منتديات السديرة
أنت غير مسجل لدينا . للتسجيل اضغط على زر التسجيل


منتديات السديرة
أنت غير مسجل لدينا . للتسجيل اضغط على زر التسجيل

منتديات السديرة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات السديرةدخول

descriptionالسودان  قصة تاريخ لم تكتب Emptyالسودان قصة تاريخ لم تكتب

more_horiz
المجتمع السوداني مجتمع رعوي لا يحفل بالكتابة كثيراً، و مازال يسجل تاريخه في الذاكرة الشفاهية للحفظة من كبارالسن الذين توارثوا قصصه أباً عن جد، و لهذا ظل التاريخ السوداني في كثير من جوانبه أسيراً لهذه "الذاكرة" الشعبية، حيث يتهدده الموت و الاندثار !! و النذر اليسير مما وجد مكتوباً، تلقيناه إما عن بعض الوثائق المدونات القليلة جداً التي تفتقر إلى التحقيق و التمحيص التاريخي على شاكلة (كتاب الشونة) . . و كتاب ( الطبقات) لود ضيف الله ! ! . . أو مما كتبه الأجانب من رحَّالة أو موظفين حكوميين جاءوا مع المستعمر من أمثال نعوم شقير و سلاطين.

لهذا السبب ضاعت كثير من الحقائق التاريخية، و ما بقي منها ظل موضعاً للشك والجدل الكبير الذي لم يجد حتى اليوم من يحسمه و يرجح جانب الصواب فيه، فما زال الناس حتى اليوم يختلفون حول أصل الفونج الذين أقاموا الدولة السودانية الإسلامية الأولى في السودان؛ هل هم عرب أمويون، أم هم من شلك أعالى النيل، أم هم من قبائل غرب إفريقيا التي نزحت إلى السودان!؟ . قل مثل ذلك على قضية جوهرية أساسية مثل ميلاد الدولة نفسها. . هل وجدت دولة الفونج نتيجة لتحالف حدث بين العرب القواسمة بقيادة عبد الله جماع و الفونج بقيادة عمارة دنقس!؟ و معركة أربجي الفاصلة التى أفضت إلى قيام الدولة أكانت بين النوبة أهل علوة من جهة و بين تحالف الفونج والعبدلاب من جهة أخرى!؟ أم أن هذه المعركة كانت بين العرب و الفونج أنفسهم، حيث كان العرب قد أسقطوا ملك النوبة في سوبا مسبقاً و حكموا الأرض، فإذا بجموع الفونج تأتيهم على ظهور المراكب من أعالي النيل لتصطدم بهم في أربجي و تلحق بهم الهزيمة التي يضطرون بعدها للدخول في صلح "غالب و مغلوب مع الفونج" الذين قبلوا بإقرار العبدلاب على ما بأيديهم من الأراضي مقابل الدخول في طاعتهم !؟ و إذا انتقلت غرباً ماذا يعرف الناس عن الممالك التي قامت في دارفور و كردفان باستثناء النذر اليسير عن دولة الفور! ماذا نعرف عن دولة المسبعات في كردفان!؟ أو عن مملكة المساليت في أقصى الغرب؟ إن أهل تلك المناطق يحفظون تاريخاً مطولاً تناقلوه بالرواية عن أسلافهم، وعن معاركهم مع قبائل الدويلات المجاورة، عن سلاطينهم و ملوكهم، عن صداماتهم مع المحتلين الفرنسيين، إلى غير ذلك مما لم يتضمنه التاريخ المكتوب للسودان. . ماهي أصول النوبة الذين يسكنون الجبال المعروفة باسمهم في جنوب كردفان. ؟ . . و من أين جاء التشابه اللغوي الذي نجده في بعض المفردات -بينهم و بين نوبيي الشمال.؟

والقبائل التي سكنت و سط السودان مثل المحس في بحري و الخرطوم، و البطاحين والعسيلات في شرق النيل، و الجموعية في أم درمان و قبائل أخرى كثيرة في المنطقة مثل المناصير و غيرهم، منذ فترة مبكرة يحفظون تاريخاً شفاهياً متوارثاً لأحداث كثيرة و هامة و مثيرة, بعضها سجلته الذاكرة الروائية. . و بعضها الآخر سجلته الملحمة الشعرية . . الجموعية يتحدثون عن بطولات في معارك بينهم و بين بني جرار, و غيرها من القبائل، و الناس في كل السودان يحفظون و يرددون رائعة العبادي "ريَّة" التي سجَّل فيها وقائع تعود أصولها إلى أحداث حقيقية.

