الايمان بالله تعالي ...
قال تعالى: قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحدا [سور الإخلاص].
سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن – كيف لا وفيها صفة الرحمن – وسبب نزولها أن المشركين قالوا للنبي انسب لنا ربك فأنزل الله قل هو الله أحد([1]).
فما الإيمان بالله سبحانه؟ وما دلائل وجوده سبحانه؟ وما هي شبهات الملحدين وما الرد عليها؟ وما حق الله على عباده؟
أما الإيمان بالله: فهو الاعتقاد الجازم بأن الله سبحانه رب كل شيء ومليكه وخالقه – وأنه الذي يستحق وحده أن يفرد بالعبادة: من صلاة وصيام، ودعاء، ورجاء، وخوف، وذل وخضوع – وأنه المتصف بصفات الكمال كلها المنزه عن كل نقص.
وينبغي أن تعلم: أن أنواع التوحيد ثلاث – ولا يصح إيمان العبد إلا بها وهي:
توحيد الربوبية: وهو الاعتقاد الجازم بأن الله رب كل شيء ولا رب غيره – تقول العرب: أنا رب الدار أي القائم بشؤونها – والله تعالى هو رب العالمين القائم بشؤون خلقه من خلق ورزق وإحياء وإماتة سبحانه.
توحيد الألوهية: الاعتقاد الجازم بأن الله سبحانه هو الإله الحق ولا إله غيره وإفراده سبحانه بالعبادة، والعرب تقول: أَلِهَ الفصيل إلى أمه من مفزع أفزعه والله تعالى هو الذي يخلص له المؤمن في تعبده وخوفه ورجائه وطاعته وتوكله واحتكامه ودعائه، وهذا هو التوحيد الفارق بين الموحدين والمشركين، وعليه يقع الجزاء والثواب في الأولى والآخرة فمن لم يأت به كان من المشركين. وهو التوحيد الذي جاء به الرسل من عند الله سبحانه: وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون [الأنبياء:25]. والمشركون كانوا يقرون بتوحيد الربوبية وينكرون توحيد الألوهية، فأكثر العباد لا ينكرون الخالق وربوبيته على الخلق ولكن معظم كفره من عبادتهم غير الله عز وجل حيث يكون دعاؤهم واستعانتهم واحتكامهم وطاعتهم لغير الله سبحانه: ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون [الزخرف:87]. قال ابن كثير رحمه الله: (أي هم يعترفون أنه الخالق للأشياء جميعا وحده لا شريك له في ذلك ومع هذا يعبدون من لا يملك شيئا ولا يقدر على شيء فهم في ذلك في غاية الجهل والسفاهة وسخافة العقل)([2]) .
ج- توحيد الأسماء والصفات: الاعتقاد الجازم بأن الله عز وجل متصف بجميع صفات الكمال، ومنزه عن جميع صفات النقص – من غير تشبيه فمن شبه الله بخلقه كفر – (فكل ما خطر ببالك فهو على خلاف ذلك) ليس كمثله شيء [الشورى:11].
ومن غير تعطيل أي جحود أو نفي لما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله فمن فعل ذلك فقد كفر: وهو السميع البصير [الشورى:11] فلا يجوز السؤال عن كيفية الصفات لأن الله سبحانه لا يسأل عن كنهها فكذلك صفاته لا يصح السؤال عن كيفيتها. وعندما سئل الإمام مالك رحمه الله عن قوله سبحانه: الرحمن على العرش استوى [طه:5]. قال: (الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة) فلله سمع وبصر ويد وكلام ونزول واستواء يليق بجلاله وذاته العلية سبحانه.
وضرب العلماء لذلك مثالا: تقول للنملة عين ولي عين فلا يلزم أن تكون عيني كعين النملة فللنملة عين تليق بها ولي عين تليق بي ولله المثل الأعلى.
والصفات نوعين:
ذاتية: وهي التي لا تنفك عن الله سبحانه كالعلم والحياة والقدرة والسمع.
صفات العمل: فهي ما تعلق بمشيئة الله وقدرته كالنزول والاستواء والسخط والرضى.
وأما دلائل وجوده سبحانه:
الفطرة: فطرة الله التي فطر الناس عليها [الروم:3]. ((ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه))([3]). فقد أودع الله معرفته في النفس الإنسانية بالعهد الذي أخذه على الأرواح قال تعالى: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى [الأعراف:172].
