجلي قاصداً منزله بحي الدناقلة بحري وكان الوقت عند منتصف الليل وكان مترجلا وكان حظر التجول ليلاً مشدداً للغاية وفجاة وقفت سيارة عسكرية لاند روفر وكان بها اللوا الزبير محمد صالح وطبعاً ابو امنة لا يعرفه طلب منه الزبير ان يركب معه في العربية ن خاف ابو امنة ولم يطمئن الا حينما قال له الزبير ( يا استاذ ابو امنة ماشي وين ) رد عليه ( ماشي حلة الدناقلة ) ساله الزبير ( كنت وين ) اجابه ابو امنة ( كنت في حلة خوجلي) وحينما اوصله الى منزله ساله الزبير ( ما راي الناس الكنت قاعد معاهم في حلة خوجلي في ثورتنا ) رد عليه ابو امنة ( انت عايز الجد ؟؟ الناس ديل لو لقوا صفيحة بنزين وكبريت بيحرقوكم كلكم ). بعد ايام اختاره الزبير ليكون عضو المجلس الانتقالي الاول واُعلنَ اسمه خلال وسائل الإعلام و طبعا كالعاده رفض أبو آمنة دخول المجلس .
20) مره كنا متواجدين بمنزل الأخ طارق مرغني ببحري وذكرت انا ان اشعر الشعراء ابو الطيب المتنبي و لكني أخذ عليه ان يقول ان الخيل والليل والبيداء تعرفني ولكنه أخيراً مات هارباً دخل معي ابو امنة في مغالطة شديدة حول هذا الموضوع . هنا قال شقيقي محمد الحسن عبد المحمود لابو امنة ( انت حضرت زمن المتنبئ ) رد عليه ابو آمنة على الفور ( لا ، حضرو أخوك ده ).
21) في اول يوم من إحدى اجازاتي السنوية هرع أبو امنة لزيارتي وكان قد كتب مقالاً في صحيفة الشماسة موجهاً سهامه على احدى الشخصيات السياسية البارزة و حينما علمت بذلك لومته لوماً عنيفاً و وبخته وقلت له انه ما كان ينبغي له كتابة هذا المقال وأهلك الضاربين الجزور في طائفة الختمية ولو كان أبوك حياً لتبرأ منك رد علي ابو امنة وبصوت مرتفع ( جريدة الشمّاسة قالوا لي اكتب مقال عن هذا الشخص بالذات يعني ما قالوا لي اكتب عن كمال عبد المحمود ) واضاف ( بعد ما استلمت القروش مشيت اشتريت للاولاد لحمة وخضار وموز ، تعرف يا دكتور الاولاد خافوا من الموز ورموهوا لي في العنقريب ده لانهم نسوا شكلو.
22) حينما كان طالبا من مدرسة وادي سيدنا الثانوية كان رئيس اتحاد الطلاب كانت المدرسة بصدد الدخول في |إضراب مفتوح وكان في ذلك الوقت رئيس الحكومة هو عبدالله خليل وطبعا أبو امنة كان يسكن معه في بيته في امدرمان نشط ابو امنة اثناء التعبئة للاضراب وحينما حانت ساعة الصفر تراجع ابو امنة وقال للطلبة ( طبعا انتوا عارفين الرئيس هو ولي امري ولو طلعت مظاهرة ضدو تاني اسكن وين ؟ انتوا و طردوكم من المدرسة كل زوول في بيتو ).