أما تاريخ الجنوب السوداني فهو قمة الشفاهية المختلطة بالأسطورة، حيث القبائل نفسها لا تعلم كثيراً عن أصولها التاريخية إلا من خلال الأسطورة! و الأغلوطة الكبرى تكمن في تاريخ مجيئها إلى السودان ! ! فهم يعتقدون أنهم الأقدم والأسبق في هذه الأرض - بحكم اللون والزنجية- في حين أن الوثائق التي أوردها الباحثون أمثال البروفسير محمد بشير عمر تقول إن أقدم القبائل النيلية لم يتعدَّ تاريخ وجودها فيها نحو400عام! . . حيث أن أغلب القبائل – باستثناء الشلك في أعالي النيل- لم تستوطن الجنوب – الذي كان عبارة عن أدغال موحشة- إلا عندما وصلته جحافل الفونج الذين أقاموا دولة مركزية وصلت حدودها جنوباً حتى غندكرو. . وعندما تمت مواجهة السياسيين الانفصاليين الجنوبيين بهذه الوثائق في مؤتمر المائدة المستديرة، أثاروا شغباً وخرجوا عن المؤتمر!.

شخصيات كثيرة كان لها أثرها العلمي و الدعوى و السياسي في السودان مثل الشيخ حمد ود أم مريوم الذي تنسب إليه حلة حمد، و كان معروفاً بالعلم و الورع والتزام جانب السنة و محاربة البدع، و مثله الشيخ فرح ود تكتوك صاحب المواقف الحكيمة و الجهود الإصلاحية، و الشيخ أرباب العقائد، و القاضي دشين المعروف بـقاضي العدالة، المشهور عنه وقوفه في وجه هرطقات حواريي الشيخ تاج الدين البهاري المسمى بـالهميم، الذي كان يجمع بين الأختين، و يزيد في الزوجات على الأربع، فقام القاضي دشين بفسخ أنكحته جميعاً. . و غيرهم من العلماء الذين كانوا يمثلون الطرف المستنير في مجتمع غلبت عليه الخرافة و الشعوذة التي نشرتها الحركة الصوفية الباطنية التي اجتاحت السودان من الشام و مصر. . لا تكاد تجد لهم ترجمة أو تعرف عنها شيئاً إلا عند ود ضيف الله ، هذا الكتاب الذي يرهق عقل القارئ العادي قبل- الباحث المدقق- من كثرة ما فيه من أغاليط و أساطير. . هذا الكتاب رغم وضعيته هذه و خطورة شأنه في التاريخ السوداني لم يجد أحداً الباحثين يهتم بتحقيقه و مراجعة مروياته، اللهم إلا تحقيق البروفسير يوسف فضل له و هو عبارة عن تحقيق مخطوطات ليس أكثر. . و كتاب آخر للشيخ الأمين الحاج محمد أحمد "وقفات مع كتاب الطبقات" وهو على فائدته العظمى عبارة عن ملاحظات و تعليقات على الأخطاء الشرعية و المنهجية التي تضمنها الكتاب تفيد القارئ العادي حتى لا يقع في منزلق الخرافات التي أوردها الكاتب و لكن الكتاب لم يتعرض للنقد و التحقيق التاريخي بمعنى مراجعة مروياته و مقارنة أحداثه بالوقائع و القرائن التاريخية التي وردت من طرق أخرى مروية كانت أم مدونة. . هذا لم يحصل حتى الآن و حتى في التاريخ القريب . . منذ التركية السابقة و حتى الاستقلال – أكثر فترة حظيت بالكتابة – ما زال التاريخ يعاني من الضبابية و الغبش، و انعدام الرؤية المحايدة الملتزمة بالحقيقة. . فما زلنا نقرأ تاريخنا مما كتبه نعوم شقير و سلاطين، و نكون رؤانا إما بعيون غربية، أو من خلال مرآة محدبة تضخم الذاتية السودانية على حساب الحقيقة!! مثلاً مراجعنا حتى الآن في تجربة دولة الزبير باشا الإسلامية - التي ولدت في قلب الجنوب السوداني و امتدت حتى دارفور- هي كتابات نعوم شقير و سلاطين. . و ما زلنا لا نجرؤ على تقديم دراسة حقيقية مقنعة تعتمد مصادراً أخرى كالرواية الشفاهية و الوثائق المخطوطة و الرسائل و المكاتبات، ترد الصورة الشائهة التي رسمها الغربيون و التي تختزل شخصيته في هيئة أكبر تجار الرقيق في إفريقيا. . ! ! أو من خلال علاقته بالدولة التركية باعتباره أحد الذين يحكمون عنها بالوكالة. . إنما التجربة في حد ذاتها كيف حدثت و كيف تنامت و كيف استمرت وكيف انتهت و انهارت، و ما هي امتداداتها. . ! هذا ما لم يفعله أحد من متخصصي التاريخ الكثيرين في السودان! مع أن العهد قريب و أحفاد الزبير باشا المباشرون موجودون، و أبناءه و أبناء مساعديه إلى عهد قريب كانوا موجودين.