دقة المصنوع تدل على عظمة الصانع: وفي كتاب الله دعوة إلى النظر والتفكر في بدائع صنع الله سبحانه: وفي أنفسكم أفلا تبصرون [الذاريات:21]. إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب [آل عمران:190]. وانظروا إلى ثمرة إذا أثمر وينعه [الأنعام:99]. وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين [النحل:66].
ووضع العلماء فروضا ثلاث:
أ- أن الكون وجد مصادفة والعلماء يقولون: ما جرى مصادفة لا يتكرر حدوثه بانتظام انتظام الكون يدل على أن وراء هذا الكون خالق حكيم.
ب- أن يكون صدور هذا الكون من العدم: وفاقد الشيء لا يعطيه: أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون [الطور:35]. أي هل وجدوا من غير خالق؟ أم خلقوا أنفسهم بأنفسهم فلا يحتاجون إلى أحد يخلقهم وكل هذا مستحيل.
ج- أن يكون لهذا الكون خالق حكيم وهذا ما قال به العقلاء من قبل ومن بعد؛ يقول سقراط: أي الصناع أولى بالإعجاب، الذي خلق صورا بلا عقل ولا حراك، أم الذي يبدع كائنات ذات عقل وحياة.
انخلاع القلب إلى الله سبحانه عند الشدائد: حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين [يونس:22]. وعندما سئل أحد العارفين عن دليل وجود الله قال: أرأيت لو كنت في صحراء فسقطت في بئر، ولا تجد من ينجدك فماذا تقول، قال: أقول يا الله يا الله، قال: هذا دليل وجوده، ولكنها مغالطة الملاحدة لفطرتهم وادعائهم للعقلانية ولا عقل.
التقدم في مجالات المعرفة والعلوم: حيث أدركنا أن هنالك عوالم كثيرة لا علم لنا بها وهي موجودة كالجراثيم والبكتريا ولكن قصورنا العلمي جعلنا في جهالة عن معرفتها قرون طوال. ثم المغناطيس والكهرباء حيث ننتفع بها ولا نعلم شيئا من حقيقتها فمعرفة حقائق الأشياء لا يفيدنا شيئا ويكفي أن نعرف من خواصها ما يعود بالفائدة علينا، فما بالك بذات الله سبحانه فهي أكبر من أن يحيط بها إنسان وصدق الله العظيم: فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون [الحاقة:38-39].
صدق المخبر يدل على صدق الخبر: فالذي أخبرنا عن الله سبحانه رسل وأنبياء كرام هم صفوة الخلق وأطهرهم قلوبا وأزكاهم نفوسا وأحسنهم خلقا .لذا عندما صدع الرسول بدعوته ووقف على الصفا ونادى القبائل بأسمائها، فلما اجتمعوا قال: ((أرأيتم لو أخبرتكم أن وراء الجبل خيل تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ قالوا: بلى ما عرفنا منك كذبا، قال: فإني رسول الله بين يدي عذاب شديد)). فهم أمام الجبل لا يرون ولا يعرفون ما خلف الجبل، فثقتهم بالمخبر وصدقه وأمانته تلزمهم أن يؤمنوا ويصدقوا بالخبر، وكذا تواتر الخبر عبر أجيال مضت ولم يعرف عن أمة الإلحاد منذ بدء الخليقة وإنما كانت نشأته في أوربا بسبب موقف الكنيسة من العلماء التجريبيين والباحثين الذين اكتشفوا حقائق تخالف ما تبنته الكنيسة من خزعبلات فرضتها على الناس قسرا يوم كان للكنيسة سلطان. فصار الناس بين أمرين كلاهما شر. إما أن يؤمنوا بالكنيسة وخرافاتها وإما أن يؤمنوا بالعلم ويكفروا بالكنيسة والتي كانت تمثل الدين كذبا، فلما زال سلطان الكنيسة وجاءت الثورة الصناعية عمت الفوضى في عقائد الناس بل كان شعار المتظاهرين (ليشنق آخر دوق بأمعاء آخر قسيس) فالكنيسة كانت سيفا ظالما بيد الحكام على رقاب الناس فجمعت بين السوءتين الظلم والجهل، فكانت نشأة الإلحاد.
وأما شبهات الملحدين: فإن للملحدين شبهات نسجوها بجهلهم لصرف الأمة عن دينهم من ذلك:
أ- الصراع بين الكنيسة والعلماء.
ب- قصور العلم: فأصبحت المادة تمثل الوجود وما سواها لا رصيد له.
ج- وجود القاعدة والغالبية من الجهلة والأغبياء وأرباع العلماء يقول بيكون: القليل من الفلسفة يورث الإلحاد والكثير من الفلسفة يورث اليقين.
ولكن العلم الآن وصل إلى حد أن المادة ليس هي الشيء الملموس إنما هي غيب مثل: الالكترونات والجاذبية والكهرباء وكذلك خصائص النفس الإنسانية من عقل وضمير وروح وذاكرة وإرادة ويقول العلماء أيضا الكامل المطلق وهو الله سبحانه يُعرف ولا يحاط به فتوقف الإقرار على الرؤية والإحاطة ضلال فالصغير لا يحيط بالكبير والناقص لا يحيط بالكامل والمحدود لا يحيط بالانهائي وهكذا فلا يمكن للإنسان أن يحيط بالله لقصور الإنسان وكمال الله سبحانه ولذا قيل: العجز عن إدراك الذات إدراك([4]).
وعندما سأل موسى عليه السلام الرؤية قال تعالى: رب أرني أنظر إليك قال لن تراني [الأعراف:143]. وفيه إشارة إلى أن الخالق لم يحجب نفسه عن المخلوق، بل أن نقص المخلوق هو الذي حجبه عن الرؤية حيث لم يقل: لا تراني. ثم تأمل في تمام الآية: ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فالجبل في تركيبته أقوى وأصلب فإذا قوي على الرؤية فسوف تراني فإذا بالجبل يتهاوى وموسى أكرم على الله تعالى من الجبل – فكيف يتجلى للجبل وهو جماد ولا يتجلى لنبي كريم ويوم القيامة حيث تكون طبيعة العباد وخلقهم على سمت وبناء جديد لذا قال تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة [القيامة:22-23]. وجاء في الحديث الشريف: ((إنكم سترون ربكم))([5]).
وأما حق الله على عباده :التوحيد الخالص لله سبحانه وحده: وذلك بأن تعتقد:
قال تعالى: قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحدا [سور الإخلاص].
سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن – كيف لا وفيها صفة الرحمن – وسبب نزولها أن المشركين قالوا للنبي انسب لنا ربك فأنزل الله قل هو الله أحد([1]).
فما الإيمان بالله سبحانه؟ وما دلائل وجوده سبحانه؟ وما هي شبهات الملحدين وما الرد عليها؟ وما حق الله على عباده؟
أما الإيمان بالله: فهو الاعتقاد الجازم بأن الله سبحانه رب كل شيء ومليكه وخالقه – وأنه الذي يستحق وحده أن يفرد بالعبادة: من صلاة وصيام، ودعاء، ورجاء، وخوف، وذل وخضوع – وأنه المتصف بصفات الكمال كلها المنزه عن كل نقص.
وينبغي أن تعلم: أن أنواع التوحيد ثلاث – ولا يصح إيمان العبد إلا بها وهي:
توحيد الربوبية: وهو الاعتقاد الجازم بأن الله رب كل شيء ولا رب غيره – تقول العرب: أنا رب الدار أي القائم بشؤونها – والله تعالى هو رب العالمين القائم بشؤون خلقه من خلق ورزق وإحياء وإماتة سبحانه.
توحيد الألوهية: الاعتقاد الجازم بأن الله سبحانه هو الإله الحق ولا إله غيره وإفراده سبحانه بالعبادة، والعرب تقول: أَلِهَ الفصيل إلى أمه من مفزع أفزعه والله تعالى هو الذي يخلص له المؤمن في تعبده وخوفه ورجائه وطاعته وتوكله واحتكامه ودعائه، وهذا هو التوحيد الفارق بين الموحدين والمشركين، وعليه يقع الجزاء والثواب في الأولى والآخرة فمن لم يأت به كان من المشركين. وهو التوحيد الذي جاء به الرسل من عند الله سبحانه: وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون [الأنبياء:25]. والمشركون كانوا يقرون بتوحيد الربوبية وينكرون توحيد الألوهية، فأكثر العباد لا ينكرون الخالق وربوبيته على الخلق ولكن معظم كفره من عبادتهم غير الله عز وجل حيث يكون دعاؤهم واستعانتهم واحتكامهم وطاعتهم لغير الله سبحانه: ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون [الزخرف:87]. قال ابن كثير رحمه الله: (أي هم يعترفون أنه الخالق للأشياء جميعا وحده لا شريك له في ذلك ومع هذا يعبدون من لا يملك شيئا ولا يقدر على شيء فهم في ذلك في غاية الجهل والسفاهة وسخافة العقل)([2]) .
