منتديات السديرة
أنت غير مسجل لدينا . للتسجيل اضغط على زر التسجيل


منتديات السديرة
أنت غير مسجل لدينا . للتسجيل اضغط على زر التسجيل

منتديات السديرة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات السديرةدخول

في الطريق إلى المدرسة !!..

power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد
+13
حسن على عباس
ساره بشري
ودالفكى ابراهيم
هيثم حسن
اسيل احمد
محمد بركات احمد
makarim
Samir AlSoNi
أبوعمار العمدة
ياسين جارالنبي
ابو قدير
الريح قدوم
عبدالغني كرم الله
17 مشترك

descriptionفي الطريق إلى المدرسة !!.. Emptyفي الطريق إلى المدرسة !!..

more_horiz

في الطريق إلى المدرسة
بقلم: عبدالغني كرم الله
(مجلة أوراق جديدة)


خرجت حزيناً، كعادتي، عصفورْ رُبِطَت أجنحته، ومنقاره، ونسي التحليق، نفَّست عن كبتي العظيم في علبة صلصة مطفقة، ركلتها برجلي، بين حجرين شبه متلاصقين، سجلت هدفْ بارعْ، أحسست بزهو ما، لا شيء بسيط في هذه الدنيا، القنبلة الذرية تخرج من رحم ذرة اليورانيوم الحقيرة، غرقت في هذه النشوة العظمى، كما تغرق صورة بيتنا مقلوبة على بركة صغيرة، وعكرة بفعل أرجلي!.
إنه قلبي الصغير، جنة بلا حدود، ولكن الزمن لا ينام ولا يجلس ولا يتعب، يمضي دوماً، يسافر للشباب والرجولة والكهولة، يبعد الجميع، رغم أنفهم، عن موطئ حيرتهم،... يجري، بلا أرجل، أو لون، مخفياً نفسه، كخاطئ ذكي، حتى الأُسُود القوية تموت؛ كالفراشات!.. بسكِّينه، اللامرئية، الحادة!.
مررت بحوش خالي الصديق، قفزت بالسور، الباب يبعد عني 6 أمتار، قد يؤخرني كثيراً، صوت ارتطامي أزعج نعجتهم، وثلاث معزات، كل الحيوانات تحب نفسها، وتدافع عنها بالأنياب والقرون والمخالب (الحياة حلوة حلوة حلوة، لدى العقرب والذباب والسلحفاة) نظرت لأثار وضوء خالي الصديق؛ خَلَقَ خريطة تشبه قارة أستراليا، كما تبدو لي في كتاب الجغرافيا، حتى الخليج الذي تقع عليه مدينة «سيدني» رَسَمَهُ الوضوء بدقة واتقان، وهناك نملات سعيدات يشربن من قارة أستراليا، كم كريمة صلاة خالي؛ تمتد بَرَكَاتُها لأفاقٍ يجهلها خالي!.
انحرفت عن طريقي، كي أدوس علبة سجائر برنجي، ثم مضيت، ورجعت مرة أخرى لعلبة البرنجي، أخرجت القصديرة منها، كل الاشياء ثمينة، أدخلتها في شنطتي المصنوعة من الدمورية، والمزخرفة بنقط من الحبر (فرحة البعد عن استعمال قلم الرصاص والاستيكة)، وعفصت علبة البرنجي بيدي، وكوَّرْتُها، ثم ركلتها برجلي فوق حيطة الزريبة القصير، سمعت صوت دجاجات مرعوبة من دوي قنبلة علبة البرنجي. التراب حَنُون، ليس كالزلط؛ يترك الآثار كما هي، آثار لستك البص، مخالب دجاجات خالي ، مركوب خالي، كلها منحوتة على وجهه كما هي، حتى الحركة الدائبة للدكان، تركَتْ مجرىً، كخور صغير. التراب أقرب للرخاوة؛ للروح، لقلب أمي، ويديها، وعرقها!.
مررت بشجرةٍ كُبْرَى، جدي سعد غير قادر على رؤيتها، وبالأمس كان قادراً على تسلقها كالقرد. والآن حتى صوت العصافير الصباحي لا يصل لأذنيه وهو نائم تحتها؛ لا يسمع جدي حالياً، سوى صدى الأيام السالفة، دوما يحكي عنها؛ حين كان يسمع، ويرى، ويتسلق الشجرة، ويرنو بعيداً، في جنة الغروب!.
تذكرتُ صوت علبة الصلصة، فرَّت عدة صراصير، وطار عصفور من الشجرة، فسقطت عدة أوراق من الشجرة، سقطت بصورة حلزونية، وورقة سقطت وكأنها تُقَلِّد يد أمي وهي تعوس الكسرة، كل الأوراق سقطت بصورة تختلف عن الأخرى، رغم أن الهواء هو الهواء، والأوراق هي الأوراق، وورقة بَدَت وكأنها قارب، وهي تسبح في بحر الهواء، وكأنها نسيت السقوط، ثم تهوي مرة أخرى، وهي تترنح يميناً، وشمالاً. ياترى كيف سمعت الصراصير صوت العلبة؟، كالرعد، وكذا الحمير؟، وضعت يداي حول أذني كي أقلد أذن الحمير، وكيف تسمع الصوت، سمعت وشوشة غريبة، إنها صوت النسيم، حتى النسيم له صوت في أذن الحمير، وجرى خيالي للملائكة والتي تجلس على كتفي، كيف كان صوت الصلصة بأذنها؟، وأي تعبير ارتسم على وجهها الجميل؟!.
نظرتُ لكتفي الأيمن، حيث تجلس الملائكة، ورأيت عظام التركوة، وبدأت أهز كتفي، سمعت ضحكات خالي الصديق، وهو يجهز حماره للذهاب للنهر، (بترقص يا الملعون بكتفك)، توقف كتفي برهة، ثم عاد لحركته وعيني تحاول تصوُّر حال الملاك الجالس عليه، وكيف يكتب في هذا الوضع المهتز (حسناتي وسيئاتي)!.
تخيَّلْتُ شكله، حين كنت أتدحرج بالبرميل، وأكاد أسقط على وجهي، أو ظهري، ضحكتُ من أعماق قلبي، كم للخواطر من حكايات، وشغب، تحكيها النفس للنفس، وفي العراء،!!.. وبصمت لا يسمعه سواك.
سوف أهزُّ كتفي كي لا تكتب الملائكة خواطري عن الناظر، وابنته (متناقضة جداً؛ خاطري عن الناظر، وخاطري عن ابنته)، العشق يبدأ مبكراً جداً، فرويد لا يتصوَّره، إنه قبل الميلاد، وليس في الطفولة. ما يقوله جدي أفلاطون حق؛ «عالم الـمُثُل»، نومض فرحاً، وأعرف أنها هي، بمجرد نظرة أولى، إنها هي، التي قابلتها هناك، قبل مملكة الليل والنهار، والجاذبية الارضية، وألم الجوع.. وفراق أمي، وأخواتي!.
(ما أروع الخواطر!. لا يسمعها أحد سواك، كيف خُلِقَت؟ صوتٌ مِنْ لا صوت، وصورة واضحة في ظلمة الذهن!).
خرجت من الباب الآخر لحوش خالي، والمواجِهْ لفسحة كبيرة؛ ميدان الكورة، يخلو من اللعيبة، والكرة. ليت الإله اكتفى بخلق اللعب واللهو فقط، وترك الباقي. دخلت بين العارضتين، وأنا أحدق في الحفرة التي خلقتها أرجل حارس المرمى، ( مدثر مسكين يلعب بيديه، ويقع على الأرض، بلا نجيلة، ولا جوينتي يحفظ يديه)، ومع هذا لم أره ويده مسوَّرة بالجبس، «الله يحفظه»، هكذا تقول له أمه، الحِجَاب يتراقص على صدره، وهو وحيد أمه، كثير الحلوى والنبق، لا يخلو جيبه منها أبداً، وقد اختارت له والدته هذه الوظيفة، «حارس مرمى» كي يكون قريباً من البيت؛ فالقوائم لصق دارهم، وتخاف عليه أيضاً من ضربات الجزاء، (أصلها قون قون، خليها تخش)، وهي المرأة الوحيدة التي تراقب المباراة، وتدخل الميدان أكثر من رجل الراية، كي ترى ابنها، وتزجر أي محاولة خشنة معه، وخاصة من العملاق (هارون)؛ فتى الطابونة!. وصلت لنصف الملعب، دائرة محفورة، وفي قلبها حفرة، يوضع عليها الكَفَر، نظرت للجناح اليمين؛ وظيفتي المحببة، (اليوم السبت، طافت هالةٌ من حزن حولي، تذكَّرت الطابور، وجولة الناظر الصباحية، نظرت لأظافري، (كيف يطول الشعر والأظافر، كل يوم أرى أظافري وقد طالت، وللحق لم أسمع صوت الظفر وهو يخرج من اصبعي، ولم أحس بألم، غريبة!، مجرد شوكة صغيرة تؤذيني، وظفر كبير يخرج بهدوء وصمت، يسير ببط، كالظل ، حقاً، التغيير البطيء لا يؤذي) تجاوزتُ خط 18، في طريقي للمدرسة، وليس لهدف يتهلَّل له جمهور غفير من البسطاء والخيلان والأعمام، وحين وصلت للمرمى، قفزت، ومعي شنطتي، وقصديرة علبة البرنجي، كي ألامس العارضة، ولم أوفق، أحسست بهوان (مدثر أقصر مني)، لا نفع لي في حراسة المرمى، الجناح اليمين يكفي.
نظرت خلفي، كم تبدو القوائم والعارضة كبيرة، سوف أرسل الكرة عالية، ومن بعيد، هذه العصرية، (حين نلتقي مع حي العرب)، عرجت يمينا، فقد واجهني منزل حاج علي السالم، لا أدري كيف تختار هذه القرية خريطتها، فهي تحب التعرج والانحناء، وكأنها تقلد جنون الموج، بل تقلد رسومات السحب، والتي تبدو منبعجة، وأسيرة لتهور الرياح.
مررت بزقاق ضيق، مليء بالطوب والأكياس والبعر والفحم، سرت بحذر، فخلف هذا الجدار المبني من الطوب ينام (فوجي)؛ كلب مسعور. مررت بالحفير، تسلقت هضبتها جارياً، لا أدري لم؟، صدري يعلو ويهبط، رأيت يميني، شيء يلمع، وحين حفرت برجلي اليمنى وأنا واقف، وجدتها قعر كباية شاي مكسورة، تحطم حلمي بامتلاك حلق ذهب وشراء ميكي ماوس ومصباح علاء الدين السحري، وبلح، وحلوى ونبق!. مررت بالبَيَّارة، آه، لو لا جرس الطابور لتسلقت السلم للأعلى، إلى الصهريج المنقط كحمار الوحش، في غياب آدم؛ صاحب البَيَّارة، ومن هناك رأيت النيل شرق القرية، ورأيت بيت (آمنة ...)، وأذَّنت الله أكبر الله أكبر، الله أكبر، في وقت لا علاقة له بالصلاة، ولكن لم أسمع صوتْ يأتي من هذا الارتفاع سوى الأذَان، والرعد يأتي من مكان أبعد من ذلك. مجموعة أكياس معلقة على السلك الشائك لسور البَيَّارة، خضراء وزرقاء وبيضاء، ومنتفخة بهواء الصباح، وتصنع صوتْ لا يقلد، عشرة مرات حاولت تقليده، حتى امتلأت شفتاي باللعاب من انتفاخ جضومي بالهواء ومحاولة اخراجه كصوت الأكياس!.
مررت ببابور البيارة، (محمد سعد، محمد سعد، محمد سعد)، هكذا كان يقول صوت البَيَّارة،(تعال تعالْ تعالْ، نمشي الشمالْ، بَدِّيكْ ريالْ)، وكان يردد معي هذا الكلام أيضاً، واجهني نهر من تسلل مياة البَيَّارة، وجدت جسرْ من طوبات أربع، وببطء وحنكة كنت أضع أرجلي عليها، كيف يرقص الناس على الحبل؟، كدت أقع وأصبح موضع تنكيت من (الشلة الموقرة) جماع وهاشم والطيب وعادل!.
وجدت كلبة نائمة على بعد 100 متر، قذفتها بحجر، قامت مَخْلُوعَة وهي تجري، وتنظر خلفها، إليّ. واصلت ركلي لمجموعة من الأحجار وعلب الصلصة، مسجلاً رقما قياسياً في الأهداف، أكثر من إيتو، ورونالدينو معاً؛ فالفرح هو الفرح، سواء كان في قلب رونالدينو، أو قلب طفل يسعى لمدرسته، والهدف هو الهدف.
تذكرت اليوم مباراتنا مع (حي العرب)، امتعضت لبطء الزمن (متين تجي الحصة السابعة)، كي يدق جرس الخلاص، لمن تقرع الأجراس، للحرية والانطلاق نحو البيوت. دخلت حوش مصطفى، شربت من زيرهم، ورشيت باقي الكوز على غنماية نائمة، نظرت لي بحزن، خرجت من بابهم الخلفي، وقبله تمرجحت براكوبتهم، ومعي شنطتني، وقصديرة علبة البرنجي.
دخلت المسيد، سور ضخم، له باب جنوبي وآخر شمالي، وثالث شرقي ورابع غربي، جريت بشدة فوق السور، شنطتي في الخلف تضربني، وكأنها تحثني على لحاق الطابور، كدت أسقط خمس مرات، وفي السادسة، انزلقت بي طوبة، مسحت الجرح بلعابي، ومسحت الخط الذي خلقته الطوبة على مدى رجلي اليسار، عدة خلاوي على شمالي، ينام فيها الدروايش، غرف بلا نور أو فراش او طربيزة، مجرد رملة حمراء ناعمة... وباردة. (وِلْدُوكَ عَارِي وحَافِي وبَاكِي)، لا يردد حمدان الدرويش سوى هذه الكلمة! لكل من يقابلهم، ولنفسه أكثر!.
مررت بناس سعاد؛ بت خالي، لاتزال تولع في الكانون (الحَلَبِي.. تعال اشرب شاي)، تأخيري اليومي حرمني من شراب شاي سعاد، ومن الصعود بالسلم لرأس البَيَّارة، لم أشكر سعاد، ولم أتكلم معها، (لا أرضى كلمة حَلَبِي)، مضيت في طريقي، وهذا هو تصرفي ا ليومي معها، أنظر لها بطرف عيني ثم أمضي في طريقي، إلى حتفي، فقد لاحت من البعد سقوف الزنزانات، سقوف الفصول البغيضة.
ثم واجهتني الفسحة الأخيرة، فسحة لا تملك أي شكل، تشبه البيضة، كقطعة كسرة. راقبتُ السحب وهي ترسم فيلاً أبيض برجل أمامية واحدة، ثم تحول الفيل من تلقاء نفسه إلى ثعبان طويل، يا له من حاوي، وها هو يتقطع إلى كرات قدم بيضاء. تعثرتُ في إطار سيارة مدفون في ركن دكان سعيد، (أنعل ابوك)، ثم ركلت الإطار ركلتين، ومضيت وصدري يعلو ويهبط، ونَفَسي متقطع، وأنا أنظر خلفي للإطار المدفون، كما نظر الكلب إليّ!.
(دكان يخلو من كل شيء، فلا بلح أو حلوى في رفوفه المغبرة)!.
التقيت بسعد، وجماع، وعلي، والحاج، والطيب، ومدثر، وحسن، ونحن في طريقنا للمدرسة، (والله الله الليلة نديكم عشرة صفر)، (والله لو لعبنا بدون حارس مرمى ما تغلبونا). وصلنا لباب المدرسة، صراخ وهرج كبير، لم ينقطع بغتة إلا مع رنة الجرس الأولى، فسكن الهم عشرات القلوب، الموعودة بحصص طويلة، وبتسميع قصائد، وجداول ضرب، وحل مسائل، وكتابة كل ما يكتب في السبورة، السوداء...
ثم رن جرس الحصة الأخيرة!. قد يكون الصمت بحجم القرية، أو المدرسة، ومجرد صياح ديك، أو رنة جرس تبدده كله، لا حول ولا قوة للصمت، رن الجرس، منتصرا على السجن اليومي. والآن الوقت، بيدي لا بيدي عمرو. هنا الوقت لي، كقطعة طين، أخلق منها نعجة، أو لوري، أو نعامة، إن شئت، «لمن تقرع الأجراس»، كي تطلق المساجين من الفصول إلى جنون خيالهم ورغباتهم، (وقت العمل يمتلكك، ووقت الفراغ تمتلكه)... وقت الفراغ تمتلكه، يالها من ثروة!.
وقت الفراغ الآن بجيبي، كحلوى كبيرة، أغلى ثروة بيدي، لو لا هذه الثروة غير المرئية، لما كتب الشعراء، ورسم الناس، وتجلوا على ضفاف النيل. الفراغ هو اللوحة البيضاء أمامك، التي ترسم فيها ما تريد، حتى الاستحالة يمكنك أن ترسمها بريشتك، لو لا الفراغ لما كان غار حراء، و15 عاماً، من التأمل، والتحنث، والدهشة، والجمال!. خرجنا من المدرسة، وأيدينا وقلوبنا وجيوبنا مليئة بالفراغ.
ما أحلى الفراغ. كي أحلق، وأطير، وأجري، وأعكر البركة الصغيرة أمام البَيَّارة بأرجلي!، كي أكون نفسي!!.
ما أروع الفراغ!. أخرجت قصديرة علبة البرنجي، وبدت أناملي في صياغة أشكال عديدة، حلق، ثم ساعة، وقميص، وبنطلون، أشكال لا تنتهي أبداً، كروعة الشعر!.

http://awragjadida.khartoummag.com/view.asp?release=31&action=article&id=449

ملحوظة:
هذا خط سير للمدرسة وفق تضاريس قريتي الحبيبة الحسناب...


عدل سابقا من قبل عبدالغني كرم الله في الأحد يونيو 01, 2008 12:41 pm عدل 1 مرات

descriptionفي الطريق إلى المدرسة !!.. Emptyرد: في الطريق إلى المدرسة !!..

more_horiz
يا سلاااااااااااااااااااااااااام

قمة الابداع يا الحلبي حقيقي ابداع لأني قريت الرحله للمدرسه أكتر من مره وأكتر ما أعجبني مسميات الاشياء بأسمائها الحقيقيه بالصوره المبسطه....علبة الصلصه المطفقه...موية الوضو الشكلت خريطة استراليا و النمل الذي شرب منها ..مدثر القون ود امه الكثير النبق و الحلوي ..هارون ...البياره وصوت البياره والغنمايه الرشيت عليها باقي موية الكوز و اطار السياره و الكثير الكثير من الابداع
أحييك أخي عبد الغني علي هذه الرحله الجميله جدا جدا ولكن انا فتشت نهايه لهذه الرحله ولم اجد لها نهايه هل من بقيه يا الحلبي؟

عدل سابقا من قبل الريح قدوم في الإثنين مايو 05, 2008 4:25 pm عدل 1 مرات

descriptionفي الطريق إلى المدرسة !!.. Emptyرد: في الطريق إلى المدرسة !!..

more_horiz
أخي، وعزيزي الريح قدوم..

النص طويل، بل هو رواية عن مناخات قريتي، و القرى المجاورة، وسوف ينشر قريبا بإذنه تعالى، في بيروت..

فعلا، النص يصور حال القرية، لذا ملت لاستعارة ذات الاسماء، وللحق هي موجودة كلها، مع تحويرات بسيطة، مثلا (مدثر ده)، ابن اختي وبحبو شديد، وعادل وعماد اصدقائي، وجماع ابن اختي.. وهكذا، والوصف يكاد يكون واقعيا لخط السير من البيت جنوب الحلة للمدرسة شمالها...

وهذه الايام اخوك مهجس بكتابة نص اسمه (بص العسيلات)، البص الاصفر الحنون، وهي رحلة سياحية في عمق هذه المنطقة، وتاريخها الثر....

فالبص يمر بالقرى كلها، ، قرى العسيلات ثم يمر بام ضوبان، حاضرة العبيد ودريا، والذي تنبأ به الشيخ التوم بانقا قبل ميلاده وقال:
يظهر صباح العيلفون وسافل العسيلات رجل صاحب الوقت ياريت احضر عصره واخدمه...

ثم يمر الباص بالكرنوس المعركة الشهيرة، والتي أبلى فيها العسيلات بلاءا حسنا مع قواد العبيد ضد الحكم التركي، حتى قال عنهم العبيد (العسيلات قرقاب الدم)/ ثم العيلفون حاضرة ادريس ود الارباب

ثم سوبا، ويالها من مدينة قديمة، حاضرة مملكة علوة، وحين زارها اليعقوبي، سجل في كتابه (تاريخ البلدان)، عجبه من دورها الحسان وقصورها وكنائسها وأديرتها، وأسواقها التي تجلب البضاعة من الغرب والشرق من اسواق تمبتكو، والعنج، والشام وبغداد...

منطقتنا عظيمة، وتستحق الكتابة والتاريخ، فأدعو بذلك..

مع فائق حبي وشكري..
والمحبة الزايدة..

عدل سابقا من قبل عبدالغني كرم الله في الإثنين مايو 05, 2008 3:21 pm عدل 1 مرات

descriptionفي الطريق إلى المدرسة !!.. Emptyرد: في الطريق إلى المدرسة !!..

more_horiz
لك التحيه مره تانيه و اتمني ان نراك في مصاف الكبار وانا أعتقد ماناقصك شي منهم ولكن نريد وعدا منك وما اعتقد تبخل علي منتداك طلبي انه منتدي السديره يكون له النصيب الاكبر من ابداعاتك وانا متأكد ستجد الناقض و الاديب و الشاعر بيننا ودون شك شكلنا اتفقنا صح يا الحلبي؟

descriptionفي الطريق إلى المدرسة !!.. Emptyرد: في الطريق إلى المدرسة !!..

more_horiz
http://www.alahdathonline.com/Ar/ViewContent/tabid/76/ContentID/10769/Default.aspx

descriptionفي الطريق إلى المدرسة !!.. Emptyرد: في الطريق إلى المدرسة !!..

more_horiz
http://www.alahdathonline.com/Ar/ViewContent/tabid/76/ContentID/10406/Default.aspx

مهرجان الجزيرة للافلام التسجيلية

descriptionفي الطريق إلى المدرسة !!.. Emptyرد: في الطريق إلى المدرسة !!..

more_horiz
ما شـاء الـلـه تـبارك الـلـه الـلهم زيـد وبـارك
فـقـط أخـشـى عليك من غـيـرة محمد طه القدال والحلنقى وأزهرى محمد على .....
فعلا تأكـد لـى [ان الـعـسـيلات هوى
وشـرق بها مـواهب فى حاجة الى الـتـنـقـيـب

تـحـيـاتـى ودعـواتـى
ابـوقـديـر

descriptionفي الطريق إلى المدرسة !!.. Emptyرد: في الطريق إلى المدرسة !!..

more_horiz
الاخ عبدالغني كرم الله
ســــلام علــــــيكم ..
اولا مرحب بيك في ديارك وسط اهلك وناسك
احـــــييك على هــذا العمـــــل الـــرائع ولابداع
واتمنى ان يـــسع منتدانا كل ابداعـــاتك وبما يبوح به قلمكك
وان يكون له السبق في نشر ابداعك القصصي
واتمنى لــــــكم المـــــــــزيد المـــــــــزيد
من التقدم والازدهار
لك ودى وتقديرى

descriptionفي الطريق إلى المدرسة !!.. Emptyرد: في الطريق إلى المدرسة !!..

more_horiz
عزيزي ابو غدير،،،

سلام ومحبة,،،

العسيلات "هوى، شرق" أغلبية، أكثر، أكثر من سبع قرى، تناثرت كمسبحة على ضفاف الازرق، منها من تغرف من النيل، وتعيش عليه، في زرعها وضرعها، ومن نأت، خوفا من جهادية التعايشي، ومنها من سهرت على نوبة وطبل الذكر والفكر، ومنها من جابت الخرطوم قديما وحديثا بالتاكسي الاصغر، وسبروا سر المدينة وسيريرتها، وسيرتها، ولهم حكاوي مع سهر الخرطوم ومجنونها، ويحكي لي أهلي السواقين قصص وحكاوي عن سكارى سان جميس والعمارات، حكاوي وحكاوي..

وعن مرضى ركبوا مجاني، وعن دروايش، وعن مقطوعين من سفر ا و جو بالقطار آخر الليل، ولا سكن، حكاوي التاكسي والعسيلات يجب أن تدون، فهي تعكس حال مدينة، وحال قلبية ارتزقت من هذه المهنة...

وهناك الحسناب، التي قسم رزقها بين التجارة في بورسودان والزراعة والرعي، فتجول الصبية الصغار في شوارع كوريا وسلبونا وديم النور وولع، وباعوا الثياب الفاخرة للعرسان، والمشط للعروس، والكفن لليمت..
برضو قصص تروى...

وهناك حاج الطاهر، شخص ملئ بالعبر والحكايات..
وهناك مسيد شيخ يوسف، ودروايش من شرق وغرب، وصحيات سكر صوفي..
وهنا الديبيبة الجارة المغنية وامضبان والعيلفون والمحس كترانج..

قصص وحكاوي، أتمنى وجود الوقت الكافي لملاحظتها، ومراقبتها، وسبرها..

حبي وشوقي اخي الجميل..

descriptionفي الطريق إلى المدرسة !!.. Emptyرد: في الطريق إلى المدرسة !!..

more_horiz
الاخ عبد الغنى إنت الاقرب وإنت الاعرف والظاهر عندك شئ كثير من هذه القصص
فنرجوك ياأخى أن تلحقنا سريع وتتحفنا وأهم سئ توثق لنا عن الزعيم الحاج الطاهر
نحن فى رجاك والشوق قاتلنا أسرع بالجديد وأطربنا .قصة عن ود اب عيش
مره مسكو بتاع الجوازات فى جدة وكان معه النعيم الحاج البشير وعبد الرحمن أخوى
وحاولوا العسكرى وقالو لية الزول ده مسافر بعد يومين وجاهز من كل شى فرفض العسكرى يطلق صراحو والخبر إنتشر فى باب شريف بانه ود اب عيش مسكتو الجوازات
وبعد ساعة زمن ظهر وداب عيش فى السوق جاء الى الوكالة والجماعة طبعأ أتفاحئو
ها ود اب عيش فكوك كيف !!! فال لهم بكل براءه العسكرى ودانى للضابط والضابط
سألنى قال لى إنت من وين يازول قلت له من العسيلات قال لى بتعرف الحاج الطاهر
قلت لة ود خالتى لزم عشان كدة الضابط فكانى !!!!!!!!!شوف نوادر أهلك العسيلات!!!!

descriptionفي الطريق إلى المدرسة !!.. Emptyرد: في الطريق إلى المدرسة !!..

more_horiz
المبدع / عبدالغنى حـروفـك الـنـيـرة الـمـشبعـة بالـحنين ودعـاش الـزمن الـجميل لأمـست
شـغاف قـلبى وأوتـار عـيونى وسكـنـت بين الـضلوع والحـنـايـا , لـك سـلامى وتـقديرى واحـترامى ودعـواتى وأجمل أمنياتى
مـثـنى وثلاث ورباع وبالـمتر والضراع وبالأردب والقنطار والشوال
والكيله والملوة والربع والكوز

أخـــوك ابـوقـديــر

عدل سابقا من قبل ابو قدير في الثلاثاء مايو 13, 2008 10:38 pm عدل 1 مرات

descriptionفي الطريق إلى المدرسة !!.. Emptyرد: في الطريق إلى المدرسة !!..

more_horiz
أبوعمار العمدة كتب:
الاخ عبد الغنى إنت الاقرب وإنت الاعرف والظاهر عندك شئ كثير من هذه القصص
فنرجوك ياأخى أن تلحقنا سريع وتتحفنا وأهم سئ توثق لنا عن الزعيم الحاج الطاهر
نحن فى رجاك والشوق قاتلنا أسرع بالجديد وأطربنا .قصة عن ود اب عيش
مره مسكو بتاع الجوازات فى جدة وكان معه النعيم الحاج البشير وعبد الرحمن أخوى
وحاولوا العسكرى وقالو لية الزول ده مسافر بعد يومين وجاهز من كل شى فرفض العسكرى يطلق صراحو والخبر إنتشر فى باب شريف بانه ود اب عيش مسكتو الجوازات
وبعد ساعة زمن ظهر وداب عيش فى السوق جاء الى الوكالة والجماعة طبعأ أتفاحئو
ها ود اب عيش فكوك كيف !!! فال لهم بكل براءه العسكرى ودانى للضابط والضابط
سألنى قال لى إنت من وين يازول قلت له من العسيلات قال لى بتعرف الحاج الطاهر
قلت لة ود خالتى لزم عشان كدة الضابط فكانى !!!!!!!!!شوف نوادر أهلك العسيلات!!!!



اخوي أبو عمار

المحبة الزايدة، وشوقي الكبير،...

والله حكاوي الأهل لا تنتهي، واخوك مسكون بهذه الحكايات والشخوص، ومن طيفور الحاج، لحاج الطاهر، لي لقمان الأمرد، (درويش الدومة وسرها)، لتاريخ البلد، وما جاورها من ممالك قديمة وحديثة، وبساطة وكرم وحنان أهلي، ...

واعدك بالكتابة والرصد ما جاد الزمن، وياريت تكتبوا انتم برضو، وسعدت بقصة ودابعيش وخلاصه ببركة حاج الطاهر، فحاج الطاهر رقم مهم في العسيلات، وعمل الكثير الكثير للبلد واهلها، فله الجزاء الاوفى، وهو رجل ذكي، ومحاور عظيم، وذو قدرة على صولات المحاكم القبلية، وملم بتاريخ البطون والبيوت والافخاذ، فعلا يستحق الكتابة..

والله كان النفس الواحد يزور السديرات (شرقيها وغربيها)، بس لم ازرها سوى مرة، ولكن سوف ازورها، وكانت زيارة لاتنسى، من جمال السديرة، وأهلها، والبيوت والكرم، (أذكر في العشاء جابو لينا فطيرة "كم احبها"، ومعها "جردل لبن" ياربي ده لشنو الجردل دا؟، وكلما نقص اللبن يكبوا، ولمن شبعنا "غسلنا ايدينا باللبن)، ههه..
بارك الله في اللبن وفي الفطرة وفي كرم الضيافة الفطري..

اهلي كرام، وهناك حكايات يجب رصدها وتسجيلها...
كم سعدت بك اخي العزيز ..

descriptionفي الطريق إلى المدرسة !!.. Emptyرد: في الطريق إلى المدرسة !!..

more_horiz
يا سلام ياسلام موضوع قمه في الاتحاف و الابداع الروائي في سرد القصص الجميله الممنعه للقارء .........ومن هنا انا في محطه الباص الاصفر باص العسيلات.................و الى الامام دائما و لك جزيل الشكر و كل التقدير

descriptionفي الطريق إلى المدرسة !!.. Emptyرد: في الطريق إلى المدرسة !!..

more_horiz
ياسين جارالنبي كتب:
الاخ عبدالغني كرم الله
ســــلام علــــــيكم ..
اولا مرحب بيك في ديارك وسط اهلك وناسك
احـــــييك على هــذا العمـــــل الـــرائع ولابداع
واتمنى ان يـــسع منتدانا كل ابداعـــاتك وبما يبوح به قلمكك
وان يكون له السبق في نشر ابداعك القصصي
واتمنى لــــــكم المـــــــــزيد المـــــــــزيد
من التقدم والازدهار
لك ودى وتقديرى




اخوي العزيز، ياسين جار النبي..