ثمة شخصية أخرى، لا تقل خطراً و أثراً و أهمية عن الزبير باشا، هو رابح فضل الله أحد مساعدي الزبير باشا- و من بعده ابنه سليمان- الذي أسس مملكة في غرب إفريقيا- على أنقاض برنو و وداي- افترشت أراضي أربع من الدول الحالية؛ وهي تشاد و الكميرون و مادغري في نيجيريا، و بعض نواحي النيجر. . وهو الرجل الذي هزم الفرنسيين، و كسر قادتهم العظام في عدد من المعارك الطويلة منذ عام 1881م وحتى1900م، حيث قُتل رابح و هو يواجه الفرنسيين في آخر معاركه،التي وقعت في موضع بين غابة كسري – في الكاميرون- و نهر لجون على الحدود مع تشاد الحالية، حيث أطلق رابح – وهو جريح ملقى على الأرض- النار على القائد الفرنسي فورت لامي الذي جاء ليقف فوق جثته و يلقي عليه نظرة المنتصر فأرداه قتيلاً. . و مع ذلك لا نجد لـرابح ذكراً في تاريخنا إلا أنه كان مساعداً لسليمان بن الزبير و عارضه واختلف معه عندما صدق سليمان الخديعة التي رتبها له غردون باشا و جسي و أدت إلى مقتله فيما بعد, فارقه رابح واتجه غربا حيث أسس دولة . .

تجربةالدولة المهدية نفسها و شخصية الخليفة عبد الله التعايشي، ما هي خلفياتها الحقيقية ! ! ؟ و ما مدى صحة الروايات الكثيرة المحفورة في الذاكرة الشعبية عن المظالم في فترة حكمه !؟ ما الذي فعله الجهادية بالناس في السودان!؟ و هل صحيح أن السودانيين هم الذين هرَّبوا سلاطين ليأتيهم بالجيش الذي سيخلصهم من حكم الخليفة !؟

وبعد دخول الإنجليز السودان و استباحتهم أم درمان. . ما هي حقيقة هذه الاستباحة ؟ و من هي الشخصيات السودانية التي كانت ملجأ للناس في تلك المحنة.؟ ! هناك أسماء كبيرة من العلماء و الأعيان و غيرهم ممن كان لهم أثرهم الكبير في الحفاظ على عقيدة الأمة المسلمة و دينها في وجه الإنجليز الذين جاؤا بنفسية الثأر لغردون باشا، منهم الشيخ التقلاوي الكبير. . و الشيخ محمد البدوي شيخ علماء السودان مؤسس معهد أم درمان العلمي.