23) الموقف الطريف الأخير اخص به الذين يعرفون لعبة الورق ( كوشتينه لعبة الوست ) مره بالقاهرة كان لاعب زميلٌ لي ضد دكتور حسن ديسوقي والأخ خضر فضل الله وجانا ورق سيء جدا جدا وكان واضح انو حناخذ إسنافيك وكان القبول عندي وانا كنت ناوي العب التسمية خوفاً من الفضيحة فقط هنا طلب مني أبو امنة ان اتركهم يبدأو اللعب ، يعني بالمعنى الفصيح كده قال لي ما تلعب انت . واتركهم يلعبوا همّ ، هنا قلت له يا ابو امنة انا فهمت قصدك لكن المثل بيقول عدو فالطرف ولا صديق جاهل المهم في الآخر تركتهم يلعبوا وهنا صاح ابو امنة ( ايوا كده) "امال متين حنسقطهم وقال لي مخك في الجامعة كمبيوتر لكن في الكوشتينة زلط " وبعدها حصل المحظور واخذنا اسنافيك هنا انا زعلت زعل شديد جدا جدا وقلت ليهو ( انا لو عندي راس العب مع زميل جاي من قرية هيا ولو ما مطار الخرطوم ما كان بتشوف العاصمة ، انا العب مع زميل لزول حياتو كلها قضاها جاري ورا القطارات مردداً ( زيارة... زيارة ... زيارة ) انا العب مع زول اكبر راس في بلدو محولجي قطارات ) رد علي ابو امنة ( انا لعبت كشتينه بنادي الهلال ونادي حي العرب انت لعبت وين .؟؟ رديت عليه لمن لعب الهلال ضد سانتوس البرازيلي سمعت من خلال الراديو ( دخل الضب وقطع كورة من بيليه فهل الضب ممكن يلعب كورة زي بيليه ( مع الاعتذار للاعب الكبير محجوب ) . رد علي ابو امنة وبسرعة فائقة وقال لي ( دي الوقتي بيليه " وكان يشير لنفسه " لاعب لاعب مع الضب " وكان يشير إلي " ) .
هناك بعض الشخوص القلائل الذين كان ابو امنة يستانس لهم ( يرفع الكلفة بينه وبينهم ) واذكر منهم موسى بيرق و محمد الحسن عبدالمحمود وطارق مرغني و اولهم الأخ والجار والشقيق والعزيز والقدوة إبراهيم ابو دية و عن هذا الاخير اعد قرّاء هذا المنبر ان اكتب عنه مقالاً منفصلاً مشفوعاً بقصيدةً رثاء له اجادت بها قريحتي عن هذه الشخصية التي قلّ ان يجود الزمان يمثلها .
ألا رحم الله ابو امنة حامد رحمةً واسعة و أسكنه فسيح جناته فقد أدمى رحيله القلوب بمثل ما اسعدهم في حياته
رغم إيماني التام بقضاء الله وقدره بان ان كل إنسانٍ مصيره ان يُحمل على آلةٍ حدباءِ و ما تسمية اللغة العامية السودانية بزول إلا لأنه كائنٌ للزوال و الباقي هو الله سبحانه وتعالى الحي الدائم الذي لا يموت إلا أنني كنت لا أصدقُ أن يسطرَِ مدادي الأخرس كلماتِ نعيٍ لشقيقي ورفيق دربي الأديب أبو آمنة حامد .
هذا الرجل الذي ملا الدنيا وشغل الناس ، ولد فقيراً وعاش فقيراً ومات فقيراً ، ورغماً عن ذلك كانت كل النقودُ التي تقع بين يديه تفرُّ منه كما يفر الماءُ من بين البنانِ .
هذا الرجل الذي فاق مستر بيرناتشو في السخرية ، والذي تحدى الجاحظَ في الذكاء والذي ضاهى المتنبئ في الحكمة والذي شابه عنترة بن شداد في القوة ورغماً عن ذلك كان يحمل بين ضلوعه قلبَ طفلٍ رضيعٍ وديع .
رغم شظف العيش الذي عانى منه وأسرته كبيرة العدد وبالرغم انه كانت تجمعه صلات حميمة مع معظم الساسة وصُّناع القرار وكذلك الوسط الرياضي وما به من رجال أعمال عتاه
إلا انه كان عفيفاً أبياً لا يعرف النفاق الأجوف ولا الكذب الأصلع ولا يشكو قلة الفئران في بيته ولأقرب الناس إليه ، لذا أقّدم صرخةً في آذان كل هؤلاء أن أبو آمنة قد رحل و ترك وراءه أسرة كبيرة يعوزها العوز لا يملكون بيتاً صغيرا يحميهم من الحر والبرد ، أقول إلى الذين لا يعرفون أدق الخصوصيات عنه أنه كان يعتبر وجود ثلاجة واحدة بالبيت ضرب من ضروب الرفاهية وكان حتى مماته يشرب الماءَ من الزير كان عايشاً بمنزل ( إيجار) بحي الدناقلة شمال ببحري انهارت معظم غرفه ابان فيضانات عام 1989 م ظل هذا المنزل بلا علاج حتى يومنا هذا ن ورغماً عن ذلك اذا أتاه ضيفٌ يصّرُ أن يكرمه بما يملك وبما لا يملك مستلفاً من بقالةٍ صغيرةٍ قرب دياره الغنية بالفكر والأدب والفلسفة.