صباح الخير والجمال..

في البدء الشكر للتعارف عبر الكتابة، وسلامي للاهل كلهم، بلا فرز، وطبعا فمنتديات الاهل أولى بالكتابة والمتابعة، فنحن في شوق وحنين لكل ما يذكر بالاهل والقرية والحيشان والبلد، ولسان الحال يغني ويردد مع حمد الريح (نار البعد والغربة وشوق لكل جميل في الحي)، وانت عارف طبعا ملابسات الغربة تخليك تشتهي اي حاجة في البلد، ودخان الفرن تشتاق ليه، والله نهيق الحمير والدجداج وصراخ الا طفال في قون مشكوك فيهو تشاق ليهو،..

والله ياسين لم ارجع في اجازة وألف الحلة للسلام والتعزية اقعد اعاين في الحيطان الحنونة وفي ضل الضحى والناس قاعدة واسمع طقطقة البيارة كأنها موسيقى موزرات، والبعر واثار الحياة على الطرقات، ياخي بلدنا سمحة، وفيها حياة ولكن لا حياة لمن تنادي، والعجب العجاب لمن يعزمون شاي مغربية، في السهلة والعناقريب بره، والهواء يراقص الملايات، ونقاط الزير يعزف اجمل معزوفة، وصوت النسوة الطيب، والسؤال الحقيقي عن صحتك، أنها حياة لم تندسها المادة، والمدن والمنهجية والثفافة الرأسمالية،..

والله سعيد بالتعارف، وسوف انزل بعض الكتابات، عسى ان تنال رضاكم، ورضى الأهل أهم وأولى، وأعم..

اعمق المحبة والشوق
اخوك
عبدالغني
صباح الاربعاء 14/5/2008

descriptionفي الطريق إلى المدرسة !!.. Emptyرد: في الطريق إلى المدرسة !!..

more_horiz


رااااااااااااااااااااااااائع ....رااااااااااااااااائع ..

واكتر من رائع

في البداية خليني ارحب بيك في منتدانا العامر بوجودكم

ونورت المنتدى بقلمك الذي متعنا واسعدنا يا " حلبي " وما تزعل مني


ثانيا خليني اوشوشك بسر.. انضمامك في المنتدى عمل ضجة كبيرة واي زول اقابله ولا

اشوفه يسالني قريت موضوع عبدالغني اقوله لا و عبد الغني ده منو يقولوا لي ده زول

كتاب شديد بالغتي امشي اقريه ... فقلت خلاص اول ما ارجع من الشغل اجري وافتح

المنتدى واقرا الموضوع الجنن الناس وانا ما جايبه خبره ده واول ما رجعت البيت لقيت

الوالد (السني) ماسك ورق بيقرا فيه والوالدة(ملكة) بتسمع فسالتهم ده ورق شنو قالوا لي

ده موضوع عبدالغني المنزله في المنتدى ما قريتيه.. فقمت نططت عيوني وقلت هي

حصلت كمان يطبعوه يا ده عبد الغني والله الموضوع فيه ان خليني امشي اقرا الموضوع

البهر الناس قمت جريت وفتحت المنتدى وعملت بحث سريع لمساهمات العضو عبد الغني

ولقيت الموضوع وقريته ..... وتاني قريته وحصل لي اللي حصل للجماعة بصراحة

بهرتني كلماتك وعباراتك وانخرست وبلعت لساني وخليت الطنطنة


بالجد رائع ومافي كلام ينقال بعد ده اديب بمعني الكلمة والله تستاهل تعظيم سلام على

موضوعك وترقية فورية في المنتدى


وبالله شوية شوية علينا ما تخلعنا كده وتعقدنا " عيني باردة" ما شاءالله عليك وعلى اسلوبك

في الكتابة يديك العافية


والمرة الجاية شوف ليك طريق تاني امشي فيه ومتعنا معاك




descriptionفي الطريق إلى المدرسة !!.. Emptyرد: في الطريق إلى المدرسة !!..

more_horiz
اهلنا ناس السديرة كم وددنا ان نكون معكم بمشاركاتنا ونتقاسم معكم همومنا لكن منتدى العسيلات شاغلنا شوية وباذن الله سوف نكون معكم دوما وحسب علمي بان منتدى العسيلات كان السبب فيه الابن ياسين جار النبي وهكذا كما عهدناكم اهل حارتنا وحامين ظهرنا ..
وعبدالغني كرم الله وبحمدلله فخر كبير جدا لكل العسيلات وقد صدر له كتاب الام ظهر حادة وطبع في بيروت وسوف نوافيكم باذن الله كل ا صداراته الادبية وهذا غلاف كتابه الاول الام ظهر حادة
في الطريق إلى المدرسة !!.. 2_121091_1_209

descriptionفي الطريق إلى المدرسة !!.. Emptyرد: في الطريق إلى المدرسة !!..

more_horiz



لقاء اجرته قناة الجزيرة مع اديبنا / عبدالغني كرم الله البشير

descriptionفي الطريق إلى المدرسة !!.. Emptyرد: في الطريق إلى المدرسة !!..

more_horiz
وبعض ماكتب عنه في جريدة الراية القطرية
في الطريق إلى المدرسة !!.. 2_13_1_204




عبدالغني كرم الله في «آلام ظهر حادة»
تاريخ النشر: الأحد12/2/2006, تمام الساعة 07:04 مساءً بالتوقيت المحلي لمدينة الدوحة


الخرافة والرمز والأفكار والاقتراب من عوالم قديمة وحديثة

بقلم: جورج جحا.....


عبدالغني كرم الله
نجد في مجموعة «آلام ظهر حادة» القصصية للكاتب السوداني عبدالغني كرم الله اجواء متنوعة تقوم في غالبها على عمليات تشخيص على نمط المثل الخرافي وبما يذكر بالرمز حينا وما هو فوق الواقع حينا آخر،وإذا كان كثير من كلام الكاتب هادفا يرمي الى نقد عام أو اصلاح أو انتقاد لامور وخلقيات وتصرفات بشرية.. ففيه أيضا نماذج تجعله يبدو للقارىء اقرب الى ما يشبه مدرسة الفن للفن. الا انه ممتع في غالب ما يأتي به. هو في نهاية الامر يكتب افكارا وفي احيان كثيرة يكتبها بنفس شعري حي كما في قصة «ارجل الالم» مثلا،صحيح ان في تراثنا الادبي العربي ما يشبه ذلك خاصة في ما ترجمه عبدالله ابن المقفع واعطاه اسم «كليلة ودمنة» مثلا.. لكننا قد نجد لنتاج كرم الله صلة قربى اكثر وضوحا بكتابات حديثة بينها مثلا اعمال للكاتب السوري زكريا تامر،وقد اشتملت المجموعة القصصية على 12 قصة في 183 صفحة متوسطة القطع وصدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر،عالم قصص كرم الله تضج فيه اشياء وكائنات بينها الحيوان والنبات والانسان طبعا. وإذا سلمنا بأن الانسان هو غاية كل هذه الاشياء ونهايتها فلابد من ان نلاحظ ان حضوره «المباشر» في المجموعة قليل الى حد بعيد
غلاف «آلام ظهر حادة»
وسط هذه الكائنات المتعددة. الا انها كلها مشبعة به تتكلم عنه غالبا وتتحدث بلسانه في أحيان كثيرة.،بعض عناوين القصص بليغ في ما يرمي اليه.. من هذه العناوين «كلبة فاطمة» و«حمار الواعظ» و«رائحة الطمي» و«الجزار ملك الغابة» و«استدراج الفراشة لعرشها المجيد» و«الدجاجة اقوى من الاسد» و«جزيرة النمل» وغير ذلك،نبدأ لا من البداية بل من قصة ابعد منها بكثير أي بقراءة قصة «حمار الواعظ» مثلا حيث يقول «أنا حمار الواعظ». وللحق لولا صبري الوراثي والحبل الذي يشدني كالوتد الى جذع شجرة في ظهيرة تلك الجمعة لدخلت غاضبا ذلك المكان الكبير الضخم والذي تعلوه مئذنة عالية وشققت الصفوف الى المنبر ثم ادير ظهري له وبكل قواي ارفس الواعظ والذي كان يعلو صوته وهو يتكلم عن الرفق بالحيوان.. ثم انهق نهيقا كبيرا تسمعه عبر مكبر الصوت الانس والجن تعبيرا عن ثأري.. فآثار السوط وكدمات العصا على ظهري التعيس وخلو زريبتي من اي برسيم أو قش منذ اسبوع كامل كانا مبررا كافيا لرفستي هذه. وكما قلت فأنا حمار الواعظ «الشيخ جاد الله» وهو يتقن الوعظ في الموت والفتن والنار ومكارم الاخلاق وهي خطب سليمة اللغة موزونة ومتقنة السبك فقد شهد ظهري التعيس بروفات منها،تبدأ قصص المجموعة بشكل نموذجي ويمكن ان نستدل منها على نمط كتابة كرم الله. القصة الاولى مثلا حملت عنوانا هو «هدية عنصرية». وبطل القصة هنا حذاء أو فلنقل انه القصة كلها. يحدثنا هذا البطل بصيغة المتكلم فيقول «أنا زوج حذاء رجالي مقاس 42 ومشكلتي بدأت مساء الاحد الموافق الاول من ابريل 1997 أي قبل ثلاثة اعوام». ولربما تساءل القارىء ان كان تاريخ الاول من ابريل قد ورد هنا صدفة ام ان الكاتب اختاره عن عمد لانه «يوم الكذب» وهل يقصد بالكذب الخيال نفسه وهو هنا «جامح» الى حد ما،اضاف «فقد كنت قبل هذا التاريخ ممتلىء الوجنات ولين البطن والظهر واقطن فترينة هادئة في شارع الجمهورية». وكان سعر هذا الحذاء «البورجوازي» غاليا مما لا يسمح لاصحاب الارجل الخشنة المتسخة «بشرائي وامتطائي في اعمالهم الشاقة ومشاويرهم الطويلة واستغراقهم اثناء سيرهم في مشاكلهم اليومية الوافرة مما يعرضني للانغمار حتى سيوري في البرك والاصطدام بالحصى والبعر وعلب الصلصلة وذلك لان هذه الارجل الكريهة الرائحة لا تقطن الا هذه الاحياء ذات الازقة الضيقة المتسخة».
ويتحدث عن ولادته في المصنع الحديث وعرضه بعد ذلك في الواجهة الى ان اشترته امرأة لحبيبها «وهكذا صرت أنا عربون هيام بشري ولكن ما الضير في ذلك فسيعاملونني برفق». وقد «لاحظت خفة وزن بني آدم حين يسير مع المحبوب. انه يكاد يكون بلا وزن». وننتقل الى القصة التالية وهي «الاحد الحزين» حيث تسلل «حرامي» الى الدار وسرق الحذاء متوهما انه شيء ثمين «لانني كنت انام.. داخل صندوق مزين باهداء من حبيبته». الحرامي صار يعامل الحذاء بقسوة.
زكريا تامر
في قصة «استرقاق هدية» يحدثنا عن تفاصيل قرار المرأة المستلقية في حمامها شراء حذاء لحبيبها فيقول واصفا ما اعتبره مأساته «وكان شيئا لم يكن وكأنها لم تقرر اعدام كائن حي مرهف».
وقصص الحذاء هذه مترابطة تؤدي الواحدة منها الى الأخرى. في قصة «من هو الحذاء الأكبر» شعور بالرثاء لحال هذا الانسان. تبدأ القصة بالتساؤل عمن هو الحذاء فعلا. يقول عن الرجل الذي اصابه مرض «ها هو نائم في السرير. انه مريض بحمى. تعجبت من حياته». يروي لنا قصة الرجل وعذاباته ويسأل «من هو الحذاء والذي تمتطيه عشرات الارجل هو أم أنا»؟
في «قمر من جلد بني وبطن اسود» تجربة جديدة مريحة للحذاء فقد انغرس في مكان كانت قد انكسرت فيه زجاجة خمر. «شعرت بدوار خفيف. بدأت الامي وهمومي تخرج سوداء كالدخان من مسامي.. شعرت بخدر لذيذ وكأن الشوك والحصى لم يخلقا قط». وشعر بجاذبية تشده الى أعلى «وكأنني امتطي الارجل وليست تمتطيني،في «ارجل الالم» كتابة شعرية لافكار عديدة وتساؤلات عميقة. يبني الكاتب على التوازي الذي يقوم بين الروح والجسد.. يرتفعان معا أو يسقطان معا. احدهما يشد الاخر الى اعلى أو يجره نزولا الى ادنى. يتحدث عبر الحذاء عن شقاء الانسان وكدحه وبداية ضعفه وعجزه بعد عمر معين. انسان مريض لكنه مضطر الى الذهاب الى عمله كي يطعم عائلته. يقول «انه يجر جسده.. يجر عبئا ثقيلا (كم عبء هذا الجسد حين يمرض أو يعشق أو يسجن أو يحرق أو يضرب).. فقدت الاشياء نضارتها.. كل شيء يثير فيه الاشمئزار والغثيان.. اين تلك الروح التي كانت تحمل الجسد وتجري به.. اليس هناك بديل لهذه الحياة ان لا يمرض الجسد والا يجوع ولا يفنى تحمله روح معذبة مثله كي يعمل»،الالم عامل فعال مغير قد يوحد ويصهر. «سقطت كل الاعتبارات من عينه.. لا مجد ولا شرف.. احس بالنفوس المعذبة.. احساسا صادقا بل بحنان بالغ وكأنه هم. كلهم ارواح معذبة ففي الظلام تتشابه القطط وفي الالام تتقارب النفوس.. امتلأ بالالم.. صار كيسا من الالم. لن يصل. لقد خرّ الجسد. لم يعد قادرا على سماع الروح».




عودة الى المقال

descriptionفي الطريق إلى المدرسة !!.. Emptyرد: في الطريق إلى المدرسة !!..

more_horiz
يأخى كتابتك حلوة ومواضيعك أحلى واسلوبك جزاب ووطنيتك زائدة وغطيط على
كل أبناء القبيلة ماشاء الله عليك( ويدقوا ليك النحاس!!)وبالمناسبة الاخ عبد الغنى ما
قصر تكلم عن علامة العسيلات المسجلة عالميا باسمهم الباصات الصفر والتكاسى
الهنتر الصفراء وماحلت مناسبة فى السديرات الا والباصات الصفر مشاركة بعنف
وهذا إننا أهل يعض والمشاركة لآفتة للانظار بالنسبة للقبائل جيران العسيلات
عند حضور الباصات القبائل الاخرى الجيران تقول (ديل اهلون ناس الشر ق جو)
أتمنى ان يدوم هذا الترابط وتدوم الصلة بين الاهل..
(قصة قصيرة) أحد الغرابة كان يسكن فى السديرة زمن طويل وعرف الناس
ودخل فى مجتمع السديرة وفى أحد المناسبآت قال(اى مناسبة باصات أصفر ما جاء
هذا مو إسيلاوى الكتابة حسب اللغة)
أتمنى لك التوفيق والتقدم وعين الله ترعاك .....

descriptionفي الطريق إلى المدرسة !!.. Emptyرد: في الطريق إلى المدرسة !!..

more_horiz
أبوعمار العمدة كتب:
يأخى كتابتك حلوة ومواضيعك أحلى واسلوبك جزاب ووطنيتك زائدة وغطيط على
كل أبناء القبيلة ماشاء الله عليك( ويدقوا ليك النحاس!!)وبالمناسبة الاخ عبد الغنى ما
قصر تكلم عن علامة العسيلات المسجلة عالميا باسمهم الباصات الصفر والتكاسى
الهنتر الصفراء وماحلت مناسبة فى السديرات الا والباصات الصفر مشاركة بعنف
وهذا إننا أهل يعض والمشاركة لآفتة للانظار بالنسبة للقبائل جيران العسيلات
عند حضور الباصات القبائل الاخرى الجيران تقول (ديل اهلون ناس الشر ق جو)
أتمنى ان يدوم هذا الترابط وتدوم الصلة بين الاهل..
(قصة قصيرة) أحد الغرابة كان يسكن فى السديرة زمن طويل وعرف الناس
ودخل فى مجتمع السديرة وفى أحد المناسبآت قال(اى مناسبة باصات أصفر ما جاء
هذا مو إسيلاوى الكتابة حسب اللغة)
أتمنى لك التوفيق والتقدم وعين الله ترعاك .....


شكرا الابن ابوعمار على هذا الاطراء الذى امل ان اكون اهلا له نحن معكم بقلوبنا وبارواحنا فانتم جزء من جسدنا السديرات في قلب كل زول في الشرق افراحكم تفرحنا واتراحكم واحزانكم تؤلمنا والله لو بمرادنا لقطعنا البحر بلامركب حتى نصل اليكم روابطنا متينة وعلاقتنا امتن وصدقني لو قلت لك اني اعرف كل من في المنتدى بالسؤال عنه او عن والده اذا كان اصغر مننا وبالمناسبة احمد البخيت موسى لو بيتذكر من زملائي و احمد كان في رابعة وانا كنت في ا ولي وكان هذا في نصف الستينات بمدرسة العيلفون الوسطى وكان معنا مساعد خالد وعبدالمطلب حمد الجزولي والمرحوم الخاتم محمد الخاتم ومحمد الامين الفكي ومجموعةمن اولاد الشرق كلنا عسيلات وبحمدالله وبوحدتنا كنا قو ى يعمل لها الف حساب وهذه حال اولاد امحمد منذ عهدناهم .. ووصيتنا الى كل الاجيال التي بعدنا ان يحافظوا على هذا الترابط الازلي الذى نتمنى ان يدوم الى ماشاء الله ..

ولكم تحياتي...

descriptionفي الطريق إلى المدرسة !!.. Emptyرد: في الطريق إلى المدرسة !!..

more_horiz
Samir AlSoNi كتب:
يا سلام ياسلام موضوع قمه في الاتحاف و الابداع الروائي في سرد القصص الجميله الممنعه للقارء .........ومن هنا انا في محطه الباص الاصفر باص العسيلات.................و الى الامام دائما و لك جزيل الشكر و كل التقدير


عزيزي، وأخي ود السني...

عساكم بخير، ومتعك الله بجمال الصحة وبركة الرضى،....

والله سعيد بالتعارف، فغول المسافات ابعدنا عن الاهل، والاحبة، والخيلان، وفطرة الناس، وها نحن نعود بالكتابة كشكل من اشكال الحنين، وكشكل من تدوين الحياة قبل ان تتسرب من ايدينا، وللحق الحياة في قرى العسيلات تستحق الرصد والتدوين، وأخوك يعمل على رصد هذه الحيوات، وحاليا اوشكت على إكمال كتاب يدور مسرح احداثة شرق النيل، فدعواتك اخي سمير...

وبمناسة نص، أو قول (بص العسيلات)، فقد أوشك، وكنت اظنة قصة قصيرة ولكن مجاري الاحداث اتخذت ابعاد لم أكن اتصورها، وهكذا حال الكتابة..

يارت اسجل انطباعي عن زيارتي لقرية السديرة، من فوق (البص)، والحيشان تحتي، والازقة، وسلام الناس من تحت لفوق، وتعجب الابقار من حلقة ذكر تدور رحاها فوق البص، ومنظر الاسر التي تكنس والتي تعوس والنائمة، وفليم واقعي لأهي العظام..

أشكركم على تفاعلكم من نص مبني من وقائع واحداث هي قلب قرانا الرائعة...

محبتي الزائدة لك

descriptionفي الطريق إلى المدرسة !!.. Emptyرد: في الطريق إلى المدرسة !!..

more_horiz
ابو قدير كتب:
المبدع / عبدالغنى حـروفـك الـنـيـرة الـمـشبعـة بالـحنين ودعـاش الـزمن الـجميل لأمـست
شـغاف قـلبى وأوتـار عـيونى وسكـنـت بين الـضلوع والحـنـايـا , لـك سـلامى وتـقديرى واحـترامى ودعـواتى وأجمل أمنياتى
مـثـنى وثلاث ورباع وبالـمتر والضراع وبالأردب والقنطار والشوال
والكيله والملوة والربع والكوز

أخـــوك ابـوقـديــر


ابو غدير،

سلامي، والله بالكيلة والملوة والربع والكوز، جرى الخيال لاحداث ووقائع ياريت نسجلها، طبعا لنا علاقة بالطاحونة، وكانت وين؟ في القويز، تصور من الحسناب للقويز،

ياريت نلقى الوقت لتسجيل تلك الرحلة، والتي نعاني منها اكثر من جدنا امير رحالة الكون ابن بطوطة، والسيرافي...