إن أزمة التاريخ المكتوب في السودان لم تكن وليدة الأمية و عدم التعليم، بل إنها الطبيعة السودانية التي تميل إلى الحكاية أكثر من الكتابة و التدوين، فحتى رواد الحركة و الوطنية و قادة مؤتمر الخريجيين الذين شهدوا الأحداث الكبرى لم يهتموا بالتدوين و الكتابة، إلا مذكرات متفرقة هنا و هناك لخضر حمد أو حسن نجيلة . . بينما يكتب محمد أحمد محجوب – وهو الأديب – كتاباً واحدا هو خليط من المذاكرات و التقييم السياسي "الديمقراطية في الميزان !! "و حتى المتخصُّصون في التاريخ الذين بلغوا من العلم في هذا الفن المدى، يهتمون بالمحاضرة أكثر من الكتابة . . و يخرجون علمهم في قاعات الدرس أكثر من إخراجه على الورق . . و إذا كتبوا فهي المقالات في الصحافة و بالكاد الأبحاث في المجلات العلمية المحكمة،ونذر يسير جداً من الكتب . . وهكذا تستمر الأزمة و تتسع الأقاليم الرمادية في التاريخ السوداني جداً. . يحصل هذا في الوقت الذي بدأت تنقرض فيه الذاكرة المجتمعية الشفاهية بنشأة جيل لا يكترث كثيراً لمعرفة هذا الميراث الروائي

descriptionالسودان  قصة تاريخ لم تكتب Emptyرد: السودان قصة تاريخ لم تكتب

more_horiz
فعلا معك حق اخونا الشفيع واكيد ينتهى بانتهاء كبار السن
ولابد من وقفة مع موضوعك هذا
ولك شكرى وتقديرى

descriptionالسودان  قصة تاريخ لم تكتب Emptyرد: السودان قصة تاريخ لم تكتب

more_horiz
الاخ الشفيع
لك التحية وانت تمتعنا بالحقائق التى لابد ان يتحرك الكتاب وكتاب التاريخ العربى والاسلامى والسودانى على وجه الخصوص لتبيين الحقائق واذا كان من الاسماء المقترحة للسودان يومها سنار فما هى سنار الجغرافية والتاريخ وسياسيينا الكبار لم يهتموا بالتوثيق فهذه حقيقة ادركها الراحل الاستاذ احمد خير فبدا كتابة كتابه الفريد والشهير كفاح جيل والذى اظنه لم يشار اليه لامن قريب ولابعيد ولذلك كنت من من نادى باعادة كتابة وصياغة التاريخ الاسلامى والسودانى على وجه الخصوص اما ماذكر عن كتاب الطبقات فهو كتاب انساب وسير شعبية اكثر منه كتاب تاريخ اذ الاعتماد فيه على السماع وليس المكتوب اما الا عتماد على نعوم شقير وسلاطين باشا فهم من وجد الفرصة للكتابة فهنالك ايضا توثيقات لا نشك فى نزاهة من قام بها وحرصه الكامل على التوثيق وعرف عنه دقته المهنية وكفائته العالية الاستاذ محمد ابو سليم الاب الروحى لدار الوثائق المركزية كما يسمى وكثير من مشايخ الطرق الصوفية كتب عن اصولها ومن اين اتى مؤسسيها وكتابتهم متداولة بين اتباع طرقهم
اذن لابد من نفرة وتاسيس جامعة مختصة بجمع وكتابة وصياغة التاريخ السودانى والاسلامى بحيادة تامة ونزاهة من غير تضليل وتضخيم وتحقير والى ان يتم ذلك ستكون الروايه هى الاصل فى التاريخ متبوعة باحاسيس الراوى من تاييد او كره
محمد قسم السيد حمد
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد