هو اشهر دكان في التاريخ السوداني المعاصر دكان من الزمن الجميل ياتيك ريحه عبر هنا امدرمان فترتاح النفس لسماع حكاياته الجميلة بلغتنا العامية البسيطة ، داكان ود البصير هنا في منتديات سنار غير لانه ينقل حكاوي السودانين بالقلم لا بالصوت ، محاولة جديدة لفتح افاق ارحب للقصة والحكاوي عبر هذه المساحة اتمنى ان اوفق في وضع القصص والحكاوي التي تفيد القاري ويجد فيها المتعة التي نبحث عنها كقراء واعضاء ..
حكاية رجل لم يركب سيارة في حياته ...
ينتعل عطا حذاءه البالي في الصباح الباكر ويضرب في الارض على غير هدى في اغلب الاحيان ، يتأبط قلباً وصفة بأنه لا يحقد فيه على أحد ولم يحدث ان تشاجر مع احد طوال سنواته الثمانين ، تحتضن يديه وذهنه ( خبرات ) ومهارات حرفية فائقة من عمله في السباكة والنجارة والحدادة واعمال البناء وفي السكة حديد والصحة ، عطا صديق ، الكهل الثمانيني يمتلك قوة بدنية هائلة ، احتفظ بها رغم تقدم السنوات ، مكنته من ممارسة ( حوامته ) المحببة الي نفسه كما يقول فهو لم يمتطي دابة منذ العام ( 46) ويحكي عن ذلك :
- كنت بشتغل في عربية اللحمة في مدينة عطبرة واذكر ان جوادي سواري استعصى ترويضه على الجميع وقالوا ما يقدر عليها الا عطا وفعلاً جابوني للجواد ، واستطعت ترويضه والذهاب به الي النيل والرجوع به وعندما كنت راجعا جفل الجواد عند إحدى البوابات ورماني من فوقه ، ومنذ ذلك الحين لم امتطي دابة او عربة ، عطا يتميز بالمعرفة الدقيقة لتاريخ لامتزاجه بكثير من البيئات السودانية ويقول انه ومنذ قدومه الي الخرطوم في منتصف الاربعينات يقضي كل مشاويره على رجليه اللتين لم يصيبهما الوهن رغم تقدم عمره الي ما فوق الثمانين ، سألناه عن السبب تقاعده عن النساء وعدم زواجه حتى الان فرمي بعينية الغائرتين اللتين لم يشكوا الضعف والعمش الي البعيد وهو يقول :
- انا في حياتي كانت عندي سبعة علاقات حب وكل واحدة كنت بطلق عليها لقب ابتداء من ذات الشامة ، ومرجوع القلب ، وبتاع الوفاء ، والاميرة ، وملعوبة الصدى ، والوسادة الخالية ، وكل منها قصة مختلفة عن الاخرى ، ولكن السبب الاساسي في عدم زواجي هو فشلي في الارتباط بفتاة عشقي الاول والتي وقف اهلها في طريق زواجنا ولم تراودني نفسي بعد ذلك بالتقدم للزواج حتى الان .
=========؟؟؟؟======؟؟؟؟=========؟؟؟؟========
حكايات خرفانة ...
من أميز معالم وإشارات الخرف كثرة الكلام وحب الجدل والمغالطة في (الهينة والقاسية)، فالمسن دائما ما يحاول التحكم فيما يحدث حوله من أحداث ويظهر أنه هو المسيطر على الإمور كالأيام الخوالي.
كان الجد (سالم) ينام وحيدا في الحوش الوراني ولأنه غالبا ما يقضي نهاره نائما كان كثيرا ما يجافيه النوم ليلا، فيجلس على سريره وينشغل بحك جسمه وجمع وكرفسة الغطاء ثم فرده من جديد، وقد ينهمك في البحث بهمة وتركيز تحت المخدة ويرفع طرف المرتبة ويقوم بنفض السرير عدة مرات، وإن صدف وسألته عن مايبحث فلن تجد لديه إجابة (لأنو ما عارف روحو بفتش في شنو) المهم (حراق روح للمجروح والسلام !!).
وفي ذات ليلة استيقظ سكان البيت المجاور لهم من الخلف على هبوط ثلاثة من زوار الليل الى ساحتهم، وعندما قام شباب البيت بمطاردتهم قفزوا إلى حوش الجد (سالم)، وبينما هو جالس (يسوي في البسوي فيهو) مر من أمامه اللصوص الثلاثه وألقوا إليه بالتحية فرد عليهم في ود ( أهلا مرحب) وبعد قليل قفزخلفهم الشباب وسألوه وهم يتصايحوا في إنفعال:
عمي (سالم) .. الحرامية النطوا بي هنا .. جروا على وين؟
أجابهم في ثقة وهدوء:
حرامية شنو؟ .. نحنا صاحييين ما شفنا أيييي حاجة!!!!
طبعا صيغة الجمع في (نحنا) بتكون للتعظيم.