لم يترك وراءه غير هذا الرصيد الهائل من الأدب والصلات الطيبة لذا أهيب بالكل ولا سيما أسرة الأهلّة ( وبالمناسبة هو أول من سمى الهلالاب بالأهلّة) ومثل ما تغنّى بنحب من بلدنا ما بره البلد متغنياً بالوطنية وجب على دولتنا الفتية التي لم تكرّمه في حياته أن تُكَرِمَ أولاده بعد مماته فهذا دَيْنٌ على أعناق الكل .
ما قصدت بهذا القال تأبين أبو آمنة حامد فقط بل سعيت أن أضع بين يدي القارئ بعض نكاته وطرائفه ومواقف أخرى تنم عن سرعة بديهته وذكاءه الخارق وساعدني في ذلك شيئان ، ملازمتي له اللصيقة وبعض ما تبقى لي من قليلِ شيءٍ من الذاكرة فهاكم بعض هذه المواقف :-
1) في مره من المرات تعرض أبو آمنة لهجومٍ لاذعٍ من شخصيتين تعاونا على الهجوم عليه عبر إحدى وسائل الإعلام وهذان الشخصان كان لونَ بشرتهما أسمراً داكناً . رد عليهم أبو آمنة في بعض الصحف المحلية اليومية وقال لهما ( واخيرا اقوول لك يا أخ عمر كان الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ) و أخبرته أنا وقلت له " الناس ديل مشو يفتحوا ضدك بلاغ بأحد أقسام الشرطة وهنا رد علي أبو آمنة وقال لي " يا دكتور الناس ديل ما نصيحين يشتكوني في حديث قالوا الرسول صلى الله عليه وسلم الكلام ده ما قلتو انا ده قالوا الرسول ، خليهم يشمو يفتحوا بلاغ في المدينة المنورة "
2) مره كنا متواجدين بمنزل الأخ إمام عبدو صغير بالشعبية بحري وقد طلب منه شقيقي محمد الحسن عبد المحمود أن يحضر له أي شريط تسجيل للفنان الجابري خرج أبو آمنة فجأة أتى إلينا بالفنان الجابري شخصيا بعد أقل من ساعة واحده و أنا أحضرت مسجلاً جديداً قال لي أبو آمنة إنشاء الله مسجلك يكون تمام وهنا حكّ أبو آمنة راسه وعندنا قلت له " شفت حكت راسك دي بتكون اتسجلت" هنا قال لي يا كلام عبد المحمود المفروض كنت انا أدرس طب وانت تدرس إعلام يا دكتور اتكلم سطر ونط سطر عشان نتابعك وانت امك قبّال تولدك كانت متوحمه على الراديو ترانسيستر ولما نكون انا وانت قاعدين في مكان واحد مافي طريقة إلا نتكلم ثنائي.
) مرة كنا متواجدين بمنزله بحي الدناقلة وجاء أحد أبناءه وطلب منه بعض النقود وأذكر أن اسمه باسل ولديه مقدمة راس كبيرة هنا قال له أبو آمنة ( يا ولد أبعد مني ، الولد ده عامل جبهتو زي الجبهة المعادية للاستعمار ) و أضاف ( الولد ده من شكلو ما حيكون عندو مستقبل ومصيرو يكون باك شمال بنادي التزكار ( كان نادي التزكار في الدرجة الرايعة )
4) في واحد كسب تذكره طيران له ولأحد ابنائه في يا نصيب لألمانيا وكان الولد فيه شيءٌ من التخلف وبعد ذهابهم ورجوعهم للسودان قال أبو آمنة لهذا الرجل ( انت لما ربنا رفع قدمك ووصّلك لحدي ألمانيا الولد ده جايبو راجع معاك ليه ، ما كان أحسن ليك تبدلو بتفلزيون ملون ) .
