أما عن الذكريات في هذا الشهر الكريم , فلا أعتقد أن هنالك ذاكرة سودانية تخلو من ريحة البن بعد المغربية , وصورة وحوامة الأطفال حول موائد الكبار وهم ينتظرون المورية ووفنجان البركة ولحس الفناجين , كنا على ما أذكر في الطفولة في مجالس النسوان كالعادة , فيبعثونا لنعرف إن كان الاذان أذن ولى لا , الزمن داك النساوين مسكينات والرادي موجود فقط عند الرجال , ومسجد الحلة ليس فيه مكبرات , والناس على بساطتها كانت سعيدة , وهذا ليس بالماضي البعيد , كنا آنذاك نتربص بالأذان وما أن نسمعه حتى ننطلق جرياً وصياحً هاتفين : (الرجال شربو)
وما أن تمتلي البطون بمختلف المشروبات والتمور والبلايل ( جمع بليلة) , حتى يهدأ الناس متحلقين حول المسلسل ( مسلسل الرادي ) وليس ليالي الحلمية - زي الدهباية , والحاجز , ولا زلت أذكر جزء من مقدمة لمسلسل إذاعي لا أذكر اسمه فيها صياح رجل يقول صارخاً :( جاك جاك .. بدران جاك آآآ بنية ) وتأتي صرخة الفتاة المفزوعة وهي تحاول الفرار من هذا البدرن .
أو مقدمة أخرى من مسلسل إذاعي لو لم تخني الذاكرة اسمه ( الدرب القبيل ) تسمع في مقدمته صوت الزمبارة وأصوات الغنم - قاعد أتم الصورة من عندي لما أتخيلها نازلة من الترعة ( الرزقالة ) أو نازلات من جهة المكتب بالقرب من ( العوجة ) - كان صوت الزمبارة مع نمة بطل المسلسل وهو يدوبي بصوته الرخيم ( وهو حاكم سلمان بالطبع ) - كنا نراها جميلة آن ذاك كانت أو هي بالفعل كانت جميلة . هل يتمنى الناس عودة ذلك الزمان البسيط حتى وإن اختفى الديجيتال والموبايل ؟ ولكم الشكر على المساحة.