المدرك لفلسفة حقيقة الموت بعمق لا يساوره شك فى لحظة ما ان هذه الحقيقة رغم مرارتها ، فانها تحسب حياةً اخرى ينتقل بها الكائن من حياة وجود الى حياة عدم يظل فيها حياً يرزق فى كنف عزيز مقدير ولكننا لا ندرك كنه تلك الحياة لانها تظل الى الابد خلف حجاب ربانى لا يدركه الا هو سبحانه وتعالى وهذا هو عزاؤنا فى العم الراحل الباشمهندس ازهرى عباس ابراهيم الذى تصادف هذه السطور ذكرى رحيله الاولى والتى توافق الثانى من يونيو من العام 2010 م ولا اجد مقاماً لوصف ذاك الرجل الامة الا ان استفهم نفسى واستفهمكم حول ذاك الموقف والمشهد الرهيب حين مواراة جثمانه الطاهر الثرى فأقول فيه :
( لاندرى حين قبرناه ، هل غرسنا نخلةً ؟ ام اودعنا الارض سراً عزيزاً ؟ ) وهى عبارة الراحل الطيب صالح حين قبر احدى الشخصيات العزيزة فى روايته الشهيرة ( بندر شاه ) فالمقام هو ذات المقام ولكن الفقد كان اكبر واعمق واجل لانه هنا كان فقداً حقيقياً سالت له دموع الصغير قبل الكبير وعند الطيب صالح كان فقداً افتراضياً ، بيد ان ازهرى عباس لم يكن سراً غامضاً فى يوم من ايام حياته وحتى ساعة رحيله ، بل كان كتاباً مفتوحاً صفحاته ناصعة البياض قرأتها كل القبيلة ( هوى وشرق ) وتعلمت منها دروس الفراسة والشهامة والمروءةوالرأى السديد ، وازهرى عباس ايضاً كان نخلة سامقة حين نهز بجزعها تساقط علينا رطباً جنياً ، وازهرى عباس ايضاً كان مثل العطر حينما ينفد يترك ذكرى جميلة عطرة على جدران قارورته .
فحياة الرجل وسيرته اكبر من ان تسعها سطور واسفار، وفقده اعتى من ان تجور عليه رياح النسيان ، لانه عاش ( حلال مشبوكة ، وفقاد متروكة ، وسناد ضعيفة )
شرب من لبينة شاتو لمن روى واتَّرَّع
وانسل زى سيف على التحتو الكُفُر تتصرع
ولَمِع برقو البخاتف منو القلوب تتورَّع
فرع القبيلة الشَّرَّ فوق بنوت قبيلتو وفرَّع
ورغم ذاك الرحيل والفقد المر الا انه سيظل سفراً خالداً يعطر مجتمع قبيلة العسيلات ( هوى وشرق ) عامة واهله وابنائه واسرته واحبابه بالسديرة الشرقية خاصة وزملاءه بحكومة ولاية النيل الابيض وكل من عرفه من المكلومين فيه
رحل حلال عقدة الامر القسى واتأزم
صوتو مسقى بى سر الصلاح ومعظم
لى شوفتو الخلق بى نشوة فرح تتحزم
تسابق تقول حجاج على بير زمزم
واخيراً لا نقول الا مايرضى ربنا ( ان العين لتدمع وان القلب ليحزن وانا لفراقك يا ازهرى لمحزونون )
لك الرحمة والمغفرة ولنا فيك الصبر والعزاء الحسن
أسألكم ان تدعوا له بالرحمة والمغفرة وان تقرأوا الفاتحة على روحه الطاهرة
ولا حول ولا قوة الا بالله وانا لله وانا اليه راجعون