الحزن عند السودانيين

أعدت باحثة مصرية رسالة دكتوراة عن الحزن عند السودانيين ووصفت الشعب السوداني (الحزين) وأشارت في رسالتها الى الشاعر الراحل التجاني يوسف بشير فقد تلمست فيه حزنا دفيناً رغم أن النقاد وصفوه بشاعر الجمال . . . فالتجاني تغنى للجمال لكنه كان يحمل حزناً عميقاً رغم (اشراقته) وما يحمل ا لمسمى من تفاؤل ونقصد ديوان التجاني (اشراقة) .... آراء كثيرة تتفق مع الباحثة المصرية في حزن السودانيون .. فهناك من يرجع هذا الحزن الى ( الطيبة ) و (الشفافية) إذ هي صفات تجعل صاحبها ضعيفاً أمام مواجهة أي صدمة مهما كان حجمها إذ تحول صحابها الى شخص تسبغ عليه صفة الحزن وترتبط حتى في ملامحه وتظهر ايضاً حينما نفقد عزيز فالفقد عند السوداني مواجهة صعبة مع الحقيقة التي تؤكد غياب عزيز ورحيله الى دنيا أخرى وعالم غير عالم الأحياء حين يخلف لهم الاحساس بالحزن ....

والرحيل ايضاً يعني عند السوداني السفر الى مسافات بعيدة وهي مخاوف ترجمها الغناء السوداني وترجمتها كلمات .......
*هسه خايف من فراقك لم يحصل ببقى كيـف
*زي ورد في عز نداه خوفو بكره يزورو صيف
وترجمتها كلمات
• شال هم فرقتك قلبي وراك ياريتو لو يرحل
# ويم الشوق غلب
وهي معاني تغنى بها جل الشعراء السودانيين إن لم نجزم بجميعهم ، تحمل عبء الرحيل الشعراء حسين بازرعة . والحلنقي الذي قال ان الغربة حولت ايامه الى مطحنة من الأنين والقائمة تطول وهي أي الغربة مساحة لحزن آخر وأحزان كثيرة تعمق ايمان السوداني باواصر العلاقات التي تكشف عن عاطفة صادقة وايمان قوي بقيمة المشاعر وقدسيتها والحزن أيضاً يوصف بأنه معنى نبيل أو حس نبيل يستمد قوته من الصدق اذ لا يمكن أن نصطنعه والحزن أبلغ في التعبير وأكبر قيمة من الفرح الذي سرعان ما يزول والانسان بدون حزن (كحجر على الطريق) وهكذا يقول السودانيين عن الحزن ويمتد الطريق .

التحية لأم حمودي و والده و لحمودي الصغير.
انا اتفق مع الرأي القائل ان الحزن عند السودانيين راجع لزيادة العاطفة عندهم ، فالشخص لا يمكن ان يحزن على شئ ليس لديه ارتباط عاطفي معه ، فمثال بسيط جداً على ذلك كنا نحزن جداً إذا ماتت (غنماية) في البيت ، ليس لأننا فقدنا مردودها المادي لكن لأنها عاشت معنا و تشاركت الحياة و أعطت بلا حدود، فإذا كان هذا هو الحال مع الغنماية فكيف يكون الحال مع بني البشر؟
و لا انسى قصة قصها علي الاخ عبدالسلام ود العقاب ( زكره الله بالخير) ، و هي تدل على الترابط و المحنة الشديدة عند السودانيين لدرجة انهم يعتبرون الحيوانات التي تعيش معهم في البيت واحداً منهم فقال (ذهبت ذات مرة لزيارة فاطمة بت حو النبي (وهي معروفة بالنكته و خفة الدم)، و كان عندها كلب شرس جداً فقابلنا عند الباب و هو ينبحنا نباح شديد ، فخرجت فاطمة تستطلع الأمر فوجدته ينبحنا نحن فزجرته قائلة (جر جر ها تنبح اولاد عمك؟) طبعاً هي قالت ذالك بكل برآءة و حنية و طيبة قلب.
و هذا النوع من الحزن غير مزموم طالما انه لم يصل إلى الحد الذي يعطل الانسان عن القيام بواجباته و طالما انه لم يتحول إلى حداد يطول شهوراً و سنين.
اما التجاني يوسف بشير و رغم (إشراقة التجاني) فقد كان حزنه بسبب ما لاقاه من مشاكل في المعهد العلمي و فصله منه لأنه قال قصيدة خلد فيها شعر احمد شوقي و شبهه بالقرآن ، فقال زملاءه انه كفر و حسدوه لأنه كان شاعراً لا يشق له غبار.
و هو ايضاً يوصف بأنه كان حساس جداً لدرجة انه لا يحتمل صرير الاحزية مع الحصى ، فقيل انه كان في كثير من الاحيان يمشي حافياً و يحمل حزاءه في يديه.
نرجع لموضوع الحزن عند السودانيين ، فهناك ملاحظه انه لا يجعلهم يفقدون بشاشتهم و طيبهم و كرمهم حتى في اشد لحظات المحن.
ختاماً اتمنى من الله العلي القدير ان يجعل السودانيين من من قال فيهم (وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة)
و لكم التحية ،،،،،،،،،،،،،،،،،، أبوليـــــــــــــــــــــــنة

الاخ الريح والاخ بكرى
مشكوره على المرور ..وزى ما قلتوا السودانين دايما متميزين ،،،ومتفردين،،

وانت اتفق مع اخى بكرى فى كل كلمة قالها
ولك الشكر ام حمودى عل الموضوع الجميل وكعادتك بتنقى المواضيع بعناية فائقة
وفى انتظار جديد مشاركاتك
ولك شكرى واحترامى وتقديرى
والله الموفق

لك الشكر الاخت الكريمة ام حمودي
السودانيون اكثر الشعوب عطفا علي الاخرين فكتب حسين بازرعة عن الغربه ووصي كل طائر مرتحل الي الوطن العزيز ان يبلغوا الاشواق الدفينه
الاخوه الكرام اسالوا عاجل الشفاء للاستاذ بازرعة الذي يرقد الان بمستشفي الفيصل التخصصي فقديما شعراوءنا صادقين في الكلم عكس شعراء اليوم

الاخت ام حمودي الحزن دائما في القلب والقلب الذي لايعرف الحزن لن يعرف الحب يوما والحزن في كل دواخل الشعب السوداني وكل شعراء السودان تغنو للحزن والفرقة (رحلتو بعيد نسيتو الريد والحنان والالفة الجميلة ) والسودانين من اعظم شعوب العالم من حيث الترابط والاخاء ونحن نفتخر اننا سودااااااااانين

الأخت أم حمودي السلام عليكم ورحمة الله , الموضوع جميل رغم أنَّه تكلم عن الحزن , وآسف لاطلاعي عليه متأخراً , ورغماً عن ما كتبته الباحثة عن الحزن عندنا السودانيين , وهي حقيقة انو الحزن عندنا معروف , لكن بقول أنَّ مثل هذا الموضوع لا يصلح للإكتفاء فيه بالرجوع لدواوين الشعر الرويات المحزنة أو أي مكتوب أدبي وذلك لأن الإنسان يكتب أكثر في حالة الأازمات ليرفغ ما به من أحزان , ولكن إذا تابعنا حياة شخص معين كتب كثيراً من الأشياء المحزنة سنجد أنَّ الأشياء المفرحة والمضحكة كانت أكثر ولكنه لم يكتبها وذلك لأننا دائماً لا نوثق الأفراح بقدر ما أننا نوثق الأحزان والأتراح , وهذا هو الإنسان ( إذا مس الشر جزوعأ وإذا مسه الخير منوعاً ) منوعا لدرجة أنَّه يمنع الناس قصصه اللذيذة التي حدثت له ولكن سرعان ما (يهريهم) بمصائبه التي وقعت عليه وذلك لاستدرار العطف وهذه أيضاً خصلة في الإنسان .
أما التجاني فقد كان حقاً حزيناً وليس فقط بسبب الفقر والمشاكل التي واجهته ولكن وبسبب أقوى وهو مرض السل الذي ابتلي به , ومعروف أنَّ مرض السل يؤدي للإحساس بالحزن وهي حقيقة علمية , ونفس هذه الخصلة شاركه فيها الشاعر التونسي الشابي فهو أيضاً أصيب كان مصاباً بنفس المرض ومر بظروف مشابهة لشاعرنا .
ولا ننفي الحزن عن السودانيين وهي صفة ليست مذمومة بشكل مطلق فهي دليل التفاعل مع الحياة والإحساس بها , ولكن لا ينكر أحد تمتع السودانيين بروح الدعابة والفرح , وأيضاً في هذا لديهم التميز , وقد حكى لي زميلي في العمل وهو مصري , قال لي من المعروف عندنا في مصر أن السوداني دمو خفيف ويعشق النكتة , وقال لي كان في مقهى في القاهرة يجتمع فيه سودانيون كنا نمشي مخصوص علشان نسمع نكاتهم وطرائفهم , وهذا الأخ المصري كنت حينما أحكي له نكتة يضحك بشدة ويختم ضحكته قائلاً الله يجازيك السودانيين اولاد نكتة .
فمثلما بعض الناس أخذ عننا انطباع الحزن فهناك من أخذ عننا انطباعاً آخراً , وكلاهما الفرح والحزن ينبع من عاطفة حقيقية , وآخيراً لك شكري يا أم حمودي , أخوك ود الشيخ .