أزهري محمد علي :وضاحة
عشقتك لأنك خواتم الحقيقة .. وطريق الوصولْ
لأنك بداية الخليقة .. وأساس القبولْ
أحيي الغيوم .. البتفطُم ذبولِكْ
ترضِّع سهولِك .. مواسم الهطولْ
وأحيي المداين البتفتح حدودا
وتمنح عيونك جواز الدخولْ
وبين دفتي هذا الديوان يحلو البوح والتداعي ويكشف لنا أزهري عن إمعانه في تغيير ملامح لغة التعبير بلغة جديدة لها طعمها ونكهتها السودانية البحتة ، وهي تلك العامية التي تمنحنا الخصوصية في المعايشة والصدق في التعبير والشفافية التي منحت لغة الوسط شكلها المألوف في جمعها وصهرها لكل هذا التناغم المتباين على ظهر هذا المليون ميل .. واللغة هي الكائن الموضوعي الوحيد في الشعر - أي الجسد الذي يمكن مساءلته ودراسته عملياً .. فهذه اللغة الشعرية الجديدة هي ذات طموح ثقافي معين - كما قال الصادق الرضي - طموح النص (الخلق والتخلُّق) في فضاء معرفي جمالي جديد ، فنجد القصيدة التي حمل الديوان إسمها (وضاحة) تبرهن ما نقول :
الصباح الباهي لونك
وضاحة يا فجر المشارق
غابة الأبنوس عيونك
يا بنية من خبز الفنادق
...
وضاحة لو طال الطريق
بيناتنا وإترامى المدى
وصنّت مسامعِك من نداي
شربت فيافيك الصدى
ما تحني هامات النخيل
ما ترمي دمعات الندى
ما تشنِّفي الزمن الجميل
دا العمر يا دوبو إبتدا
وحاول هذا المبدع في قصيدته (إختيار) ترجمة لغة وفكرة الشاعر نزار قباني إلى (شيء) سوداني الملامح والذوق ، فيقول :
يا مفتونة بصدق الوعد
يا مسكونة بحلم الغد
أنا خيرتك بين الشهد
وبين الُبن الفطرة
وإنت اخترت سواد الُبن
وطعم القهوة البكرة
أنا خيرتك .. وانتي اخترتِ
هل قدرتي الرقعة الواقعة
بين الليلة واحلام بكرة
وكيف حتملِّي الحتة الواسعة
بين الواقع وبين الفكرة
وين حتلقى الموية الناقعة
يوم نصطاد في الموية العِكْرة ؟
ألستم معي في أن المعاني الجديدة التي أضيفت إلى الأغنية السودانية والتي حولتها من التقليدية إلى (قضية) تطرح عدة تساؤلات وتعالج معاناة الكل ، وتصب كل هذه الروافد الإبداعية في (الوطن القضية ) أو (الوطن الحبيبة) التي نحاول جميعاً مساعدتها للوقوف والشعور بطعم العافية ، فالتغني بالوطن له طعمه الخاص والمشاركة في الأحاسيس تكسر جميع الهواجس والتوجس ، وربما غيرت إتجاه الريح ، مما يجعل الفرد يذوب طرباً وهو يبدع ، والجميع يبادلونه التعاطي والتلقي والمعايشة والحميمية السودانية الفريدة، فلم يعد الغناء مجرد (طبول) أو (دلوكة) أو (طمبور) أو (آلات حديثة) وإنما الكلمة الصادقة والمعبرة هي الطرب الحقيقي - ولو كانت حزينة حزناً نبيلاً - فأقرأوا معي (أبداك من وين) :
أبداكِ من وين؟
وفيني منك لسه حاجات
من مخاوف ومن شجنْ
أبداك من وين ؟
وظني إنك
فكرة إعلان الحياة
وإنتهاءات العوارض والمحنْ
نفسي ألقاكِ
وأكون أنا كُلِّي من بعضك
أو بعضي من كُلِّك بدنْ
وداير أبقاكِ
وأوحِّد دورة الدم
المقسمة بيني بينك والسِّحنْ
لم أقصد بهذه الأمثلة البسيطة الإخلال بالتركيبة الإبداعية لهذا المشروع ولكن قصدت لفت النظر إلى هؤلاء القادمين من رحم معاناتنا بتميزهم الواضح في كل شيء ، الفكرة ، القضية ، اللغة ، العمود الشعري ، والخلفية الثقافية . وتمخضت علاقة الأزهري بالمبدع (مصطفى سيد أحمد) الذي أسماه (صديق الغفلة والإنتباه) عن مرثية رددها الناس في اليوم التالي لحفل التأبين الذي أقيم في (ود سلفاب) .. (سلامات يا زول يا رائع) :
فات الكان بدّينا إحساس بالإلفة
وكان راوينا
فات الباكي جرحنا .. وناسي جروحو
ولافيِّ ورانا .. مدينة .. مدينة
فات الصّاحي .. ونحن نغط
في النومة السابعة
طالق حِسُّو .. ولا حَسّينا
حتحت فينا غناهو الطاعم
وفات قنعان من خيراً فينا
عشقتك لأنك خواتم الحقيقة .. وطريق الوصولْ
لأنك بداية الخليقة .. وأساس القبولْ
أحيي الغيوم .. البتفطُم ذبولِكْ
ترضِّع سهولِك .. مواسم الهطولْ
وأحيي المداين البتفتح حدودا
وتمنح عيونك جواز الدخولْ
وبين دفتي هذا الديوان يحلو البوح والتداعي ويكشف لنا أزهري عن إمعانه في تغيير ملامح لغة التعبير بلغة جديدة لها طعمها ونكهتها السودانية البحتة ، وهي تلك العامية التي تمنحنا الخصوصية في المعايشة والصدق في التعبير والشفافية التي منحت لغة الوسط شكلها المألوف في جمعها وصهرها لكل هذا التناغم المتباين على ظهر هذا المليون ميل .. واللغة هي الكائن الموضوعي الوحيد في الشعر - أي الجسد الذي يمكن مساءلته ودراسته عملياً .. فهذه اللغة الشعرية الجديدة هي ذات طموح ثقافي معين - كما قال الصادق الرضي - طموح النص (الخلق والتخلُّق) في فضاء معرفي جمالي جديد ، فنجد القصيدة التي حمل الديوان إسمها (وضاحة) تبرهن ما نقول :
الصباح الباهي لونك
وضاحة يا فجر المشارق
غابة الأبنوس عيونك
يا بنية من خبز الفنادق
...
وضاحة لو طال الطريق
بيناتنا وإترامى المدى
وصنّت مسامعِك من نداي
شربت فيافيك الصدى
ما تحني هامات النخيل
ما ترمي دمعات الندى
ما تشنِّفي الزمن الجميل
دا العمر يا دوبو إبتدا
وحاول هذا المبدع في قصيدته (إختيار) ترجمة لغة وفكرة الشاعر نزار قباني إلى (شيء) سوداني الملامح والذوق ، فيقول :
يا مفتونة بصدق الوعد
يا مسكونة بحلم الغد
أنا خيرتك بين الشهد
وبين الُبن الفطرة
وإنت اخترت سواد الُبن
وطعم القهوة البكرة
أنا خيرتك .. وانتي اخترتِ
هل قدرتي الرقعة الواقعة
بين الليلة واحلام بكرة
وكيف حتملِّي الحتة الواسعة
بين الواقع وبين الفكرة
وين حتلقى الموية الناقعة
يوم نصطاد في الموية العِكْرة ؟
ألستم معي في أن المعاني الجديدة التي أضيفت إلى الأغنية السودانية والتي حولتها من التقليدية إلى (قضية) تطرح عدة تساؤلات وتعالج معاناة الكل ، وتصب كل هذه الروافد الإبداعية في (الوطن القضية ) أو (الوطن الحبيبة) التي نحاول جميعاً مساعدتها للوقوف والشعور بطعم العافية ، فالتغني بالوطن له طعمه الخاص والمشاركة في الأحاسيس تكسر جميع الهواجس والتوجس ، وربما غيرت إتجاه الريح ، مما يجعل الفرد يذوب طرباً وهو يبدع ، والجميع يبادلونه التعاطي والتلقي والمعايشة والحميمية السودانية الفريدة، فلم يعد الغناء مجرد (طبول) أو (دلوكة) أو (طمبور) أو (آلات حديثة) وإنما الكلمة الصادقة والمعبرة هي الطرب الحقيقي - ولو كانت حزينة حزناً نبيلاً - فأقرأوا معي (أبداك من وين) :
أبداكِ من وين؟
وفيني منك لسه حاجات
من مخاوف ومن شجنْ
أبداك من وين ؟
وظني إنك
فكرة إعلان الحياة
وإنتهاءات العوارض والمحنْ
نفسي ألقاكِ
وأكون أنا كُلِّي من بعضك
أو بعضي من كُلِّك بدنْ
وداير أبقاكِ
وأوحِّد دورة الدم
المقسمة بيني بينك والسِّحنْ
لم أقصد بهذه الأمثلة البسيطة الإخلال بالتركيبة الإبداعية لهذا المشروع ولكن قصدت لفت النظر إلى هؤلاء القادمين من رحم معاناتنا بتميزهم الواضح في كل شيء ، الفكرة ، القضية ، اللغة ، العمود الشعري ، والخلفية الثقافية . وتمخضت علاقة الأزهري بالمبدع (مصطفى سيد أحمد) الذي أسماه (صديق الغفلة والإنتباه) عن مرثية رددها الناس في اليوم التالي لحفل التأبين الذي أقيم في (ود سلفاب) .. (سلامات يا زول يا رائع) :
فات الكان بدّينا إحساس بالإلفة
وكان راوينا
فات الباكي جرحنا .. وناسي جروحو
ولافيِّ ورانا .. مدينة .. مدينة
فات الصّاحي .. ونحن نغط
في النومة السابعة
طالق حِسُّو .. ولا حَسّينا
حتحت فينا غناهو الطاعم
وفات قنعان من خيراً فينا