ج- توحيد الأسماء والصفات: الاعتقاد الجازم بأن الله عز وجل متصف بجميع صفات الكمال، ومنزه عن جميع صفات النقص – من غير تشبيه فمن شبه الله بخلقه كفر – (فكل ما خطر ببالك فهو على خلاف ذلك) ليس كمثله شيء [الشورى:11].
ومن غير تعطيل أي جحود أو نفي لما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله فمن فعل ذلك فقد كفر: وهو السميع البصير [الشورى:11] فلا يجوز السؤال عن كيفية الصفات لأن الله سبحانه لا يسأل عن كنهها فكذلك صفاته لا يصح السؤال عن كيفيتها. وعندما سئل الإمام مالك رحمه الله عن قوله سبحانه: الرحمن على العرش استوى [طه:5]. قال: (الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة) فلله سمع وبصر ويد وكلام ونزول واستواء يليق بجلاله وذاته العلية سبحانه.
وضرب العلماء لذلك مثالا: تقول للنملة عين ولي عين فلا يلزم أن تكون عيني كعين النملة فللنملة عين تليق بها ولي عين تليق بي ولله المثل الأعلى.
والصفات نوعين:
ذاتية: وهي التي لا تنفك عن الله سبحانه كالعلم والحياة والقدرة والسمع.
صفات العمل: فهي ما تعلق بمشيئة الله وقدرته كالنزول والاستواء والسخط والرضى.
وأما دلائل وجوده سبحانه:
الفطرة: فطرة الله التي فطر الناس عليها [الروم:3]. ((ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه))([3]). فقد أودع الله معرفته في النفس الإنسانية بالعهد الذي أخذه على الأرواح قال تعالى: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى [الأعراف:172].
دقة المصنوع تدل على عظمة الصانع: وفي كتاب الله دعوة إلى النظر والتفكر في بدائع صنع الله سبحانه: وفي أنفسكم أفلا تبصرون [الذاريات:21]. إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب [آل عمران:190]. وانظروا إلى ثمرة إذا أثمر وينعه [الأنعام:99]. وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين [النحل:66].
ووضع العلماء فروضا ثلاث:
أ- أن الكون وجد مصادفة والعلماء يقولون: ما جرى مصادفة لا يتكرر حدوثه بانتظام انتظام الكون يدل على أن وراء هذا الكون خالق حكيم.
ب- أن يكون صدور هذا الكون من العدم: وفاقد الشيء لا يعطيه: أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون [الطور:35]. أي هل وجدوا من غير خالق؟ أم خلقوا أنفسهم بأنفسهم فلا يحتاجون إلى أحد يخلقهم وكل هذا مستحيل.
ج- أن يكون لهذا الكون خالق حكيم وهذا ما قال به العقلاء من قبل ومن بعد؛ يقول سقراط: أي الصناع أولى بالإعجاب، الذي خلق صورا بلا عقل ولا حراك، أم الذي يبدع كائنات ذات عقل وحياة.
انخلاع القلب إلى الله سبحانه عند الشدائد: حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين [يونس:22]. وعندما سئل أحد العارفين عن دليل وجود الله قال: أرأيت لو كنت في صحراء فسقطت في بئر، ولا تجد من ينجدك فماذا تقول، قال: أقول يا الله يا الله، قال: هذا دليل وجوده، ولكنها مغالطة الملاحدة لفطرتهم وادعائهم للعقلانية ولا عقل.
التقدم في مجالات المعرفة والعلوم: حيث أدركنا أن هنالك عوالم كثيرة لا علم لنا بها وهي موجودة كالجراثيم والبكتريا ولكن قصورنا العلمي جعلنا في جهالة عن معرفتها قرون طوال. ثم المغناطيس والكهرباء حيث ننتفع بها ولا نعلم شيئا من حقيقتها فمعرفة حقائق الأشياء لا يفيدنا شيئا ويكفي أن نعرف من خواصها ما يعود بالفائدة علينا، فما بالك بذات الله سبحانه فهي أكبر من أن يحيط بها إنسان وصدق الله العظيم: فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون [الحاقة:38-39].
صدق المخبر يدل على صدق الخبر: فالذي أخبرنا عن الله سبحانه رسل وأنبياء كرام هم صفوة الخلق وأطهرهم قلوبا وأزكاهم نفوسا وأحسنهم خلقا .لذا عندما صدع الرسول بدعوته ووقف على الصفا ونادى القبائل بأسمائها، فلما اجتمعوا قال: ((أرأيتم لو أخبرتكم أن وراء الجبل خيل تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ قالوا: بلى ما عرفنا منك كذبا، قال: فإني رسول الله بين يدي عذاب شديد)). فهم أمام الجبل لا يرون ولا يعرفون ما خلف الجبل، فثقتهم بالمخبر وصدقه وأمانته تلزمهم أن يؤمنوا ويصدقوا بالخبر، وكذا تواتر الخبر عبر أجيال مضت ولم يعرف عن أمة الإلحاد منذ بدء الخليقة وإنما كانت نشأته في أوربا بسبب موقف الكنيسة من العلماء التجريبيين والباحثين الذين اكتشفوا حقائق تخالف ما تبنته الكنيسة من خزعبلات فرضتها على الناس قسرا يوم كان للكنيسة سلطان. فصار الناس بين أمرين كلاهما شر. إما أن يؤمنوا بالكنيسة وخرافاتها وإما أن يؤمنوا بالعلم ويكفروا بالكنيسة والتي كانت تمثل الدين كذبا، فلما زال سلطان الكنيسة وجاءت الثورة الصناعية عمت الفوضى في عقائد الناس بل كان شعار المتظاهرين (ليشنق آخر دوق بأمعاء آخر قسيس) فالكنيسة كانت سيفا ظالما بيد الحكام على رقاب الناس فجمعت بين السوءتين الظلم والجهل، فكانت نشأة الإلحاد.
وأما شبهات الملحدين: فإن للملحدين شبهات نسجوها بجهلهم لصرف الأمة عن دينهم من ذلك:
أ- الصراع بين الكنيسة والعلماء.
ب- قصور العلم: فأصبحت المادة تمثل الوجود وما سواها لا رصيد له.
ج- وجود القاعدة والغالبية من الجهلة والأغبياء وأرباع العلماء يقول بيكون: القليل من الفلسفة يورث الإلحاد والكثير من الفلسفة يورث اليقين.
ولكن العلم الآن وصل إلى حد أن المادة ليس هي الشيء الملموس إنما هي غيب مثل: الالكترونات والجاذبية والكهرباء وكذلك خصائص النفس الإنسانية من عقل وضمير وروح وذاكرة وإرادة ويقول العلماء أيضا الكامل المطلق وهو الله سبحانه يُعرف ولا يحاط به فتوقف الإقرار على الرؤية والإحاطة ضلال فالصغير لا يحيط بالكبير والناقص لا يحيط بالكامل والمحدود لا يحيط بالانهائي وهكذا فلا يمكن للإنسان أن يحيط بالله لقصور الإنسان وكمال الله سبحانه ولذا قيل: العجز عن إدراك الذات إدراك([4]).
وعندما سأل موسى عليه السلام الرؤية قال تعالى: رب أرني أنظر إليك قال لن تراني [الأعراف:143]. وفيه إشارة إلى أن الخالق لم يحجب نفسه عن المخلوق، بل أن نقص المخلوق هو الذي حجبه عن الرؤية حيث لم يقل: لا تراني. ثم تأمل في تمام الآية: ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فالجبل في تركيبته أقوى وأصلب فإذا قوي على الرؤية فسوف تراني فإذا بالجبل يتهاوى وموسى أكرم على الله تعالى من الجبل – فكيف يتجلى للجبل وهو جماد ولا يتجلى لنبي كريم ويوم القيامة حيث تكون طبيعة العباد وخلقهم على سمت وبناء جديد لذا قال تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة [القيامة:22-23]. وجاء في الحديث الشريف: ((إنكم سترون ربكم))([5]).
وأما حق الله على عباده :التوحيد الخالص لله سبحانه وحده: وذلك بأن تعتقد: