لا شك أنَّ الغربة مرة , فهي تعني البعد عن الأهل والأحباب والتراب , وهي تعني معاشرة الأغراب على اختلاف عاداتهم , والتعود على عادات الآخرين , وتحمُّل نظرات أصحاب البلاد للمغتربين , وتحمُّل نظرات التمييز والتصنيف .
وفوق كل ذلك فبالرغم من أنَّ الاغتراب يكون أساساً من أجل القرب من الأحلام وتحقيقها , فسرعان ما يغدو هو البعد عن هذه الأحلام – فمن أراد الزواج مثلاً وجد في الغربة المال , ولكنَّ الغربة نفسها حالت بينه وبين اختيار الزوجة , وإذا توفق وتزوج بعد سنوات قد تطول , تبعده المسافات عن عيون الزوجة , وإذا تكبَّد المشاق وأتى بالزوجة معه في حضن الغربة بعد لأيٍ , ظلَّ مهموماً عليها كلمت خرج للعمل وتركها وحدها بين الجدران حتى يعود إليها في آخر النهار .
ورغم كل ذلك نقول هي الحياة – هكذا هي لا تكون بغير تعبٍ وجهد , فهي مرَّةٌ بلا اغتراب وهي مرَّةٌ به كذلك . وفي ظني فالحال الثاني هو الأحسن , يعني الغربة مع مرارتها أفضل للمغترب , وذلك أنَّه قد جرب غيرها بطبيعة الحال , فقد مكث طويلاً بين الأهل وفوق تراب الوطن حتى مل الأهل والوطن , وذلك لما عاناه من أحوال , ولما صارعه من طموح , ولما يريده من أحلام , فصارت الحياة عنده مرَّة حتى رأى أن لا مخرج من مرارتها بغير الاغتراب , فاغترب وهو , وربما كان سعيداً بذلك وهو يعدُّ أوراقه وشنطه , وما أن استقر في الغربة ووجد الوظيفة وجرى المال في يديه وقضى بعضاً من حاجاته التي كانت ملحة حتى بدأ رحلة الضجر من الغربة , هكذا هي الحياة لا تخلو من العناء , والعناء نفسه هو الذي يجعلك تتأكد من أنك حي يرزق .
والفرق بين الحالين , قبل الغربة وبعدها , أنَّ الحال الثاني أفضل لأنَّه قد أشبع في المغترب التساؤلات والرغبة في المجهول – فربما اغترب لأنَّه رأى الناس يغتربون – لقد فعل ما يفعله الناس وجنى من المال نصيبه من الرزق , وقد جرب وأفاد من التجربة واتَّسعت مداركه , ولا ضير عليه إن بعد ذلك وعاش في بلاده بأي وضع طالما أنَّه مستور الحال , ( وسادِّ الحنك) – وآخيراً ففي الغربة والأسفار عموماً فوائد جمة , منها : أنَّك تعرف قيمة بلدك وأهلك وأرضك , لأنَّك تقارنهم بأناس آخرين فتجد أنَّ أهلك هم الأفضل . ومنها أنك تضيف إلى رصيدك الكثير من التجارب والمعارف وثقافات الشعوب الأخرى . ومنها أنك تصل إلى قناعةٍ في مسألة الرزق ( وهذا هو الأهم ) والذي ربما يعيدك قانعاً إلى بلادك راضياً . وفي الأسفار كما قال الإمام الشافعي فوائد جمة :
تغرَّب عن الأوطان في طلب العلا وسـافر ففي الأسـفار خمس فوائدِ
تفـــريجُ همٍّ واكتســاب معيشـــةٍ وعـــلمٌ وآدابٌ وصحـــبةُ ماجــدِ
فلا تبتئسوا إخوتي المغتربين فلك امرءٍ نصيب من العناء إن كان في بلاده أو في بلاد الغربة , فقط تفاءلوا وقولوا هانت إن شاء الله و ولكم جزيل شكري .
وفوق كل ذلك فبالرغم من أنَّ الاغتراب يكون أساساً من أجل القرب من الأحلام وتحقيقها , فسرعان ما يغدو هو البعد عن هذه الأحلام – فمن أراد الزواج مثلاً وجد في الغربة المال , ولكنَّ الغربة نفسها حالت بينه وبين اختيار الزوجة , وإذا توفق وتزوج بعد سنوات قد تطول , تبعده المسافات عن عيون الزوجة , وإذا تكبَّد المشاق وأتى بالزوجة معه في حضن الغربة بعد لأيٍ , ظلَّ مهموماً عليها كلمت خرج للعمل وتركها وحدها بين الجدران حتى يعود إليها في آخر النهار .
ورغم كل ذلك نقول هي الحياة – هكذا هي لا تكون بغير تعبٍ وجهد , فهي مرَّةٌ بلا اغتراب وهي مرَّةٌ به كذلك . وفي ظني فالحال الثاني هو الأحسن , يعني الغربة مع مرارتها أفضل للمغترب , وذلك أنَّه قد جرب غيرها بطبيعة الحال , فقد مكث طويلاً بين الأهل وفوق تراب الوطن حتى مل الأهل والوطن , وذلك لما عاناه من أحوال , ولما صارعه من طموح , ولما يريده من أحلام , فصارت الحياة عنده مرَّة حتى رأى أن لا مخرج من مرارتها بغير الاغتراب , فاغترب وهو , وربما كان سعيداً بذلك وهو يعدُّ أوراقه وشنطه , وما أن استقر في الغربة ووجد الوظيفة وجرى المال في يديه وقضى بعضاً من حاجاته التي كانت ملحة حتى بدأ رحلة الضجر من الغربة , هكذا هي الحياة لا تخلو من العناء , والعناء نفسه هو الذي يجعلك تتأكد من أنك حي يرزق .
والفرق بين الحالين , قبل الغربة وبعدها , أنَّ الحال الثاني أفضل لأنَّه قد أشبع في المغترب التساؤلات والرغبة في المجهول – فربما اغترب لأنَّه رأى الناس يغتربون – لقد فعل ما يفعله الناس وجنى من المال نصيبه من الرزق , وقد جرب وأفاد من التجربة واتَّسعت مداركه , ولا ضير عليه إن بعد ذلك وعاش في بلاده بأي وضع طالما أنَّه مستور الحال , ( وسادِّ الحنك) – وآخيراً ففي الغربة والأسفار عموماً فوائد جمة , منها : أنَّك تعرف قيمة بلدك وأهلك وأرضك , لأنَّك تقارنهم بأناس آخرين فتجد أنَّ أهلك هم الأفضل . ومنها أنك تضيف إلى رصيدك الكثير من التجارب والمعارف وثقافات الشعوب الأخرى . ومنها أنك تصل إلى قناعةٍ في مسألة الرزق ( وهذا هو الأهم ) والذي ربما يعيدك قانعاً إلى بلادك راضياً . وفي الأسفار كما قال الإمام الشافعي فوائد جمة :
تغرَّب عن الأوطان في طلب العلا وسـافر ففي الأسـفار خمس فوائدِ
تفـــريجُ همٍّ واكتســاب معيشـــةٍ وعـــلمٌ وآدابٌ وصحـــبةُ ماجــدِ
فلا تبتئسوا إخوتي المغتربين فلك امرءٍ نصيب من العناء إن كان في بلاده أو في بلاد الغربة , فقط تفاءلوا وقولوا هانت إن شاء الله و ولكم جزيل شكري .