5) مره بالقاهرة كنا ضاربين الفلس .. وكان لدى أبو آمنة سجائر مستورد و أراد استبداله بسجائر محلي هنا قلت له انا ( يا أبو آمنة ما تكون زي الناس الذين يبيعون الدجاج والبيض واللبن عشان يشتروا ويكة وهذا السجائر لو سهّيت من السجارة .. دقيقة تلقاها انطفت براها ) رد علي أبو آمنة كمان الواحد ما ممكن يكون لابس بدلة .. وكرفّته وتحت مافي بنطلون وقال لي هذا السجاير غير انو رخيص بيوفر ليك بكره حق الفطور والغدا والعشا ( يعني سجاير يقفل النفس ) .
6) أذكر مره ذهبنا لدكّان مقابل مستشفى أحمد قاسم وفي نفس الوقت كان الراديو يذيع اغنية سال من شعرها الذهب هنا قال أبو آمنة لصاحب البقالة .. القصيدة دي بتاعتي انا رد عليهو صاحب الدكان " لا القصيدة ما بتاعتك دي بتاعت الشاعر أبو آمنة حامد " رد عليهو أبو آمنة ( و أمال انا أبو قطاطي ) مع الإعتذار للشاعر الكبير أبو قطاطي .
7) مره كنا بدولة الإمارات العربية المتحدة وكان ابو آمنة قد وصل قبل أيام قليلة و لم ترق له الغربة و كان محبطاً ويود الرجوع للسودان وعند منتصف الليل وقف أبو آمنة فجأة وسأله كابتن فيصل عصبة لاعب نادي المورده سابقاً وقال ليهو ماشي وين يا أبو آمنة رد عليهو أبو آمنة ( ماشي الأوضة التانية اتفسح ، يعني حكون ماشي وين ) و أضاف أنا راجع السودان عشان لما بنزل المطر على بيوت الجالوص استمتع بالرائحة الحلوة ).
8) مره أتى إليّ بمنزلنا بحي المزاد بحري وكنا جالسين في الشارع وفجأة حضر إلينا صديق لا يعرفه أبو آمنة وكان يعمل بوكالة الأنباء السودانية وحينما تعرف على ابو آمنة قال له ان النميري عندو خطاب اليوم وبالخطاب فقرة عن الشاعر بو آمنة حامد ضرب أبو آمنة الجرسة الشديدة و قال ليهو يا أخ ما متزكر الكلام القالو عني النميري رد عليهو والله ما متزكر الكلام بالضبط لكن متاكد انو الكلام عنك هنا قال لي أبو آمنة ( ما تجييب ليهو كرسي لو ما اتزكر الكلام ) وبعدها اردف أبو آمنة وقال ( لو حدثت مشكلة مع مامون او خالد او زين العادلين الواحد ممكن يعالج المشكلة معاهم لكن اب عاج مره واحده منو البيقدر عليهو . خلاص انا انتهيت ) وبعد شوية لم يذكر النميري اسم أبو امنة بل قال ( بخصوص الصحفي الذي انتقد تعرفة المواصلات ، ده نقد بناء وهادف وعايزين كلو الصحافيين يحزو حزه ) هنا تنفس أبو آمنة الصعداء . وعدها ذكر النميري في خطابه وقال ( حينما اكتظت جماهير مدينة هيا الباسلة للقائي ) هنا صرخ أبو امنة وباعلى صوته وقال لي اقفل الراديو ده ، ده كزاب ، بقى مدينة هيا دي بلدي ولا يوجد فيها شخص غير ابوي وامي ومحولجي بتاع قطر ، كيف تلاتة انفار يكتظوا و تابع بعدها ، كان في واحد رابع معاهم بتاع طابونه قفّل من زمان ومشى .
9) ترشح أبو امنة للبرلمان خلال الفترة الديمقراطية بإحدى دوائر الخريجين بالبحر الأحمر وكان نازل اتحادي ديمقراطي وفي آخر لحظة سحب الحزب ترشيحه لابو آمنة . سالته لماذا ؟ قال لي ( قالوا انا شيوعي ، وانا ما كنت عايز حاجة من البرلمان غير ان فيه كشك فيه ليمون بارد وانا كنت عايز اشرب كباية ليمون بارده قبل ما ينط عليهم عسكري ويقلبها عليهم .
10 ) مره طلبت منو ان يعمل اليّ تاشيرة دخول للسعودية تكون دخول للرياض رد علي ( وهو انا قادر ادخل الرياض الحلة ).
11) حينما أغلق محافظ الخرطوم مهدي مصطفى الهادي بيوت الدعارى بالعاصمة كتب أبو امنة في إحدى الصحف المحلية اليومية وقال ( جميل ان بغلق المحافظ بيوت الدعارة ولكن الآن أصبح البغاء للأصلح ).
12) احدى الصحف الاماراتية طلبت منه عمل لقاء صحفي مع رئيس دولة اثيوبيا حينها منجستو وبدلا من ان يسافر من الامارات لاثيوبيا فضل الرجوع إلى السودان وعند اجازتي السنوية قلت له ( الجماعة ديل لازال منتظرين التحقيق الصحفي مع منجستو ) رد علي ( والله إلا اعمل ليهم مقابلة مع منجستو لاعب نادي المورده ) .
13) مره دخل شقة طلاب اصدقاءنا بالقاهرة وفتح التلاجة ووجد بها باقي صحن فول وزجاجة ماء فارغة فقط هنا قال لهم ( التلاجة دي حقو تأجروها عشان تستفيدوا منها ) .
14) احد اصدقائنا بمدينة بحري ترك الدراسة عند المرحلة الابتدائية ولم يلتحق بأي عمل طيلة سنوات عمره ، الصباح جالس تحت ظل الشجر بالشارع ، العصر تمارين كورة قدم الليل اما في السينما او اول كرسي تلقاهو عند أي حفلة و ما مهم أهل الحفلة يعرفوه او لا .. مره ابو امنة قال ليهو اتفضل اتغدا معانا رد عليهو هذا الشخص وقال ليهو ( يا استاذ انا مستعجيل وما بقدر اتغدا معاك ) رد عليهو ابو امنة ( ليه انت مستعجل اصلو انت محصل المكتب؟ )..
15 ) مره ذهبت معه ومعي شقيقي محمد الحسن عبدالمحمود لزيارة الزميل محمد عثمان علي عمر وكان شيوعيا احمراً ، طلب منه محمد عثمان ان يسجل له بعض القصائد وسجل له ابو امنة العديد من القصائد وكانت كلها موّجه ضد ثورة مايو وبالتحديد ضد النميري وبعد ان فرغ من التسجيل خاطبت انا محمد عثمان وقلت ليهو ( بالله عليك الشريط ده ما يسمعو أي زول ) رد علي محمد عثمان وقال لي ( انا حسمعو لشخص واحد بحبو ) وهنا تدخل ابو امنة قائلا لمحمد عثمان سّمع الشريط ده للشخص البتحبو و القمندان البتحيو ، ورجل الأمن البتحبو اصلو انا ما بتجيني ورطة الا من اولاد عبد المحمود ديل ) .
16) كان ذات مره بالقاهرة مع الشاعر السر قدور ووقع ابو امنة من السلم قال له السر قدور حرّك اصابعك وحبنما حرك ابو امنة اصايعه رد السر قدور مافي كسر ، هنا نظر إليه أبو آمنة والذي كان يعاني من الأمل وقال للسر قدور ( عيادتك في أي شارع يا دكتور ؟ عشان لو حصلت مضاعفات ممكن اراجعك
المهم بعد ما عملوا ليهو صور الاشعة اللازمة وجد به 3 كسور وبكوع اليد اليمنى ( ده طبعا من اصعب انواع الكسور ) وادخل ابو امنة مستشفى الطلبة بالقاهرة وكان في كل غرفة يوجد طالبان ذهبنا انا وشقيقي محمد الحسن عبد المحمود و موسى بيرق وخضر فضل الله لزيارته وحضر الممرض المناوب لإعطاء حقنة منومة ( فاليوم ) اصلا كانت مقررة لأبو آمنة . هنا قال ابو امنة للممرض ( الحقنة دي ما بتاعتي بتاعت الطالب المصري الراقد معاي بالغرفة واشار الى الطالب رفض الطالب الحقنة وصاح فيه الممرض يا جبان تخاف من حقنة و بالقوة اعطى الممرض الحقنة للطالب المصري وهنا قال أبو آمنة ( ايوه كده احسن ينوم و يخلينا ننوم طول الليل يكورك آه آه آه ) .
) نزل أبو امنة مع الفنان الصالح الضي بشقته بالقاهرة المهم دفع أبو امنة كل المتاخرات من اجار الشقة الى التيليفون ومره قال ( تعرف يا صالح انا اكتشفت انو كان ارخص لي انزل في هيلتون القاهرة من القعاد معاك ) واضاف ( تلاتة انفار في القاهرة بياكلوا لحمة 7 ايام فالاسبوع وهم السادات وسيد مرعي وصالح الضي وبمناسبة صالح الضي فقد ألقبه بحاتم الضي كناية ً لكرمه الفياض ورغم ان صوته كان يحاكي العندليب الا ان طريق طهيه للطعام كانت تتفوق على صوته المميز .
18) حينما كان مقيماً مع صالح للضي أتى إليهم رجلٌ ثريٌ يملك أموالاً طائلةً وكان كل همّ هذا الرجل وشغله الشاغل ان يصبح فناناً من خلال قصيده يكتب كلماتها ابو امنة حامد ويلحنها له الفنان صالح الضي حتى يستطيع ان يؤديها لإذاع ركن السودان من القاهرة وكان هذا الرجل كل ما زارهما جلب معه ما لذّه وطاب هنا قال لي ابو امنة ( تعرف يا كمال الآن صالح الضي ليهو سنة كاملة وهو بلّحن في البيت الاول من القصيدة يعني لو لحن البيت التاني نكون نحن رجعنا لمصر عشان نعمل الدكتوراه .
19) في أول أيام حكومة الانقاذ كان ابو امنة راجعاً من حلّة خوجلي قاصداً منزله بحي الدناقلة بحري وكان الوقت عند منتصف الليل وكان مترجلا وكان حظر التجول ليلاً مشدداً للغاية وفجاة وقفت سيارة عسكرية لاند روفر وكان بها اللوا الزبير محمد صالح وطبعاً ابو امنة لا يعرفه طلب منه الزبير ان يركب معه في العربية ن خاف ابو امنة ولم يطمئن الا حينما قال له الزبير ( يا استاذ ابو امنة ماشي وين ) رد عليه ( ماشي حلة الدناقلة ) ساله الزبير ( كنت وين ) اجابه ابو امنة ( كنت في حلة خوجلي) وحينما اوصله الى منزله ساله الزبير ( ما راي الناس الكنت قاعد معاهم في حلة خوجلي في ثورتنا ) رد عليه ابو امنة ( انت عايز الجد ؟؟ الناس ديل لو لقوا صفيحة بنزين وكبريت بيحرقوكم كلكم ). بعد ايام اختاره الزبير ليكون عضو المجلس الانتقالي الاول واُعلنَ اسمه خلال وسائل الإعلام و طبعا كالعاده رفض أبو آمنة دخول المجلس .
20) مره كنا متواجدين بمنزل الأخ طارق مرغني ببحري وذكرت انا ان اشعر الشعراء ابو الطيب المتنبي و لكني أخذ عليه ان يقول ان الخيل والليل والبيداء تعرفني ولكنه أخيراً مات هارباً دخل معي ابو امنة في مغالطة شديدة حول هذا الموضوع . هنا قال شقيقي محمد الحسن عبد المحمود لابو امنة ( انت حضرت زمن المتنبئ ) رد عليه ابو آمنة على الفور ( لا ، حضرو أخوك ده ).
21) في اول يوم من إحدى اجازاتي السنوية هرع أبو امنة لزيارتي وكان قد كتب مقالاً في صحيفة الشماسة موجهاً سهامه على احدى الشخصيات السياسية البارزة و حينما علمت بذلك لومته لوماً عنيفاً و وبخته وقلت له انه ما كان ينبغي له كتابة هذا المقال وأهلك الضاربين الجزور في طائفة الختمية ولو كان أبوك حياً لتبرأ منك رد علي ابو امنة وبصوت مرتفع ( جريدة الشمّاسة قالوا لي اكتب مقال عن هذا الشخص بالذات يعني ما قالوا لي اكتب عن كمال عبد المحمود ) واضاف ( بعد ما استلمت القروش مشيت اشتريت للاولاد لحمة وخضار وموز ، تعرف يا دكتور الاولاد خافوا من الموز ورموهوا لي في العنقريب ده لانهم نسوا شكلو.
22) حينما كان طالبا من مدرسة وادي سيدنا الثانوية كان رئيس اتحاد الطلاب كانت المدرسة بصدد الدخول في |إضراب مفتوح وكان في ذلك الوقت رئيس الحكومة هو عبدالله خليل وطبعا أبو امنة كان يسكن معه في بيته في امدرمان نشط ابو امنة اثناء التعبئة للاضراب وحينما حانت ساعة الصفر تراجع ابو امنة وقال للطلبة ( طبعا انتوا عارفين الرئيس هو ولي امري ولو طلعت مظاهرة ضدو تاني اسكن وين ؟ انتوا و طردوكم من المدرسة كل زوول في بيتو ).
23) الموقف الطريف الأخير اخص به الذين يعرفون لعبة الورق ( كوشتينه لعبة الوست ) مره بالقاهرة كان لاعب زميلٌ لي ضد دكتور حسن ديسوقي والأخ خضر فضل الله وجانا ورق سيء جدا جدا وكان واضح انو حناخذ إسنافيك وكان القبول عندي وانا كنت ناوي العب التسمية خوفاً من الفضيحة فقط هنا طلب مني أبو امنة ان اتركهم يبدأو اللعب ، يعني بالمعنى الفصيح كده قال لي ما تلعب انت . واتركهم يلعبوا همّ ، هنا قلت له يا ابو امنة انا فهمت قصدك لكن المثل بيقول عدو فالطرف ولا صديق جاهل المهم في الآخر تركتهم يلعبوا وهنا صاح ابو امنة ( ايوا كده) "امال متين حنسقطهم وقال لي مخك في الجامعة كمبيوتر لكن في الكوشتينة زلط " وبعدها حصل المحظور واخذنا اسنافيك هنا انا زعلت زعل شديد جدا جدا وقلت ليهو ( انا لو عندي راس العب مع زميل جاي من قرية هيا ولو ما مطار الخرطوم ما كان بتشوف العاصمة ، انا العب مع زميل لزول حياتو كلها قضاها جاري ورا القطارات مردداً ( زيارة... زيارة ... زيارة ) انا العب مع زول اكبر راس في بلدو محولجي قطارات ) رد علي ابو امنة ( انا لعبت كشتينه بنادي الهلال ونادي حي العرب انت لعبت وين .؟؟ رديت عليه لمن لعب الهلال ضد سانتوس البرازيلي سمعت من خلال الراديو ( دخل الضب وقطع كورة من بيليه فهل الضب ممكن يلعب كورة زي بيليه ( مع الاعتذار للاعب الكبير محجوب ) . رد علي ابو امنة وبسرعة فائقة وقال لي ( دي الوقتي بيليه " وكان يشير لنفسه " لاعب لاعب مع الضب " وكان يشير إلي " ) .
هناك بعض الشخوص القلائل الذين كان ابو امنة يستانس لهم ( يرفع الكلفة بينه وبينهم ) واذكر منهم موسى بيرق و محمد الحسن عبدالمحمود وطارق مرغني و اولهم الأخ والجار والشقيق والعزيز والقدوة إبراهيم ابو دية و عن هذا الاخير اعد قرّاء هذا المنبر ان اكتب عنه مقالاً منفصلاً مشفوعاً بقصيدةً رثاء له اجادت بها قريحتي عن هذه الشخصية التي قلّ ان يجود الزمان يمثلها .
ألا رحم الله ابو امنة حامد رحمةً واسعة و أسكنه فسيح جناته فقد أدمى رحيله القلوب بمثل ما اسعدهم في حياته