المكان يمتلي بعبق الصوفية ورائحة البخور المعتق-تتسلل الي ساحة المديح من خلال النوافذ خيوط مصابيح واهنه كخيط العنكبوت صنعت محليا من بقايا العلب الفارغة ومن فتيلة القطن وغمزت في الزيت حتي ارتوت -دقات (الطار) فيما يعرف محليا دعوة جماعية للالتقاء في تلك الساحه ليلة كل خميس او احتفالابمولد الرسول الكريم .,كنا وقتها صغارا لا نعي الكلمات التي تخرج من افواه اصحاب الجلابيب المرقعة بقدر ما تجذبنا اليهم حركاتهم الدائريه السريعة ومايخرج من حناجرهم من اصوات اشبه بالبكاء نفر مزعورين عندما يسقط احدهم علي الارض- ادركت بعدها وبعد ان تفتحت المدارك قصيدة محمد المهدي المجزوب ووصفها الحي لهذا المشهد
وهنا حلقة شيخ يرجحن
يضرب النوبة ضربا فتئن
ثم ترفض انينا او تجن
فيما يسمي با الجذب عند اهل الصوفيه, يتحلق حوله الناس ويدفع بعضهم بعضا في محاولة لايقاظه بينما يصرخ اخر متمنيا الوصول لزروته -(فرجو قريب) امراة درجت علي خدمة الجمع تحمل مبخرا -تنفخ عليه كلما خباءت ناره لتذيد اوارها -ثم بالسبابه والابهام تصدر صوتا من فمها لتذيد الجمع حماسا (النعير)من الشخصيات النمطية المعروفه لدينا يبادلها نفس الحماس ويقفز في الهواء حتي تكاد ان تري اخمص قدميه اضافه الي انه المسحراتي - الذي يوقظ الناس للسحور حتي ظننا حينها ونحن صغارا انه شخصيه خارقة وفوق العادة وانه يختلف عن جملة خلق الله
وهو الذي توكل اليه خدمة الشخصيات المهمة وتجهيز ضيافتهم- عمي الحاج ورث خلافة جدي القاسم واذكر يومها انه اجهش بالبكاء في يوم التنصيب لانه سيحتمل مهام جسام- الخلوة - الساحة -الدائرة تمتلي وتمتلي الناس يتوافدون زرافات ووحدانا يتمايلون طربا ويذكرون-صلو علي النبي -كلمات تقاطع دقات الطار-منديل مطروح في وسط الدائره يقذفون عليه قطع معدنيه من فئات مختلفة هي مهر لكي تحظي بمدحة خاصة بعد ان يرمقها المادح بطرف عينه للتقييم ثم مايلبث ان يرجع الي الخلف وتذداد دقات الطار ليفسح لك مجالا لاظهار مواهبك في الانجذاب لمدح الرسول ومنهم من لا يعباء لذلك بقدر مايطربه الايقاع المتتابع وامتقاطع احيانا - تتمدد الدفوف من الضرب فيوقدون نارا في طرف الساحة لاعادة حيويتها من جديد - (فرجو قريب ) امراة كما ذكرت ذات نكهة خاصة الوحيدة التي تشاركهم الذكر
وهي ايضا شخصية نمطية تشارك في الافراح والاتراح -وجدتها قبل ايام وانا اعود لقريتي مشاركا في عزاء احد اقاربي وقد اكل الدهر عليها وشرب منزويه في ركن بعيد متكاءة علي عصا ومحدودبه الظهر لم يبقي من اسنانها شي اتجهت نحوها لاصافحها فوجدت انني اصافح عظام يديها ولكن احيت فيني ذكريات الخلوة والمديح والطار والساحة والبيوت والنوافذ ومن كانو احياء تمتلي بهم البيوت ورموز وشخصيات لا تنسي.

عدل سابقا من قبل اسامة حسن محمد في الأحد أبريل 13, 2008 4:37 pm عدل 1 مرات (السبب : لغة)