والله نكت من حنايا الذاكرة اشياء واشياء

عميق حبي وشكري... والبلد ملاينة حكاوي، تملأ الافق، والبحر كمان..

اعمق المحبة والتقدير

descriptionفي الطريق إلى المدرسة !!.. Emptyرد: في الطريق إلى المدرسة !!..

more_horiz
هذه القصة من قصص كتاب الام ظهر حادة وسوف نوافيكم باذن الله بكل مافيه وقالوا البكاء بيحرروا اهله وطبعا يهمنا كلنا كعسيلات ونفرح ونسعد عندما نرى عبدالغني ا واى مبدع من اولاد امحمد عسيل في الطريق الى المجد ودعواتكم له بوصوله ان شاء الله ولكم تحياتي وودى

كلبة فاطمة. (1)

كيف قررت كلبة فاطمة إلغاء فزع الطابور الصباحي وحصة التسميع ؟!!



أي أعجوبة بعد هذه، كنت أهرب من مدرستي منذ الحصة الخامسة، وأتسلق شجرة نيم ضخمة بالسوق قبالة طابونة طيفور، ولم أكد ألتقط أنفاسي من مشقة تسلقها، حتى كان جاري، في الغصن المقابل حضرة الناظر!! وهو حتماً لم يتسلق الشجرة من أجلي، فقد كان يكفيه أن يصيح آمنا من ظل الشجرة المتسخ ببقايا نبق مبلول باللعاب، ومسروق، ومنغرس في التراب، ويسقط من عل، كما لو أن شجرة النيم تثمر نبقاً مأكولاً " أنزل يا ولد يا حمار .. أنت طالب ولا غراب" !!.

يبدو السوق، قبل الحدث الكبير، وخاصة إذا كنت متسلقاً شجرة النيم الكبيرة، مثلي ومثل الناظر، عبارة عن شارع وسيع، ضيقته البضاعة المفروشة على جانبية، أكوام من النبق، ذكرته في البدء لحاجة في نفس "مدثر"، وأكوام الطماطم والعيش والقلل، فيبدو الشارع وكأنه جدول متعرج صغير، هادئاً، الهدوء الذي يسبق صراخ الشحاذين والباعة وضجر الازدحام ومساومات الأسعار والتعارف، وخلو جيوب وامتلاء أخرى، وسرقة ثالثة ورابعة ويبدو شكله العام إنه قد توثب لحرب البيع والشراء الأزلية.

أما المدرسة، قبل الحدث السعيد، فتبدو من أي طائرة تمر، وهي نادراً ما تمر، حوشاً مستطيلاً، فصولاً متراصة، وميداناً جنوبي للطابور الصباحي، وشرقي للكرة الطائرة، ومزرعة صغيرة شمال الفصول، وتبدو المدرسة، من على ظهر حمار، عبارة عن سور متآكل، تحفه أشجار تمر الهندي والموسكيت، وباب سري لأمثالي المتأخرين في الحضور، والمبكرين في الإنصراف، كما تبدو المدرسة من داخل الفصول، عبارة عن أعداد هائلة من الطلاب، لايربط بينها الشكل أو الملبس أو الذكاء، بل شئ واحد أقوى من الرابطة الأيونية بين العناصر الكيماوية، وهو الخوف الجماعي العظيم من حضرة الناظر، ويلفها الصمت، وكأنها ثكنة عسكرية، ولو لمست هواء الفصل، بل الفصول، بل ساحة المدرسة، لوجدته حاراً مشبعاً بالخوف المنبعث من زفير مئات الرئات المذعورة، مناخ خانق، لا تترعرع فيه اتعس الجراثيم الطفيلية، التي قيض لها أن تعيش في أمعاء الفيلة .

أما السوق بعد الحدث السعيد، يبدو وكأن قنبلة ألقيت فيه، أو ريح صرصر من لحم ودم وكرش ونظارات داست على الأخضر واليابس، فالرواكيب قد أنهارت، والطماطم عفصت، أما المدرسة بعد هذا الحدث، فكأنها كرنفال فرح، فالطلاب يركضون بين الأشجار، ومشاغباتهم يتردد صداها بين الفصول، حتى أذن الناظر.

إن ما أقدمت عليه كلبة فاطمة يفوق الوصف والتصور، كسرت حاجزا كبير بيني، بل بيننا وبين الهرم الأكبر، حضرة الناظر، مدير مدرسة العسيلات بنين المتوسطة، حاجز أسمك وأعتى من سور الصين العظيم،، ما كان سيهدم ويتحطم مثل سد مأرب غير مأسوف عليه لو لا بلدوزر كلبه فاطمة، أنيابها الحادة الشريرة، من يتصور إن الناظر، بسمته، ووقاره، والخوف العميق منه، والمترسب في أعمق أعماق قلوبنا وعقولنا وعيوننا، قد ولى بلا رجعة، تلاشى مثل حلاوة قطن، أن ما قدمته لنا كلبه فاطمة يستوجب الشكر مدى الحياة، ومن الآن ولاحقاً لن يصيب صلبها شر من قبلنا، لا حجر ولا عصى، بل سنؤثرها على أنفسنا باللحمة والطعمية، وسنمسح بحنان بالغ على رأسها الصغير الشجاع، بل لو كان الأمر بأيدينا لنصبنا لها تمثالاً، مثل جاليلو ونيوتن وفراداي، الذين قدموا أجل التضحيات من أجل الحركة الطلابية.

وسأقص لكم المشهد، كما هو، لعن الله شاهد الزور، وسأنقل الواقعه كماهي، صورة طبق الأصل، ولو كان نباحها في لساني، وملامحها على وجهي، وسرعتها داخل سيقاني، لواصلت سك الناظر حتى آتي به من الجهة المقابلة إلى نفس المكان، ألم يقل لنا بأن الأرض كروية، البيان بالعمل، بالجري أمام كلبة هزيلة، تخيلته، وقد خرج جارياً من حدود السودان، وبعد بريهات خرجت الكلبة وراءه، ودخل صحاري تشاد، ومالي، وكأنه يجري في حوض من الصمغ، رجلاه أثقل من حجر الطاحونة، وسبح الاطلسي، عارياً فماتت الأسماك من سخونة جلده وعرقه، ورأته الروم والفرس، فضحك عليه بالسرياني والبرتقالي،، وتسلق مرعوباً جبال الانديز، فذابت من أنفاسه ثلوج القمة، كما تذوب كتلة الشحم في الطوة، فسالت حارة فائرة في حقول البن، فملأ الفقراء البراميل والكبابي من فيضانات القهوة الحارة، ولعن أصحاب مزارع البن ثقب الأوزون، وحتى يكون كلامه عن كروية الأرض لاحقا كلام يقين، فما أكثر الأكاذيب التي ملأ بها رؤوسنا وفضحتها سكة الكلبة، الناظر يجري بكل قوته من كلبه فاطمة، منظر قد يبدو شبه عادي، ولكن حين تتصور شكل الناظر، فسيبدو الحدث لك، مثل فيل يولي الأدبار مرعوبا، محاولا إخفاء جسمه الضخم خلف مؤخرة نملة، فالجسم المرعوب لا يعرف المنطق، وبأن الجبل أكبر من الإبرة، وبأن النبق والطماطم تؤكل، و لا تعفص بحذاء الناظر المعفر بروث البهائم والمرحاض، وبأنه من المسلمات، إن الكلب أسرع من صبيان بني آدم، ولكن لكل قانون استثناء، ولكل قاعدة شواذ، وإلا فما الداعي لأن يحتمي الناظر ببطيخة، بل شعرت بحيرة البطيخة وهي تسأل نفسها، كعادة كل المخلوقات المحزونة، وقد سال دمها الأحمر الحلو من خربشة مخالب الكلبة " لم خلقت، ليحتمي بها الناظر، أم لتستمتع بحياتها، أم لتؤكل كتحلية ؟" ليتكم كنتم معنا في الطابور الصباحي، لتقارنوا بين الصورتين، صورته أسداً يتبختر في عرينه، وصورته وهو يبحث في السوق عن بيضة دجاجة لينحشر فيها، ويزاحم السواسيو في رحمها الكروي الأبيض الضيق، وأقسم صادقاً، بحكم قشعريرة جسمي حين يقترب الناظر مني، بأن هذا السوسيو المحزون، لو قدر له أن يعيش بعد هذه المزاحمة، فلن ينبت له ريش ولو عاش عمر نوح، خطواته الموزونة في الطابور، ونظراته من خلف النظارة، يتطاير منها الشرر، حين ينظر إليك، تحس بتيار من أرواح قطط تتلوى وتلفظ أنفاسها في جسدك، وبأنك محصور في ركن ضيق محدقاً في مرزبة مسننة ستهشم رأسك، وكأنه مخلوق من طين خاص، يخلق منه المديرون والرؤساء والعساكر والمجرمين، طين لا يعرف النكتة والحنان ومسح رؤوس الايتام، طين لا يعرف الخوف، كانت حياته محسوبة، عبارة عن معادلة رياضية، إي تغير في طرف يخل بالطرف الأخر، خطواته ونظراته، صورة صارمة وبغيضة، يقشعر لها جلد وعيون وشنط وخطوات وكراسات الطلاب.

descriptionفي الطريق إلى المدرسة !!.. Emptyرد: في الطريق إلى المدرسة !!..

more_horiz
)

