السعادة حال ذهنية وسمة شخصية. والحال هذه مزاج يروح ويجيء. أما سمة السعادة فهي أكثر استقراراً. فهي الاستعداد للشعور بالسعادة. وسمة السعادة هذه مهارة يمكن اكتسابها، وأفضل سبيل إلى ذلك التغلب على المصاعب الصغيرة في مرحلة الطفولة. يمكن أن يتمتع المرء بطفولة سعيدة جداً ويغدو بالغاً بائساً. والواقع أن الطفولة الخالية من أي ألم أو خيبة هي شبه صيغة لبلوغ بائس. وتحديد صيغة لمزاج سعيد في الحياة أمر صعب غير أن الباحثين تمكنوا من تحديد مقومات أساسية قد تساعد الوالدين على تنشئة أطفال يتمتعون بسمة سعادة هي جزء لا يتجزأ من شخصياتهم. هنا بعض إرشادات تساعد الأهل في هذا المجال: 1 ـ امنحوا أولادكم حرية الاختيار: الأولاد مستثنون من المشاركة من أخذ القرارات في كل المجالات والشعور بالعجز الذي يخلفه هذا الأمر يمكن أن يجعل من الطفولة مرحلة اقل سعادة مما يعتقد البالغون. وإذا كان الوالدان لا يتنازلان عن دورهما كصانعي قرارات، ففي إمكانهما البحث عن طرق لإشراك أطفالهما فيها. من المهم أن يدرك الوالدان أن تقديم الخيارات ليس كفيلاً بتوفير السعادة. فقد يختار الولد أن يكون غير سعيد، السعادة فعل إرادة. ولكل شخص أسباب ليكون غير سعيد، لكننا نستطيع أن نكيف ردود فعلنا حيال تلك الأسباب. السعادة إذاً، مسؤولية الولد إلى حد ما. 2 ـ نمو علاقات حميمة: تعتبر العلاقات البناءة من مقومات السعادة. ولئن يكن الوالدان عاجزين عن التحكم بالحياة الاجتماعية لولدهما مستقبلاً، ففي إمكانهما رعايتها بجعل علاقتهما حميمة ومريحة مع كل من أولادهما. يحتاج الأولاد إلى علاقات إيجابية مع والديهم إذا كان لهم أن ينجحوا في إقامة علاقات جيدة مع الآخرين. ويمكن الوالدين أيضاً أن يشجعا أولادهما على لقاء أولاد آخرين باستمرار عبر إلحاقهم بفريق لعب. يمكن أن يشكل المنزل المفتوح للأصدقاء عنصراً آخر مساعداً. يمكن الوالدين أن يساعدا أولادهما على تطوير علاقة تعاطفية مع الآخرين، فيتحدثان إليهما. 3 ـ قوموا دوافعكم إلى التدليل: تؤكد الأبحاث، أن ذوي المداخيل (الكافية) هم أسعد من غيرهم. المهم هو الحصول على ما يكفي لسد الحاجات الأساسية والشعور بالاكتفاء بما نملك. إن إعطاء الأولاد الكثير يولد لديهم وهماً بأن نيل الأشياء هو مصدر السعادة. إن الأولاد غير الماديين قادرون على الاكتفاء بالأقل لأنهم أقدر على الإبداع في اللعب بما يملكون. هذا لا يعني حرمان الأولاد كلياً من الهدايا، بل ينبغي ألا يشعروا بأن سعادتهم تعتمد على دفق دائم من الأشياء المادية. 4 ـ شجعوا الاهتمامات المتنوعة: يعيش الأفراد السعداء حياة متوازنة، ذلك لأن سعادتهم نابعة من مصادر عدة. ومتى توفقت السعادة على أمر واحد فإنها تصير غير ثابتة. وفي حين لا يسع الوالدين معرفة ما قد يحوز اهتمام طفلهما، ففي إمكانهما أن يقترحا عليه جملة نشاطات متنوعة. وقد يعني ذلك تقصير الوقت الذي يسمح له خلاله بمشاهدة التلفزيون أو ممارسة ألعاب الفيديو التي قد تخنق اهتمامات أخرى. إن التشجيع على الاهتمامات المتنوعة أمر مهم، خصوصاً بالنسبة إلى الأولاد الذين يبرعون في أمر واحد. وغالباً ما يلق هؤلاء اهتماماً كبيراً جداً بموهبتهم بما يدفعهم إلى حصر نشاطهم بها وإهمال اهتمامات أخرى. 5 ـ علموا أولادكم مهارة التكيف: يمر الأشخاص السعداء بأوقات كئيبة مثلهم مثل سائر الناس، لكنهم أكثر مقدرة من غيرهم على تخطيها. لذلك يمكن على الوالدين مساعدة أولادهما على اكتسبا هذه المهارة البالغة الأهمية بأن يلفتا نظرهم إلى ذلك الضوء الرفيع في آخر كل نفق مظلم. وحين يتعذر إصلاح أمور حياتية بمواجهتها من موقف آخر، ينبغي للأهل مساعدة أطفالهم على اكتشاف مصادر تعزية وراحة. يجب تعليم الولد إيجاد العزاء في أمور تحيي فيه الحس بالسعادة، كالاستماع إلى الموسيقى أو قراءة كتاب أو ركوب دراجة أو مناقشة مشكلة مع صديق. 6 ـ وفروا لأولادكم بيتاً سعيداً. إن إحدى أفضل الوسائل لمساعدة الولد على إيجاد سعادة دائمة هي بحث الأهل عنها في حياتهم هم. إن أفضل ما يمكنكم القيام به من أجل ولدكما هو أن تصيرا شخصين سعيدين راضيين. فالولد الذي يترعرع في بيت سعيد يملك فرصة أكبر ليغدو بالغاً سعيداً. قد يكون الارتباط بين الانسان والسعادة عائداً إلى أسباب وراثية جزئياً. وثمة دلائل على أن النزوع إلى السعادة مزاج وراثي، لكن السعادة تنشأ أيضاً في الجو الذي يوفره أهل سعداء الاكتساب العاطفي يتم خلال السنوات الأولى. فالولد يتوصل إلى استنتاجات من الجو العاطفي المحيط به قبل تعلمه الكلام، فيتساءل: هلال العالم مفعم بالقلق والغضب أم هو مكان آمن سعيد؟ لذلك يتحتم على الوالدين أن يمارسا في حياتهما القيم التي تولد السعادة. عليهما أن يطلعا أولادهما على أسباب سعادتهما. من المهم التحدث عن الأيام السعيدة وتوضيح أن السعادة هدف يرجى مع التحيه ودسرار |