و من ألطف الصفات المصاحبة للخرف (تقل الأضان) و(الضهابة) وهي نسيان وعدم معرفة أقرب الأقربين، فعندما قام أبناء الحاج (عبد الماجد) بإحضاره من السافل لزيارة (عشة) إبنة شقيقه المرحوم وأبناءها في المدينة والبقاء معها لعدة أيام، سعد الأطفال ايما سعادة بزيارة الجد واحتفوا به طوال اليوم وفي (العِصير) أخبرهم برغبته في زيارة بعض معارفه من السافل الذين يقيمون غير بعيد من بيت بنت أخيه، أخذه إبنها وأوصله لمعارفه ثم عاد ولكن عندما تقدم الليل دون أن يعود ، أحست إبنة أخيه بالقلق وأرسلت بناتها للعودة بجدهم ، ولكن يبدو أن الجد بالإضافة لضعف الإرسال والإستقبال، كان يخرج تماما من الشبكة في الليل، ولذلك عندما ذهبت إليه البنات وجدنه في خير حال (مشعوق) في (ضيفة وقرعة نضيفة)، فقد قام أهل الدار بعد تعليق جلبابه على مسمار في الحائط ، قاموا بتمسيحه بزيت السمسم من (راسو لي كرعيو) و تمدد في عنقريب قد اسندوا أرجله الأربعة بالطوب لتعليته ، وتغطى بالفردة البيضاء (في أمان الله).
وعندما أخبرت البنات ربة الدار(فاطنة) عن رغبة أمهن في العودة بالجد ليبيت معها، جلست (فاطمة) بجواره وصاحت في أذنه صياحا يوقظ الأموات:
يا جدي .. ديل بنات عشة جو يسوقوك.
صاح بصوت أعلى من صوتها:
قلتي منو؟؟؟
أجابته بنفس الصوت داخل طبلة أذنه:
بنات عشة .. عشااااااااااا .. جوك دايرين يسوقوك.
قال مستدركا:
أيوااا .. بنات عشة ..
وضحك ضحكة ابانت معها (خشمو الفاضي من السنون) ثم تسائل في براءة:
عرفناهم بنات عشة .. إنتي منو؟
ضج الجميع بالضحك وأجابته صارخة:
هي أنا ما نفيسة يا جدي .. نسيتني أنا ذاتي؟
قال معتذرا:
معليش .. أنا ودّرتكم ..دايرات شنو يا بنات عشة؟
قالت نفيسة مستعملة يديها كمايكرفون على أذنه:
دايرين يسوقوك .. بتمشي معاهم .. ولا داير تبيت معانا؟
إلتفت إلى البنات وأشار لهم بيده إشارة ( أمشوا) واعقبها قائلا في حسم:
صُدوا ..صُدوا .. أمشن لي أمكن .. قولن ليها جدي بايت قبلوا وبجيك بكرة.
حكاية رجل لم يركب سيارة في حياته ...
ينتعل عطا حذاءه البالي في الصباح الباكر ويضرب في الارض على غير هدى في اغلب الاحيان ، يتأبط قلباً وصفة بأنه لا يحقد فيه على أحد ولم يحدث ان تشاجر مع احد طوال سنواته الثمانين ، تحتضن يديه وذهنه ( خبرات ) ومهارات حرفية فائقة من عمله في السباكة والنجارة والحدادة واعمال البناء وفي السكة حديد والصحة ، عطا صديق ، الكهل الثمانيني يمتلك قوة بدنية هائلة ، احتفظ بها رغم تقدم السنوات ، مكنته من ممارسة ( حوامته ) المحببة الي نفسه كما يقول فهو لم يمتطي دابة منذ العام ( 46) ويحكي عن ذلك :
- كنت بشتغل في عربية اللحمة في مدينة عطبرة واذكر ان جوادي سواري استعصى ترويضه على الجميع وقالوا ما يقدر عليها الا عطا وفعلاً جابوني للجواد ، واستطعت ترويضه والذهاب به الي النيل والرجوع به وعندما كنت راجعا جفل الجواد عند إحدى البوابات ورماني من فوقه ، ومنذ ذلك الحين لم امتطي دابة او عربة ، عطا يتميز بالمعرفة الدقيقة لتاريخ لامتزاجه بكثير من البيئات السودانية ويقول انه ومنذ قدومه الي الخرطوم في منتصف الاربعينات يقضي كل مشاويره على رجليه اللتين لم يصيبهما الوهن رغم تقدم عمره الي ما فوق الثمانين ، سألناه عن السبب تقاعده عن النساء وعدم زواجه حتى الان فرمي بعينية الغائرتين اللتين لم يشكوا الضعف والعمش الي البعيد وهو يقول :
- انا في حياتي كانت عندي سبعة علاقات حب وكل واحدة كنت بطلق عليها لقب ابتداء من ذات الشامة ، ومرجوع القلب ، وبتاع الوفاء ، والاميرة ، وملعوبة الصدى ، والوسادة الخالية ، وكل منها قصة مختلفة عن الاخرى ، ولكن السبب الاساسي في عدم زواجي هو فشلي في الارتباط بفتاة عشقي الاول والتي وقف اهلها في طريق زواجنا ولم تراودني نفسي بعد ذلك بالتقدم للزواج حتى الان .
=========؟؟؟؟======؟؟؟؟=========؟؟؟؟========
حكايات خرفانة ...
من أميز معالم وإشارات الخرف كثرة الكلام وحب الجدل والمغالطة في (الهينة والقاسية)، فالمسن دائما ما يحاول التحكم فيما يحدث حوله من أحداث ويظهر أنه هو المسيطر على الإمور كالأيام الخوالي.
كان الجد (سالم) ينام وحيدا في الحوش الوراني ولأنه غالبا ما يقضي نهاره نائما كان كثيرا ما يجافيه النوم ليلا، فيجلس على سريره وينشغل بحك جسمه وجمع وكرفسة الغطاء ثم فرده من جديد، وقد ينهمك في البحث بهمة وتركيز تحت المخدة ويرفع طرف المرتبة ويقوم بنفض السرير عدة مرات، وإن صدف وسألته عن مايبحث فلن تجد لديه إجابة (لأنو ما عارف روحو بفتش في شنو) المهم (حراق روح للمجروح والسلام !!).
وفي ذات ليلة استيقظ سكان البيت المجاور لهم من الخلف على هبوط ثلاثة من زوار الليل الى ساحتهم، وعندما قام شباب البيت بمطاردتهم قفزوا إلى حوش الجد (سالم)، وبينما هو جالس (يسوي في البسوي فيهو) مر من أمامه اللصوص الثلاثه وألقوا إليه بالتحية فرد عليهم في ود ( أهلا مرحب) وبعد قليل قفزخلفهم الشباب وسألوه وهم يتصايحوا في إنفعال:
عمي (سالم) .. الحرامية النطوا بي هنا .. جروا على وين؟
أجابهم في ثقة وهدوء:
حرامية شنو؟ .. نحنا صاحييين ما شفنا أيييي حاجة!!!!
طبعا صيغة الجمع في (نحنا) بتكون للتعظيم.
و من ألطف الصفات المصاحبة للخرف (تقل الأضان) و(الضهابة) وهي نسيان وعدم معرفة أقرب الأقربين، فعندما قام أبناء الحاج (عبد الماجد) بإحضاره من السافل لزيارة (عشة) إبنة شقيقه المرحوم وأبناءها في المدينة والبقاء معها لعدة أيام، سعد الأطفال ايما سعادة بزيارة الجد واحتفوا به طوال اليوم وفي (العِصير) أخبرهم برغبته في زيارة بعض معارفه من السافل الذين يقيمون غير بعيد من بيت بنت أخيه، أخذه إبنها وأوصله لمعارفه ثم عاد ولكن عندما تقدم الليل دون أن يعود ، أحست إبنة أخيه بالقلق وأرسلت بناتها للعودة بجدهم ، ولكن يبدو أن الجد بالإضافة لضعف الإرسال والإستقبال، كان يخرج تماما من الشبكة في الليل، ولذلك عندما ذهبت إليه البنات وجدنه في خير حال (مشعوق) في (ضيفة وقرعة نضيفة)، فقد قام أهل الدار بعد تعليق جلبابه على مسمار في الحائط ، قاموا بتمسيحه بزيت السمسم من (راسو لي كرعيو) و تمدد في عنقريب قد اسندوا أرجله الأربعة بالطوب لتعليته ، وتغطى بالفردة البيضاء (في أمان الله).
وعندما أخبرت البنات ربة الدار(فاطنة) عن رغبة أمهن في العودة بالجد ليبيت معها، جلست (فاطمة) بجواره وصاحت في أذنه صياحا يوقظ الأموات:
يا جدي .. ديل بنات عشة جو يسوقوك.
صاح بصوت أعلى من صوتها:
قلتي منو؟؟؟
أجابته بنفس الصوت داخل طبلة أذنه:
بنات عشة .. عشااااااااااا .. جوك دايرين يسوقوك.
قال مستدركا:
أيوااا .. بنات عشة ..
وضحك ضحكة ابانت معها (خشمو الفاضي من السنون) ثم تسائل في براءة:
عرفناهم بنات عشة .. إنتي منو؟
ضج الجميع بالضحك وأجابته صارخة:
هي أنا ما نفيسة يا جدي .. نسيتني أنا ذاتي؟
قال معتذرا:
معليش .. أنا ودّرتكم ..دايرات شنو يا بنات عشة؟
قالت نفيسة مستعملة يديها كمايكرفون على أذنه:
دايرين يسوقوك .. بتمشي معاهم .. ولا داير تبيت معانا؟
إلتفت إلى البنات وأشار لهم بيده إشارة ( أمشوا) واعقبها قائلا في حسم:
صُدوا ..صُدوا .. أمشن لي أمكن .. قولن ليها جدي بايت قبلوا وبجيك بكرة.