بعد الحدث السعيد، والأمور نسبية كما يقول مستر انشتاين، فالفصل جنة لمن يأتي من مكتب الناظر، وجهنم لمن يأتي من بيته، بعد نهاية الدوام، أو قبيل نهاية الدوام، فأنا، وتوخيا للحق، أهرب من الحصة الخامسة بالباب السري، فتحة مخبأة بشجر الموسكيت، إلى السوق، لسرقة النبق، وأتسلق شجرة النيم الضخمة حتى يمر الناظر، لأنه يخرج من الحصة الخامسة، مثلي، لشراء حاجيات البيت، فخرج الناظر كعادته لشراء حاجيات البيت، وفي السوق رأته كلبه فاطمة، كما ترى كل الخلق، ولكنه أثار فيها جوى، بحجم لحمه المكتنز النظيف المعطر، يا ترى هل أدركت الكلبة بحاسة الشم الحادة بأن الناظر هو سبب رشقها اليومي من قبلنا، ننفس المكبوت، وهذه الحجارة أصلاً موجهة نحو قفا الناظر، ولكن لخوفنا العاجز، اتجهت لصلب كلبه فاطمة، عينه على الفيل، ويطعن في ظله، فأرادت الكلبة أن تجتث سبب شقائها من الجذور، فالناظر أولى بالعداء، هكذا تقول الحكمة، وعلم النفس، مجرد أن وصل حضرة الناظر إلي السوق هجمت عليه الكلبة، أطلقت الكلبة نبحة عالية، وكأنها تنبه أهل السوق للكف عن البيع والشراء ومتابعة المسرحية التي جاءوا من أجلها، فلكل حيوان الحق في تضخيم اهتماماته، فأقشعر نظر الناظر، حين تيقن بأنه المقصود بهذا التهديد، وفي البداية كان يوزع نظراته بين الناس وبين الكلبة، كيف يجري ؟ والشارع يضج بالبشر، إنه لا يصلح إلا للبطء ، مزدحم بالخلق، وحتى تقطع الشارع عرضياً فقط، فإنك سوف تسمع ثلاث آذان للصلاة، وتتعرض لعشرة محاولات سرقة، أغلبها ليد دخلت جيبك عن طريق الخطأ نتيجة الزحمة، أو أدخل شخص رجله في شرابك إن كنت أفندياً، لذا وضع الناس قروشهم في مكان غريب، كما وضع الله فرج المرأة بين الرجلين، وربطوها بالسراويل، فالأجساد هنا تتلاحم، تلاحم العرايا في غرف النوم في عز الشتاء، في هذا الحشر جرى الناظر بصورة تحافظ على وقاره، وعلى قدسية الرأي العام، وكلما اقتربت الكلبة من رجليه، نسى جزءاً من الوجود المحيط، من الباعة والنساء والشماسة وأهل الحي، كانت الضحكات الساخرة تصل اذنيه، وتجرحه، ولكن كشرت الكلبة عن عداوة غير متوقعه، فأوصله الخوف حد الصفر، بين أن يضع للرأي العام بالاً، وبين انقاذ نفسه، وبأي طريقه وبأي أسلوب، خاطئ أم صواب، ردئ أم جيد، مضحك أم مثالي، أما أهل السوق، فالجائع نسى جوعه، والحرامي أجل شغله، والصعلوك همدت رغبته، فقد تأجل البيع والشراء، حتى يتفرجوا عليه، حتى ينسوا همومهم وغموهم للحظة صغيرة، توقفت حركة السوق الواقف والمنحني والجالس، وكأنهم في صوره فوتوغرافية بلا حراك، فقد استجد موضوع، حين يختل نظام الحياة الصارم الممل، تطرب النفوس، ما أحلى المفارقة، وخاصة إن كان بطلها ناظراً وقوراً وكلبه عجفاء، أما الناظر فقد اختفى الوجود من عينيه، انه لا يعرف أيسكه كلب أم كلبه، خرج عن الزمان والمكان، سوى هذا الكلب المكشر عنه أنيابه، أتجري من كلبه عجفاء يا مدير المدرسة، جري الفطرة، وليس جري التكلف، جري مياه الأمطار، وليس جري صنابير المياه، كنا نحس أن جسمه لا يعرف الخوف، هكذا خٌلق، جسم لا تعتريه سوى الصرامة والاحترام والخطوات الموزونة، في البدء كان يجري وهو خائف على صورته أن تهتز، فالميدان هو السوق، حيث النجار والخضرجي وبائعات الشاي، وقد كسر في ركضه كبابي الشائ وداس على كيمان الطماطم والعجور، خسائر فادحه لتجار بسطاء، أحس بأن الكلب هدم كل ما بناه، وبأن حياة جديدة رسمها الكلب، صحيح عنتر كتلو أعمى، وحين اقتربت منه الكلبة، فنى عن الجميع، لم يعد سوى كلبة فاغرة فاه، وناب حاد يود أن يغوص في فخذه الثمين، جسم عجوز مهدد بالعض والتمزيق، وروح مهدده، شعر بروحه، وبكيانه، بل بكل ذره فيه، نسى المدرسة وأولاده وهم الرزق، كل المخاوف والحياة استحالت إلى كلبة تهدد وجوده على ظهر البسيطة، كلبة كالظل، سوف يلاحقك طوال حياتك ياحضرة الناظر المحترم، حتى لو نجوت منه، هل ستنجو مما فعله بك أمام الخلق، كم عذبه هي الذاكرة، رائحة الأحداث تمتد عبر الزمن، وكأنها نهر لا مصب له، الألسن تخبر الأذان، والأذان تخبر الألسن، دواليك، جيل بعد جيل، هل تذكر هتلر وهبنقة، إنها غريزة الخلود، الحكايات تلد الحكايات، ستكون وصمة عار لأحفادك وأحفادهم، لقد غزت فضيحتك أيام المجهول البعيدة، شمس لا تكف عن الشروق، ولأول مره في حياته يرى أن الموت شئ بسيط ومباغت، كحقيقة مجسدة، وليس وهما يؤرق النفس، أنهمر العرق من كل عضلات ومسامات الجلد الخائفة المسرعة، وللحق توحد مع الخوف، لم يعد سوى خوف يملأ كيانه، وكأنه قالب خوف، تمنى أن يخرج بسرعته عن الزمان والمكان، أو أن يصحو فجأة، وكأن الحياة كابوس، حلم مزعج، كذبه، مرت برأسه شرائط حياته كلها كالبرق، بل ملايين الحيوات، لا خلاص من الكلبة سوى السرعة، حبل النجاة هي أن يسرع بكل قوته، ماهي السرعة؟ أهي حبل النجاة، أهي الابتعاد عن العدو فقط، إهي العجز عن المواجهة، أهي الاعتراف بكينونة الخوف الفطري، لقد تعجبت من سرعته، أين كانت هذه السرعة، كامنة في هذا الجسد المترهل العجوز، قنبلة من الجري كانت مخبأة خلف وقاره الكاذب، ولهذا خلق الله الأقدام في خلوة الرحم، طويلة ورفيعة ورشيقة، كي تركض، كي تقفز، سرعة كامنة في الأرجل، فانفجرت مدوية بسبب نباح الكلبة المسعور، طاقة إلهيه لحفظ الذات، وهل تسعفه سرعته المحدودة، ليت له سيقان الريح أو الضوء أو الخيال، بدأ يسرع الخطو، وكأنه حشد له كل ما قدر له في حياته من طاقة الجري، كانت سرعته أكبر من رجليه، وكأنه يطير، إنه الخوف الحقيقي، الخوف الذي يهدد حقيقة حياتك، وتجد نفسك بغتة، وبلا توقع، في مواجهة الموت.. الموت.. الموت، هذه الكلمة القديمة الحديثة، تقابلك كتجربة شخصية ماثلة، فيك، وليس في غيرك، كلمة بكر، لم يجربها جسمك بعد، إنها أكبر من الألم والخوف والانفعالات، إنها ذروة لا تبلغ وتعرف إلا بالتجربة، الموت يفتك بحياتك الكبيرة بيسر وببساطه، كم أكذوبة انت أيتها الحياة، جذوة واهنة تطفأ بأوهن نسيم، أهكذا يطرق الموت الباب، في أي لحظة غير متوقعة يريدها هو، وكأنه يكره ظاهرة الاستعداد، حتى بالنسبة له، لاشكل له ولا رائحة، ولاوجود، عدو غريب، مسكون بالمباغتة، أهكذا تسدل ستارة حياته الحافلة بالتربية والعلم، يموت وسط السوق، محروق الحشي، معفراً، مسكوكاً، خائفاً، معضوضاً في مؤخرته، والكلبة الهزيلة تشد من أزرها، وأي ضير ان ينتقل اللحم من جسم الناظر المكتنز إلى جلد الكلبة الضامرة، "العدالة قيمة عليا" شعار خلف مكتب الناظر، أحس الناظر بأشياء بكيانه كانت منسية، نائمة، أشياء مجردة بدأت تتجسد وتحس، قلبه الميت بين ضلوعه هب مذعوراً من كمية الدم المتدفقة نحوه والمليئة بالأكسجين، وكأنه يتنفس بفتحاته التسع، كانت رجله مهددة بالعض، أحس بكعب رجله، كما يحس بعينه، وبعضلاته وبفخذة وبساقيه وببطنه وشعره وسرته، وبأن الألم، هذا الكائن الغريب يدخل عليه من هذه الأبواب، أحس بأن الجسم هو الروح، حقاً هو الروح، روح خفيف يخاف ويفرح ويموت، وهل تموت سوى الروح ؟ لقد كسر في ركضه الجنوني الكاريكاتوري أواني الشاي لسعاد، ولم يقف ليعتذر لها، لا قانون ولا أخلاق مع الخوف، أستحال إلى كتلة هوجاء، فوضى من اللحم، مسكون بشيطان الخوف العظيم، بالأنانية الكبرى، احتمى بالشحاذين، وبالشجر وبالأطفال، لم يكن ينظر سوى لنفسه، تعرى، تنكر لكل الخطب الرنانة التي ملأ بها أذاننا في الطابور، التضحية.. الإيثار، نكران الذات، إي نكران للذات وأنت تحتمي بحليمة الهرمة العمياء من الكلبة المسعورة، وإي حكمة وأن تدوس بأرجلك المرعوبة على رأس مال سعاد الأرملة، لم أعد أصدق ما يقوله في الطابور والفصول، حتى كروية الأرض والجاذبية الأرضية، وقصيدة السماء الضحوك للشابي، فالأرض مكعبة، والجاذبية في رائحة العجور والنبق ووجه آمنة فقط، صارت موضع شك وارتياب عندي كل الاشياء التي ملأ بها رؤوسنا المكلومة، قطع الرقاب ولا قطع الأرزاق، إنني معجب بالناظر في هذا الوقت، تمنيت تقبيله، إنه حر، يكاد يكون حراً من كل القيود، أنه معذور، لو بكى، لو تعرى، لو كسر، لا تثريب عليه، كالعنب يحمل بداخله الخمر ولا يوبخ، تحول المشهد إلى كلبة وناظر، كلبة مسعورة وأرنب خائف مذعور، كلبة لم تترب على احترام الكبار، وتوقير حضرة الناظر، وأداء الواجب واحترام الرأي العام، وجدت ضالتها فيك، أغراه سمتك ووقارك، كلبة جائعة منسية، ليس في السوق قطعة عظم، لا كوش ولافضلات، إناس فقراء، موخراتهم مقفولة منذ عام، فما يدخل الفم لايكفي حاجة الجسم من الطاقة والصبر ومكابدة الحياة، فوجد في فخذ الناظر لحماً طرياً، مرت بالناظر أطياف الوداع، ملايين الصور، لأحياء وأموات، لأناس قابلهم في عشرة لا تتجاوز جزء الثانية، تذكر حتى رائحتهم، ملابسهم، هل جن، اختلط الحابل بالنابل، الذاكرة بالخيال، أيودع بيته وحياته للابد؟ هذيان المحتضر، أرتعش قلبه، نسى جميع الآراء والمعتقدات التي شب عليها، وألقى نظره بكر للوجود، كان يجري بأقصى سرعة، حتى بدت أرجلهما، أرجل الكلب والناظر، مثل مروحة في نمرة واحد، لا ترى سوى كره من الحديد، بل لو أعادو الجري بالتصوير البطئ لبدت مثل مروحة في نمرة واحد، وهو في ركضه رمى شنطته وكراسات الإملاء للفصل الرابع، فصلي، حتى يكون خفيفا، ولحقت بها الساعة والجزمة والبنطلون، يا ترى حين كان يتجول سابقاً، هل تصور بأنه سيقفز فوق كوم البطيخ المرتفع، وبأنه سيرشق كلبه فاطمة بخبز طيفور الحار، وبأنه سوف يلف حول سبيل السوق أربعة عشرة مرة لاهثاً، وقد أطلقنا على السبيل "كعبة الناظر" فمن غيره يطوف حول السبيل 14 مرة لاهثاً وكأنه كعبة يرجو مساعدتها.

descriptionفي الطريق إلى المدرسة !!.. Emptyرد: في الطريق إلى المدرسة !!..

more_horiz
)

وانتهى الحدث السعيد، مصائب قوم عند قوم فوائد، بعد أن تسلق الناظر شجرة النيم، ليجلس معي في غصن صغير، نزاحم طيور الله في وكناتها، ونستمتع برؤية حركة السوق الدائبة، سينما حية، بلا تذكرة أو صفوف، أبطالها حاجة حليمة، وعثمان الاطرش، ومقهورين آخرين، يمثلون الواقع الحزين، بلا مخرج أو سينارست، تمثيل حقيقي، في اللحم والدم، الشحاذ هو شحاذ، وليس ممثلاُ ثرياً، يتقاضي الملايين، كي يمثل دور شحاذ معدم، منكسر القلب، وأنى له ذلك، فالنائحة الثكلى، ليست كالمستأجرة، فقد كنت اختفي في السابق بين غصون الشجرة حتى يشتري الناظر حاجياته، قلت في السابق لأني بعد الحدث لم أكن محتاجاً لهذا الاختباء، نظر إلى بخجل وإنكسار، وكأنه يترجاني بكل جسمه أن لا أبوح لأحد، فنزلنا لشرب الشاي، معاً، اختل الميزان، أنا الناظر والمدير الآن، وهو الطالب المهمل الكسول، الخائف، يترجاني أن لا أبوح لزملائي، ويربت على كتفي وكأنني نده، صنوه، وكاتم سره، أضحك في سري، حين أتذكره وهو ينطط .. جر جر.. ويتشعلق، ويقع، ويتفوه بكلمات لم أكن أتوقع بأنها مدفونه في ذاكرته إطلاقاً، ظهرت على حقيقتك يا ود سكينة، يا بابكر حسن، وهذا هو اسمه العاري، الحافي، الحقيقي، لقد ولى زمان الجبروت، وتم ميلادك في عصر جديد، سيؤرخ في أخلاد الطلاب .. "ماقبل النبحة .. وما بعد النبحة".. ق ن أم ب ن.

انتشر الخبر وكأنه كان يجري في السماء فوق رؤوس البيوت، وجاءه الناس معزين، ومطالبين بالتعويض للأضرار التي لحقت بهم، تحطيم كبابي وكوانين، وقلل ودهس للطماطم والعجور وقدر الفول. فقد رويت الحادثة 375 مرة، وهي عدد الطلاب والمدرسين زائداً ثلاثة، والثلاثة الزائدة هي أستاذ طلب مني أن أقصها ثلاثة مرات وهو يكاد يقع على قفاه من الضحك.

وفي الفصل، نظر لي وكأنه يستجديني بالصمت، ولكنه حين نظر في عيون الطلاب شعر بوخزها، كانت العيون الماكرة تحمل ضحكة أكبر من صورته القديمة البالية، وحين أخرج الطلاب الكراريس التي ألقاها الناظر وهو يخفف عبأه خوفا من الكلب، استيقن بأني رسمت له صورة كاركاتورية، لن تسطيع بشاورة، ولو كانت بحجم يغطي البلاد من برد الشتاء، أو تغطي البحر من ضوء القمر، قادرة على مسحها من أذهان الطلاب، فدوت ضحكة، لازال ببغاء الصدى يرددها في الأفاق، ولأول مرة يكتب "مدثر" معادلة فيزيائية "سرعة الضوء = سرعة الناظر – سرعة كلبة فاطمة" كتبها على جدار الفصل المواجه للطابور، يمين "العلم نور" و"الفتة فطور" التي اضيفت بخط بدائي.

وكما قلت، تبدو المدرسة بعد الحدث العظيم، الأطفال يلعبون في ساحة المدرسة، كرة القدم ترتطم بشدة باب مكتب الناظر، وكرة التنس بصلعته، لترتد لنا، لنواصل مهرجان الفرح، وكأن شيئاً لم يكن، وهو مستغرق في ذاته، في انعتاقه، في التحولات التاريخية في جسده وغدده وذهنه وحريته، ونظرته لنفسه، للهروب من هوان الذل، أعرف نفسك، وإلا الكلبة قادرة على هذا التعريف، بفعل الكلبة العجفاء، جنود الله التي لا ترونها، وحين يذكر نشوى الأمن التي اعترت وتخللت كل جسمه، كله، بٌعيد ذلك الحدث، وكأن جسمه كتله من بلور زجاجي، اخترقته بصورة كاملة أشعة قوية من الأمن، من الحياة، من الميلاد الجديد، وفي دخيلته، حين يتخيل تلك الحالة، فإنه كان يتمنى أن تسكه الكلبة مدى الدهر، فقد سقطت من ظهره ملايين، مليارات الأقنعة والهموم والمظاهر الكاذبة التي كان يتصنعها لمجاراة رأي عام صارم ومتحجر.

لقد خرج من سجنه بسبب الكلبة العجفاء، جنود الله التي لا نراها، لقد غسلته من كل فهم أو عرف قديم صُبغ به، إنه ينظر للحياة نظرة طفل حديث في السبعين من عمره، أما أنا فقد صرت بطل الحكي في بالمدرسة، أدركت بأن الناظر مجرد إنسان، يخاف ويحب وينام، مثلي، إن لن لم يكن أقل مني، انطلقت موهبتي كالنافورة في أصقاع المدرسة.
وللحق لا نفع لي، سوى أن أحكي، وأن أحكي من رأسي، وليس من كراسي، فأنا فقير ويتيم، ولا يمكنني شراء كتاب، ولا حتى سرقته، ففي قريتي لا توجد مكتبة، بل للحق فأنا أمي رغم السنوات الخمس العجاف بالمدرسة، كتابي هو خيالي، هو قلبي الذي يرغب في ملايين الأشياء، منها الممكن ومنها المستحيل، ثم يحرم منها جميعاً، فلذا فهو يتخيلها، يتخيل شكل الحلاوة، ثم يتخيل طعمها، ثم أمضغها، بتروي حتى لا تنزلق من بين لساني وحلقي، بل يتخيل كل الأشياء كما تروق له، يتخيلها بعمق، كما لو هي موجودة أصلاً، بل يجعلها هي الموجود الحقيقي، والواقع هو الخيال هو السراب، مثل مريض الهذيان، هذيان الحكايات التي تجعلني سيد نفسي، أسمع الأنوار، أرى وقع اللحون، لأنني أحلم بعالم غريب، الحجارة فيه تضحك، كما لو أنها تراود ملاكاً جميلاً، والسماء عبارة عن قلب أم كبير، يلف بحنانه أنفاسي الخائفة، أحكي بعمق، حتى ينصت الناس لي، لأنيني، لأحزاني المخفية تحت جلدي الضئيل، أكرموا محدثكم بالإنصات إليه، حتى يرى وجهه في مرآة عيونكم أحسن ما يكون، لذا كنت أهرب من المدرسة، فأنا الطيش، في سنة أولى وثانية وثالثة، لقد ترك الحمار دوره في الأمثال، فصار يضرب بي المثل في الغباء، لذا كنت أهرب يومياً للسوق، ومن فروع شجرة النيم كنت أرى الناس تحتي، صغاراً مثل النمل، فيهمد خوفي منهم، بل أحبهم، وأتهكم عليهم، واتابع حركاتهم، وتعابير وجوههم الغريبة في عملية البيع والشراء، كم هو غريب وجه بني آدم في مساومات البيع، إيخاف فناء ماله، وكنت اتابع رحلة حبات الطماطم الحمراء من خلال معدتي الخاوية، وهي تلمع مثل صدر آمنة الصغير في أكوام كبيرة وهي مفروشة على شوالات الذرة المبلولة ، ثم وهي توضع في أكياس مصنع ربك محتلة مكان الاسمنت ، ثم هي تكتوي بنار الطبيخ، وأخيراُ وهي في فم آمنة وقد سال لعابها، هذا العسل الذي تمنيت أن أمصه مثل عود قصب السكر، والذي يبدو في استحالته، مثل أن أكون أول الفصل، وقد أحرزت في الرياضيات مائة من مائة، أو أن تصير أمي من صديقات زوجة الناظر وسعاد زوجة حاج علي حتى ألعب بكرة القدم الوحيدة بدارهم، وأشاهد سوبرمان في التلفزيون الأبيض والأسود، ولم تعرف المدرسة موهبتي، إلا بعد أن قصصت حادث الكلبة 375 مرة، بعدد طلاب المدرسة والمعلمين، وفي كل مره أضيف وانقص، دون أن يتشوه المتن، حتى لا تلتفت العيون إلى غيري بسبب الملل، لأنني ألمس أحلامي وأشم أمنياتي وأصنع من الحبة قبة، كما قالت أمي، لأني أشعر بضآلة الحبة، وبفقرها وبتوقها لأن تكون قبة، ولم لا..كنت أبحلق في كريات بعر الحمير بتأني، كما تحدق النساء في لمعة الذهب في الفترينة، ذائباً في تكورها، معاناتها وهي تجتاز أمعاء الحمار الغليظة، هوانها وهي تلفظ سقط متاع، وكأنها ليست أهلا لكي تكون نهقة أو رفسة أو شعر ناعم على ظهر أو ذيل الحمار، ألا يعتبر هذا اكتفاء ذاتي؟!!.
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد